بقلم - نشوى الحوفى
حكومة الجزر المنعزلة. توصيف يليق ببعض المسئولين فى بلادى الذين تربطهم أواصر الحكومة وتجمعهم جلساتها أسبوعياً ولقاءاتهم بين الحين والآخر. وتظن -وبعض الظن إثم- أن ما من بيان أو نشرة أو تصريح صادر من مسئول إلا وقد تم التنسيق مع غيره من المسئولين كى لا يَحدث تعارض فى المعلومات وتكون الصورة كاملة لدى متخذ القرار والثقة حاضرة لدى المواطن فى الحكومة وفعلها. ولكن ما يحدث فى مجال الاستثمار بالقطاع الخاص يؤكد أن ما ذكرته كما قلت محض ظن.
فعلى الرغم من بيان البنك المركزى الأخير الذى أشار فيه البنك لتراجع قيمة الاستثمار المباشر فى مصر بنسبة 8.2% فى التسعة شهور الأولى من العام المالى 2017 - 2018، فإن نشرة وزارة الاستثمار الصادرة فى شهر مايو الماضى تغافلت عن ذكر تلك الحقيقة ونشرت معلومة زيادة الاستثمار الأجنبى المباشر بنسبة 14.5% فى العام المالى 2016 - 2017. رغم أن النشرة صادرة فى مايو 2018 وتحدثت عن الاستثمار المباشر على المستوى المحلى فى بدايتها، وقالت إنه زاد بنسبة 54% فى العام المالى 2017 - 2018! وهو ما يطرح علامات تعجب عن نشر الوزارة فى نشرتها لبيانات مخالفة لبيان البنك المركزى المنوط به وضع سياسات المال فى مصر، نظراً لدقة معلوماته. فهل هناك من راجع نشرة الوزارة وتوقف عند هذا التناقض المتعمد لإغفال حقيقة تراجع الاستثمار المباشر وفقاً لبيانات المركزى؟
الواقع أن نشرة وزارة الاستثمار كان بها أكثر من تناقض لا مع البنك المركزى فحسب، ولكن مع تقرير «حالة المدن الأفريقية 2018.. جغرافيا الاستثمارات الأفريقية» الصادر عن الأمم المتحدة فى شهر يونيو الماضى، والذى ذكر احتلال مدينة القاهرة المركز الأول فى جذب الاستثمار على مستوى أفريقيا، مؤكداً أن غالبية ذلك الاستثمار من القطاع الحكومى لا القطاع الخاص كما ذكرت نشرة الوزارة، كما ذكر التقرير أن الإسكندرية تحتل المركز 22 بين المدن الأفريقية، بينما المغرب التى تصدرت مدينة طنجة فيها المركز الثالث فى التقرير الأممى جاءت تالية لها مدن مغربية أخرى كمراكش ومكناس -فى إشارة إلى تباعد الفجوة بين المدن المصرية فى جذب الاستثمار- بينما تذكر نشرة الوزارة الصادرة فى مايو أن مدينة الجيزة هى التالية للقاهرة فى معدل إنشاء شركات القطاع الخاص بنسبة 18.1% تليها الإسكندرية بنسية 5%!
ليس بيان «المركزى» ولا نشرة الوزارة فقط ما يثيران علامات الاستفهام حول تطابق المعلومات فى ملف من أكثر ملفات الوطن أهمية، ولكن خريطة الاستثمار أيضاً التى من المفترض أن تكون موحدة البيانات والمعالم وصادرة عن الحكومة المصرية لا عن وزارة الاستثمار بمفردها أو وزارة الصناعة والتجارة بمفردها. ولكن ما حدث يا سادة أن وزارة الصناعة والتجارة أطلقت فى أكتوبر من عام 2017 خريطة الاستثمار الصناعى فى مصر. ثم أعلنت وزارة الاستثمار عن تدشين خريطتها الاستثمارية الخاصة بها فى مصر أيضاً! بينما المنطق يقول إن كلتا الوزارتين يخدم بعضهما البعض مع جميع الوزارات الأخرى التى تحتاج لجذب يد الاستثمار، مثل وزارة الصحة والبيئة والنقل والإنتاج الحربى وغيرها من الوزارات الموجودة فى بر مصر.
ناهيك عن عبارات احتضان وحل مشكلات وتشجيع الاستثمار متناهى الصغر التى تتناولها نشرة الوزارة، التى تشعر عند الانتهاء منها بترتيب الكلمات لا ترتيب الحقائق والمعلومات وشتان بينهما. والفارق هو الفيصل بين كلمات تُقال وواقع يُعاش.
وللحديث بقية...
نقلا عن الوطن
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع