توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لبنان: ترحيل تأليف الحكومة للخريف

  مصر اليوم -

لبنان ترحيل تأليف الحكومة للخريف

بقلم-حنا صالح

دخل تكليف الرئيس سعد الحريري تأليف الحكومة اللبنانية شهره الرابع، وكل حديث عن «معطيات» و»أفكار» و»حلحلة» ليست إلاّ ّذراً للرماد في العيون بهدف التعمية على الحقيقة، وأكثر من ذلك كل ما جرى تصويره من أن التسوية الرئاسية التي أنهت الفراغ السياسي وجاءت بالعماد عون إلى رئاسة الجمهورية وأعادت الرئيس الحريري إلى القصر الحكومي، أدخلت لبنان مرحلة العهد القوي(..) انتهت، وأساساً لم يكن موجوداً إلاّ في ذهن من روج له. الثابت الوحيد، عشية انتهاء الثلث الأول من ولاية رئيس الجمهورية، أن لبنان يشهد استمرارية للعهد السابق لجهة استهلاك الأشهر الطويلة في تشكيل الحكومات لكن مع الكثير من الكاريكاتور الذي يدفع للأسى ولا يرسم إبتسامة.
صحيح كل ما قيل عن العقد التي تعترض مهمة الرئيس المكلف تأليف حكومة أسموها حكومة «وحدة وطنية»؛ فعقدة التمثيل المسيحي موجودة، وإثارة مسألة التوريث من جانب رئيس الجمهورية الذي اعتبر الوزير باسيل متقدماً في السباق فاقم من هذه العقدة مع الإصرار العوني على 11 مقعدا في مجلس وزراء من 30، أي الثلث المعطل بما يوفر لهذه الجهة الهيمنة على القرار الحكومي وتوجيهه، وهناك مسألة التمثيل الدرزي أيضاً، إلى جانب مسألة تمثيل السنة خارج التيار الأزرق، وطبعاً كل الذين يتحدثون عن حكومة «وحدة» و»وطنية» لم يتوقفوا عند اعتبار أن الوحدة والوطنية تفترض معالجة عقدة أخرى، هي كيفية تمثيل الأكثرية التي شكل امتناعها عن المشاركة في العملية الانتخابية إدانة لكل الطبقة السياسية ورفضاً للعصبيات الحزبية الطائفية والعائلية.. 
لكن مع كل الوقائع أعلاه وكل الكلام المستند لقراءات مختلفة عن الأوزان والأحجام المنفوخة، فإن ما يجري ليس أكثر من ستار لإخفاء خلافات اساسية أكبر، لأن صراع الحصص لا يمكن أن يكون مبرراً لإرجاء التأليف واستمرار الفراغ ومعه يتدهور حتماً دور ومكانة الحكم، إذ من المعروف أن الصلاحيات الواسعة جداً موجودة حصراً في يد مجلس الوزراء الذي عندما يتعطل يقفل البرلمان أبوابه وتصبح رئاسة الجمهورية في شبه إجازة و.. يتعطل البلد.
في السياسة لا يمكن في المحطات الكبرى ألاّ يأخذ لبنان البلد الصغير المحاط بالنار والأطماع ما يدور في المنطقة وما هو آتٍ. يعني أن العقوبات الأميركية على إيران والتي طُبِّقت الحزمة الأولى منها وتمنع التعامل بالدولار مع إيران، والحزمة الثانية الأشد تأثيراً التي تطال النفط ومشتقاته آتية في الرابع من نوفمبر (تشرين الثاني)، لن يكون لبنان بمنأى عن التأثر بها، لأنها أُرفقت بموقف صريح من الرئيس ترمب: «من يتعامل مع إيران لن يكون بإمكانه التعامل مع أميركا». وهنا السؤال بمواجهة العقوبات التي تعلن واشنطن أن هدفها تغيير سلوك إيران وإنهاء دورها المزعزع لاستقرار المنطقة، ماذا سيكون موقف «حزب الله»؟
مسألة أُخرى كبيرة على الأبواب وهي طلب المحكمة الدولية من الادعاء ووكلاء الدفاع مناقشة نهائية للأدلة في سبتمبر (أيلول) القادم تمهيداً لمذاكرة نهائية وحكم نهائي في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري، ووضع حدٍ لتاريخ طويل من الإغتيالات السياسية الكبرى التي قُيِّدت ضد مجهول. في نفس الوقت تضغط جهات لقيام حكومة تطبيع مع النظام السوري!! والتهديد الأبرز أطلقه السيد حسن نصر الله الذي «نصح»، ويقصد الحريري، بـ»عدم أخذ مواقف سيتم التراجع عنها»، داعياً لتأليف سريع لحكومة تعكس نتيجة الانتخابات، أو عليكم مواجهة مطالب أكبر للحزب يُرجح أن تكون زيادة مقاعد في حصته الوزارية! وقال الوزير رفول ممثل رئيس الجمهورية والزائر دوريا للعاصمة السورية وبتكليف من خارج الحكومة أن «مصلحة اللبنانيين تقتضي تطبيعاً كاملاً للعلاقات مع سوريا المنتصرة شاء من شاء ذلك وأبى من أبى».
طبعاً نتيجة الانتخابات كان قد حددها الجنرال قاسم سليماني بـ»وجود 74 نائباً يوالون حزب الله»، وأنه «مطلوب تأليف حكومة المقاومة» أي حكومة حزب الله وبرئاسة الحريري الذي نال إجماع 112 نائباً كلفوه تأليف الحكومة إلاّ حزب الله، وتكون مهمة هذه الحكومة قيادة مرحلة طي صفحة المحكمة الدولية والجلوس مثلا مع الجنرال علي المملوك المطلوب من القضاء اللبناني بمذكرات توقيف بتهم أقلّها تفجير البلد، وكذلك قيادة مرحلة الانتقال من شعار «النأي بالنفس» عن صراعات المنطقة، وهو شعار خرقه «حزب الله» على الدوام، إلى مرحلة إنخراط لبنان كلية في محور الممانعة، وهذا الأمر إذا ما تم فرضه فهو الخطورة بعينها على البلد، ولا بأس بعد ذلك من استخدامه، ولا سيما قطاعه المصرفي، كبوابة خلفية للإلتفاف على العقوبات الأميركية وليتحمل لبنان النتائج، وهذا موضوع عجزت دول كبرى عن تجاوزه.
تقول مصادر الرئيس المكلف أنه «يعتصم بالصبر والثبات» ويرفض الابتزاز، وكثير من الأمور لم تتضح صورتها بعد. الوضع في سوريا ما زال مأزوماً ولم يجد بعد طريقه لتسوية سياسية ترضي السوريين وتسمح بعودة اللاجئين وبدء إعادة الاعمار، والمحكمة الدولية هي حق لكل اللبنانيين بالعدالة بعد عقود من نهج تصحير لبنان من بعض أبرز كباره. ويشي نهج الحريري لتأليف الحكومة أنه يريدها متوازنة إلى حدٍ ما، لأن الانتخابات بما لها وما عليها لا تعكس حقيقة واقع البلد، فتؤمن الحكومة استمرارية التسوية وتضع لبنان على مسافة من الجميع فتعيد التوازن إلى علاقاته الخارجية وتشكل تالياً أداة درء الأخطار عن البلد.
بعيداً عن العقد والعقبات وما يريده النظام السوري من سعي لعودة مباشرة، وطموحات حكام طهران بالهيمنة من خلال وكيلهم «حزب الله»، فإن تأليف الحكومة في لبنان ليس مشكلة ظرفية، بل مشكلة طغت بعد اتفاق الدوحة يوم تم استبدال آليات تأليف الحكومات وفق مرجعية الدستور بتسويات من خارجه، بعدما تم إدخال البدع على الممارسة السياسية من نوع: حكومة مبتورة، الميثاقية، الثلث المعطل، المكون الطائفي الخ.. والطريف في الموضوع أن كل هذه البدع يتم نسبها إلى «أقوياء» رفضوا ممارسة الحكم استناداً للدستور وتباهوا بارتباطهم بقوى إقليمية ينفذون أجنداتها الخاصة، ومعهم انحدرت مكانة لبنان وانعدم دوره.
عرف لبنان في تاريخه الاستقلالي حكم الرئيس اللواء فؤاد شهاب الذي وُصف في حينه بالضعيف، فيما كانت أزمة العام الـ58 المسلحة قد أفرزت بطاركة لكل الطوائف، فتمسك الرئيس بالدستور واشتهر بكلمة يرددها: لن أنفذ إلاّ ما جاء في الكتاب، أي الدستور. وشهد حكمه بناء دولة الرعاية والحماية والقانون وانطلاقة لبنان الذي يُحكم من خلال المؤسسات الملتزمة القانون العام، وكانت حقبة بروز الكفاءات وتحقيق تقدم كبير على طريق الشفافية، وحين طرأ طارئ حدودي التقى رئيس الجمهورية العربية المتحدة (مصر وسوريا) الراحل عبد الناصر في خيمة أُقيمت على حدود البلدين. فقط للذكرى وبرسم الأقوياء.

 

نقلا عن الشرق الاوسط 
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان ترحيل تأليف الحكومة للخريف لبنان ترحيل تأليف الحكومة للخريف



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon