بقلم : طارق الشناوي
كان ولا يزال يقيني أنه لا يوجد ما يسمى في المطلق الزمن الجميل، هناك جمال قادر على تحدي الزمن، وآخر يقهره الزمن، عندما نُطل على الماضي، نكتشف أن ما استقر في مشاعرنا وخيالنا هو فقط الجميل، إلا أن هذا لا يعني أن الزمن كان كله، «جمالاً في جمال».
عشت نحو ساعتين في المسرح مع برنامج «الزمن الجميل» المعروض على قناة أبوظبي من إنتاج شركة أبوظبي للإعلام، وذلك بعد أن تلقيت دعوة من الصديقة العزيزة والإعلامية الرائعة نشوى الرويني.
قبل الهواء استمتعت بلقاء سريع مع المطرب الكويتي الكبير نبيل شعيل «بلبل الخليج» الذي أعتبره ليس فقط أحد أهم عناوين الطرب في الخليج العربي، ولكن من أكثرهم قدرة على النفاذ للقلب، علمت منه أنه بصدد تسجيل «تتر» المسلسل الرمضاني «زلزال» الذي يلعب بطولته محمد رمضان ويشهد عودة حلا شيحة، كان نبيل هو فاكهة البرنامج، بأغانيه الشجية والتي بدأها برائعته «ما أروعَك»، البرنامج يحتفل في كل مرة بقيمتين راسختين في حياتنا الغنائية، وكانا هذه المرة هما «القيثارة» أسمهان، و«مطرب العرب» محمد عبده، وتلك الصفة أطلقها عليه الرئيس التونسي الأسبق الحبيب بورقيبة.
صياغة البرنامج أشبه بمن يرسم لوحة بكل تفاصيلها وظلالها، كل المطربين المشاركين في الحلقة يقدمون لنا تنويعات على روائع الماضي لكل من أسمهان ومحمد عبده، لا يغفل البرنامج دوره التثقيفي، وهكذا نتابع ملمحاً من تاريخ المطربين الكبيرين، وحكايات مكثفة، عن الأغاني التي نستعيدها بأصوات جديدة.
المطربون المشاركون على المسرح في امتحان قطعاً عسير، ليس فقط أمام لجنة التحكيم المكونة من النجوم: أنغام، وأسماء المنور، ومروان خوري. لكن لجنة التحكيم الأشد صرامة هي الجمهور، حيث إنهم في المراحل النهائية يملكون القرار، ومن خلال التصويت، يتحدد المصير لنعرف من سيُكمل المشوار؟
الأصوات في مجملها رائعة، كما أن لجنة لتحكيم لديها دائما لمحات خاصة في التقييم، لأنهم يمارسون المهنة فهم أدرى بشعابها، ومن أروع ما قيل كيف أن المطرب الجديد عندما يعيد مثلاً تقديم واحدة من أغنيات أسمهان أو محمد عبده، فهو لا يُقدم صورة من أصل، ولكنه يأخذ الأغنية لأرضه ومشاعره وإمكانياته فيصبح وكأنه الأصل، وهو ما أطلقت عليه أنغام تعبير الصوت الذكي، فهو يبتعد تماماً عن التقليد ليقدم لنا في تفاصيل الأغنية إحساسه وعصره.
وتبقى لحظة الذروة في البرنامج وما تمثله من قسوة على المطرب الذي لن نراه في الحلقة المقبلة، هذه المرة تلقاها بصدر رحب المطرب الفلسطيني أحمد العباسي، الحاصل على النسبة الأقل من إعجاب الجمهور، بينما نال القدر الأكبر المصري محمد شطا.
هل الجمهور يصفق للجنسية أم للجمال الفني؟ أتمنى أن يحقق البرنامج، مع تراكم الحلقات، هذه القيمة، الفن بطبعه لا يعترف بالجنس أو اللون أو الجنسية، لجنة التحكيم يحكمها هذا المنهج، مروان خوري لا ينحاز لمطرب لبناني، وأسماء المنور لا تمنح صوتها لمطرب مغربي، ولا تُشجع أنغام المصري، الثلاثة يبحثون عن الأفضل.
أعترف لكم أني تعاطفت مع المطرب الفلسطيني «العباسي» الذي يملك إحساساً ونبضاً، ولكننا نلتزم بالديمقراطية، علينا ألا نصادر حق الجمهور.
برنامج «الزمن الجميل» سره وسحره، في أنه يراهن على الجمال العابر للأزمنة، أتمنى مع استمرار حلقاته، أن يؤكد أن الجمال عابر أيضاً لجواز السفر.