بقلم - طارق الشناوي
قبل نحو 74 عاما ماتت أسمهان غريقة، أشارت أصابع الاتهام إلى صراع بين جهازى المخابرات البريطانى والألمانى، حيث إن أسمهان كانت لديها علاقات متشعبة في الجهازين، الرأى العام مارس ضغوطا على فريد الأطرش لكى يطالب بتشريح جثة شقيقته، لأنهم تشككوا في واقعة غرق سيارتها وهى في طريقها لرأس البر، إلا أن فريد لم يجرؤ على التقدم بهذا الطلب، القرار يتعلق بأجهزة حساسة، ولا تنسى أن مصر كانت واقعة تحت الاحتلال البريطانى، وهناك العديد من المحاذير، لا يمكن القفز عليها ببساطة.
في منتصف الشهر القادم سوف ينطلق من هوليوود فيلم (الملاك)، وكما أشار د. محمد أبوالغار، أمس، على صفحات «المصرى اليوم»، ويُكمل باقى الحكاية اليوم، قطعا سيرى العالم الفيلم، وأقصى ما يمكن أن يحدث هو أن مصر والعالم العربى ستمنعه من التداول، ولكن هل معنى ذلك أن الخطر قد توقف؟ قطعا سيراه الجميع، وفى غضون أشهر قلائل سنجده بالمجان على (اليوتيوب)، وهو يشير إلى نجاح المخابرات الإسرائيلية (الموساد) في تجنيد أشرف مروان للعمل لصالح إسرائيل، سنظل نحن (مفعولا به) وكأننا جيران لمدحت صالح نعيش (فى كوكب تانى).
إنها قطعا قضية أمن قومى، لا تخص عائلة الرئيس جمال عبدالناصر، لأن أشرف كان زوجا للسيدة منى عبدالناصر، نحن في مواجهة مع العالم، نظريا حظى أشرف مروان بثقة ثلاثة من رؤساء الجمهورية المتعاقبين عبدالناصر والسادات حتى حسنى مبارك الذي أمر فور رحيله بإقامة جنازة عسكرية، وأصدرت مؤسسة الرئاسة بيانا لتأكيد وطنية أشرف مروان.
المخابرات الإسرائيلية أطلقت عليه (ملاك)، بينما المخابرات المصرية تعتبره ملاكا لنا شيطانا عليهم، إسرائيل كثيرا ما احتفت به باعتباره بطلا يشى بالأسرار لصالح (الموساد)، منذ أن تواجد كضابط صغير في مكتب الرئيس عبدالناصر في منتصف الستينيات، وبعدها بعام واحد تزوج من ابنته فاقترب أكثر، كان يُقدم لهم معلومات أدت إلى هزيمتنا في 67، بل في 73 يؤكدون أنهم أخطأوا عندما لم يتعاملوا بالجدية المطلوبة مع المعلومات التي باح بها، بينما كان الرئيس السادات يعتبره بطلا مغوارا يضلل الموساد، بمعلومات ترى الأجهزة السيادية أنها تلاعب بها إسرائيل.
الغموض صاحب حياة أشرف مروان حتى رحيله أيضا منتحرا في لندن قبل 11 عاما، ولا ندرى هل هي جريمة من المخابرات الإسرائيلية، أم أنه انتحر تحت وطأة أدوية الاكتئاب كما هو متداول؟
ظل أشرف، ومنذ اغتيال السادات، وهو لديه قناعة بأن الدور عليه وهو مستهدف من (الموساد)، فلقد خدعهم كعميل مزدوج، عادة الجاسوس يحمل هذه الصفة، ويظل الأمر متعلقا في النهاية بالولاء، حاولوا مثلا في نهاية الخمسينيات تجنيد المطرب سمير الإسكندرانى في الموساد، وتمكنت المخابرات المصرية من استقطابه فصار عينا لنا عليهم، أيضا قصة الإسكندرانى ينبغى أن تروى.
من الذي يملك الحقيقة في لعبة المخابرات؟ الموساد لديهم مرونة في كشف تفاصيل، نحن لانزال نحتمى بالسرية.
أشرف سيدخل التاريخ العالمى الشعبى من خلال الفيلم كجاسوس باع وطنه، ويجب ملاحظة أن التاريخ الشعبى لا يقل أهمية عن التاريخ العلمى الموثق، ولم تكن المرة الأولى، حاولوا من قبل تشويه (رأفت الهجان) أقصد رفعت الجمال، اسمه الحقيقى، وقالوا أيضا إنه عميل لهم، وهو ما فعلوه في مرحلة سابقة مع (جمعة الشوان)، أقصد أحمد الهوان. اللعب مع (الموساد) لا يتوقف، حكى فاروق حسنى، وزير الثقافة الأسبق، أنه خلال تواجده في فرنسا كان يعمل لحساب المخابرات المصرية، ويُقدم تقارير عن الشباب المصرى، حيث كانت الأجهزة تخشى من تجنيدهم لصالح إسرائيل، كما أنه قدم الكثير من الخدمات الأخرى للمخابرات، وما يتردد أن أشرف مروان كتبت ضده تقارير من المخابرات تُشير إلى جنوح ما في سلوكياته .
المطلوب قطعا فيلم عالمى ضخم، على غرار الفيلم الذي طلب الرئيس أنور السادات من عمر الشريف أن يتولى الإشراف عليه ويرشح مخرجه وأبطاله العالميين، ولكن كما ذكر لى عمر أنه كان يخشى أن يهاجم الفيلم عند عرضه، وبالتالى يصب الجميع الغضب ناحية عمر الشريف.
أيا ما كانت مشروعية التخوف، فإن علينا الآن أن نقدم فيلما عالميا يتصدى للفيلم الإسرائيلى، أكرر فيلما عالميا وليس على طريقة أفلام نادية الجندى التي اقتحمت بها الموساد الإسرائيلى وهى تردد (خالتى بتسلم عليك)!!.
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع