بقلم - طارق الشناوي
ليس فقط أشرف مروان هو المقصود، هناك خطة خبيثة لتقديم أفلام تتناول العديد من الشخصيات المصرية الوطنية باعتبارهم عملاء لإسرائيل، الحجة أنهم مزدوجون، إلا أن فى نهاية الأمر الولاء لإسرائيل، إنهم يحاولون تزوير التاريخ، بينما نحن لا نزال صامتين، لا نقدم أعمالا فنية عالمية تتصدى للهراء الإسرائيلى، الذى سينال من عدد كبير من أخلص وأشجع الرجال الذين حملوا أرواحهم على أكفهم واخترقوا (الموساد) .
إسرائيل تعتبرهم رجالها الذين صنعوا انتصاراتها، هدف إسرائيل من بث هذه الأفلام مزدوج، الأول زعزعة ثقة المصريين فى الحقيقة التى رسختها عدد من الأعمال الفنية مثل (دموع فى عيون وقحة) والذى كان يروى حياة جمعة الشوان واسمه الحقيقى أحمد الهوان، أدى دوره عادل إمام قبل 35 عاما، وأيضا (رأفت الهجان) أو رفعت الجمال الذى أدى دوره محمود عبدالعزيز قبل 30 عاما، لقد صارت موسيقى (الهجان) بمثابة جذوة تُثير فى النفوس إحساس العزة الوطنية، ومؤخرا أثناء استقبال ملك البحرين حمد بن عيسى للرئيس السيسى تم عزفها مباشرة بعد السلام الوطنى.
من نعتبرهم قد اخترقوا الموساد الإسرائيلى، يحرصون على تقديمهم باعتبارهم أصدقاء لإسرائيل، لديهم هدف أسمى وهو تحقيق السلام، من تلك الزاوية أطلوا على أشرف مروان، ليس هذا هو فقط الهدف، هم أيضا يريدون الدفاع عن المخابرات الإسرائيلية، باعتبارهم قادرين على حماية أمن إسرائيل، وأن الميزانيات الضخمة التى ترصد لهذا الجهاز، بعد أن تعرض للكثير من الاهتزازات، هى ضريبة حتمية للحفاظ على الأمن، زادت التساؤلات فى السنوات الأخيرة عما قدمه هذا الجهاز الذى تعرض للاختراق أكثر من مرة، كثرة الاتهامات حول فشلهم فى تحقيق هذا الهدف دفعتهم لتقديم فيلم (الملاك). كان أحد كبار الشخصيات الأمنية الإسرائيلية قد أعلن كيف تمكن أشرف مروان من خداعهم بعد أن اكتسب فى البداية ثقتهم فكانت فضيحة تناولتها العديد من الأقلام الصحفية.
هناك خيط شائك يؤثر على تقييمك للشخصية من خلال زاوية الرؤية التى تُطل منها، بدليل أن أسرة الرئيس جمال عبدالناصر كانت على خلاف حاد مع أشرف بعد أن اقترب من الرئيس أنور السادات وصار مستشاره الأمنى، مساحات ملتبسة من الشك أصابت أشرف مروان حتى فى الداخل، رغم أن التكريم الذى حظى به من رئاسة الجمهورية بعد رحيله 2007، يؤكد أنه بطل قومى قدم الكثير للوطن.
شاهد العديد من المصريين الفيلم الجمعة الماضية بعد طرحه للعرض العام على شاشة (نتفليكس)، صار الشريط متاحا للجميع، اعتبر البعض أن المأزق الحقيقى ليس فى الفيلم، ولكن فى الدعاية والترقب التى صنعناها نحن، وأن تراجع مستوى الشريط السينمائى الإسرائيلى الأمريكى المشترك سيؤدى حتماً إلى انزوائه، وأن الأمر أخذ أكبر من حجمه بكثير.
وتلك نظرة قاصرة، الفيلم صار وثيقة شعبية تصب لصالح إسرائيل، رغم عدد من الأخطاء التى نأخذها على الفيلم مثل عدم إتقان اللهجة المصرية، أو صورة العلم المصرى بما لا يتوافق زمنياً مع الأحداث وضعف أداء الممثلين وغيرها، هذا فى الحقيقة لا يعنى الكثير، بينما الرسالة المباشرة التى سيتحقق لها الرواج، مصرى متزوج من ابنة عبدالناصر كان عيناً للموساد من داخل بيت الرئيس، لتكسب إسرائيل المعركة على شريط سينمائى، بعد أن خسرتها على أرض الواقع، بينما نحن فى سبات عميق، لا حس ولا خبر، لا نهش ولا ننش!.
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع