توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

وهم المعرفة

  مصر اليوم -

وهم المعرفة

بقلم - سوسن الأبطح

مئات ملايين الأطفال في العالم لا يزالون محرومين من التعليم. منهم من يذهبون إلى المدرسة، لكنهم يخرجون دون أن يجيدوا كتابة جملة واحدة. أكثر من 600 مليون مراهق لم يحصدوا من الجلوس في الصفوف سوى تقييد حرياتهم، ومفاقمة ضجرهم. واحد من بين كل عشرة مراهقين في هذا الكوكب لا يتقن المهارات الأولية في القراءة أو الحساب، أضف إلى هؤلاء 250 مليون طفل لم تتح لهم أصلاً فرصة الذهاب إلى المدرسة.
الاجتماع الدولي حول التعليم الذي ينعقد في بروكسل الأسبوع المقبل، لن يناقش التفاوت بين الذكور والإناث على مقاعد الدراسة، ولا جودة التعليم، أو رعاية الطفولة وكفاءة الحضانات، كما جرت العادة في سنوات سابقة، بل سيكون المجتمعون أمام تحدي إيجاد حلول لشعب من الأطفال المهاجرين الذين يتزايد عددهم بسبب الحروب، وأيضاً نتيجة لهرب عائلاتهم من شظف الريف إلى المدينة، وكثير من الأحيان تكون الكوارث الطبيعية بعد التغير المناخي الذي جعل الفيضانات جزءاً أساسياً من أجندات الكوارث، دافعاً رئيسياً. ولهذا؛ فإن التقرير السنوي الذي صدر بالمناسبة عن «الهجرة والنزوح والتعليم»، وكيف يمكن للأمم أن تبني الجسور بدل الجدران في ظل هذه الظاهرة الإنسانية القاسمة، ينطوي على معلومات تستحق التأمل.
العام الماضي فقط تسببت الفيضانات العارمة في نزوح 8 ملايين شخص، وشرّد عدد يقاربهم من الناس، بسبب الأعاصير والعواصف. هذه المرة ليست سوريا ولا العراق اللتين تتصدران لائحة البؤس، وإنما الصين والفلبين وكوبا والهند. فبين «إعصار مورا» الذي ضرب بنغلاديش العام المنصرم و«إعصار إيرما» على المحيط الأطلسي، وما بينهما من عواصف تقتلع الزرع والضرع ساد خراب كثير لم يفرق بين أعراق أو ألوان.
تعددت أسباب النزوح، وتنوعت أشكاله ومناطقه الجغرافية، ومنه ما هو داخلي محلي أو خارجي دولي، لكن النتيجة الكارثية متشابهة. وما يحاول أن يجد له حلولاً 350 وزيراً ومسؤولاً في بلجيكا، هو كيف السبيل لإقناع الدول المانحة، دفع عشرة أضعاف ما ينفقونه حالياً، لتغطية تكلفة تعليم كل هؤلاء المحرومين الصغار من أبسط حقوقهم في المعرفة؟ وكيف يمكنك أن تعتبر التعليم أولوية، لجماعة من الناس ربما، لا تجد سقفاً يحميها، ولا تعثر على ما يسد رمق أطفالها؟ الأسوأ من ذلك، وعلى عكس ما يمكن أن نتوقع فإن الغالبية الساحقة من المهاجرين تنتقل إلى بلدان فقيرة أو متوسطة، وكثير منهم ينزحون داخل بلادهم، ويبدو أن هؤلاء ليسوا أفضل حالاً بكثير.
السنوات الخمس الأخيرة كانت صادمة بموجات النازحين المتلاحقة، والعام الماضي كان مفاجئاً بزيادة عدد اللاجئين إلى ثلاثة ملايين شخص، عن السنة التي سبقتها. وتقدر الهيئات الدولية أن واحداً من بين كل مائة شخص تقريباً في العام بات لاجئاً. وهو الرقم الأعلى على الإطلاق منذ الحرب العالمية الثانية، بكل مآسيها ووحشيتها. ولاجئو اليوم زادوا 50 في المائة عما كانوا عليه منذ عشر سنوات. ومن الخطورة بمكان معرفة أن 11 في المائة فقط من طلاب المرحلة الثانوية اللاجئين إلى دول منخفضة الدخل أو متوسطته، مسجلون في المدارس، وهذا يمكن تلمسه في الدول العربية التي تستقبل سوريين بأعداد كبيرة. والأسباب دائماً هي نفسها، الحاجة إلى العمل لإعالة بقية أفراد العائلة، أو صعوبة التأقلم مع منهج مختلف عن الذي يعرفه الطالب في بلده. لكن صغار اللاجئين ليسوا في منجاة أيضاً، فلم تزد نسبة المسجلين في المدارس الابتدائية في كل البلدان المضيفة المتواضعة الإمكانات على 4 ملايين طفل.
تسونامي اللجوء العالمي المستجد يغير في ديموغرافية بعض البلدان، ويؤثر في ثقافة بعض آخر، ويتطلب فهماً عميقاً، وإدراكاً حضارياً لما سيستتبعه من ردود فعل رافضة أو انقسامات حادة داخل المجتمع الواحد. لهذا؛ فاستقبال اللاجئين لا يمكن أن يحل فقط بتسول احتياجاتهم من غذاء وماء ومسكن من الدول المانحة، فالتعليم أولوية أيضاً، يقول التقرير. ثمة حاجة كذلك، إلى تعديلات حتى في المناهج الدراسية، وإدخال دروس عن الهجرة وأسبابها ومؤثراتها، وكيفية التعاطي مع المختلف، لتفادي صدامات عنفية مستقبلية.
مع نزوح أو من دونه لا بد أن نسبة الأمية بعد تشريد ملايين العرب في السنوات الأخيرة بسبب الثورات والحروب فاقمت نسبة الأمية، لعلها تجاوزت الـ28 في المائة التي تتحدث عنها الهيئات الدولية. فاللاجئون في البلدان العربية التي تستضيفهم، يعرف الجميع مستوى التعليم المتدني الذي يتلقونه فيها، والصعوبات التي يواجهونها. هذا يعني أننا لا نستطيع أن نتوقف عند الأرقام الأممية لنستريح، فما نعيشه من وهم المعرفة التي يحصدها من يذهبون إلى المدارس ويعودون بخفي حنين، هي من أخطر ما يعيشه اللاجئون ومضيفوهم، وهم يتلهون في انتظار غودو.

 

نقلا عن الشرق الاوسط اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وهم المعرفة وهم المعرفة



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon