توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ولادة نظام «هونغ مينغ»

  مصر اليوم -

ولادة نظام «هونغ مينغ»

بقلم : سوسن الأبطح

بعد نظامي تشغيل «أبل» و«أندرويد» الأميركيين اللذين استفردا بهواتف البشرية المحمولة، ينتظر أن تشهد الأسواق نظاماً ثالثاً صينياً هذه المرة بدءاً من الخريف المقبل هو «هونغ مينغ». أن يكون الاسم صعباً فهذه ليست المشكلة، فبمقدور الصينيين أن يغيروا ما شاءوا من الأسماء، لكن الحقيقة المُرة التي تتحسب لها «غوغل» هو أن يكتسح هذا النظام الذي تطوره «هواوي» العملاقة، ويُكتب له النجاح، ويكون فاتحة تحول عالمي يصعب لجمه.

لغاية الساعة تمكنت أميركا من التحكم بالشبكة العنكبوتية ومنتجاتها من التطبيقات، لكن شركة «غوغل» بدأت تدق ناقوس الخطر منبهة إلى أن الحرب التي يقودها الرئيس الأميركي ترمب ضد «هواوي» ومنعها من استخدام نظام «أندرويد» أو تطبيقات مثل «فيسبوك» و«واتساب» و«ماسنجر» دخلت في مرحلة حرجة، وستدفع بـ«هواوي»، بدل لجمها وتأخير تطورها، إلى تسريع خطاها صوب استقلالية كاملة عن المنتجات الأميركية التي تعتمدها بشكل كبير. وهذا سيتسبب بخسارة مالية أميركية من جهة، وبفقدان السيطرة على المعلومات من جهة أخرى، وهذا هو الأهم.

وما تطوره «هواوي» ليس فقط هاتفها الذي باعت منه العام الماضي 200 مليون جوال، وإنما بالإمكان إضافة إلى نظام التشغيل الذي دخل حيز التجريب الجدي، تكنولوجيا الجيل الخامس التي لا غنى عنها، والصين فيها تسبق العالم أجمع بأشواط. الشركة التي تشغّل 180 ألف موظف في سبيل الانتصار، يعمل لها 80 ألف باحث، وتستثمر أربعة مليارات دولار كل سنة، وهو ما لم يُعطَ لغيرها. والحرب على أشدها بين العملاقين الأميركي والصيني لأن من يربح معركة الجيل الخامس وحدها، ويصبح سيد هذه التكنولوجيا في العالم، سيفوز أقله بثلاثة ملايين وظيفة وأكثر من 500 مليار دولار، هذا عدا ما يستتبعها من تكنولوجيات أخرى. فالحديث عن الجيل الخامس، يعني مواصلات مسيّرة، وعمليات جراحية عن بُعد، وخطط عسكرية دون جنود، ومنازل ذكية، وإنترنت أسرع 20 مرة مما هو عليه اليوم. كل هذا يمكنه أن يقلب شكل الحياة على سطح المعمورة.

الحرب الحمائية التي تقودها أميركا لخفض عجزها التجاري، من المكسيك إلى كندا ومن ثم اليابان وكوريا الجنوبية دون أن تعفي الاتحاد الأوروبي، في كفة وحربها مع بلاد التنانين في كفة وحدها. لا شيء إلا لأن المنافسة هنا تكنولوجية ومن يقبض على أسرارها وشبكاتها هو من سيتحكم بالعالم. ومن المفارقات أن أرباب العولمة في أميركا باتوا هم الذين يضربون عرض الحائط بقوانين منظمة التجارة العالمية، فيما أصبحت بكين المحكومة من «الحزب الشيوعي» تذهب لتحتمي بها وتدافع عن سياسة الأسواق المفتوحة والحدود المشرعة، مع أنها احتاجت إلى 16 عاماً من المفاوضات الماراثونية لتقبل بهذه العضوية وما استتبعها من تكيف مع نظامها الاقتصادي. لكن الصين استفادت، بعد جهد قانوني كبير، من منظمة التجارة المتهمة باستغلال مساكين العالم، كما لم يفعل أحد، وقفزت وارداتها خمس مرات أكثر من ذي قبل.

ولعل مشكلة العالم والأميركيين تحديداً، مع الصينيين، هي أن لهؤلاء ذهنيتهم الخاصة، واستراتيجياتهم، وخلفياتهم الثقافية، التي تجعل الآخرين غير قادرين على التنبؤ بردّات فعلهم. فكلما بدا أنهم حوصروا في مكان وجدوا ثغرة للنفاذ منها، من مخرج غير متوقع. وإذا أضفت إلى ذلك عددهم الهائل الذي يشكل ما يقارب خُمس سكان الأرض، وسوقهم التي تفتح شهية المصدرين، وارتفاع المداخيل والقدرة الشرائية لديهم، في السنوات الأخيرة، أدركت كم أن هذه الكتلة البشرية العاملة كخلية نحل لا تتعب يمكنها أن تزن في السنوات القليلة المقبلة. فالصين اشتراكية منغلقة في الداخل بقدر ما هي ليبرالية مع الخارج، تدافع عن حقها في استخدام تطبيقات التواصل الاجتماعي من «فيسبوك» إلى «تويتر» و«ماسنجر» على هواتفها، فيما لا تسمح للصينيين باستخدام أي منها، وتقصر استعمالهم على تطبيقات خاصة بها أضخمها «وي تشات» الذي هو بخدماته الشاملة والفعالة، أكثر تطوراً من كل التطبيقات الأميركية الأخرى. وقد لا تكون المعارك الاستنزافية التي يقودها الرئيس الأميركي ترمب مع الصين، أمنية بالدرجة الأولى وإنما تجارية بشكل أكبر، لكن مهارة الصينيين في التجسس حتى قبل «الجيل الخامس» وبأكثر الطرق بدائية، هي من الشهرة بحيث إنها كانت مواضيع مشوقة لكتب غربية شهيرة. وكان الصينيون القدماء، يعتقدون أن تعليم لغتهم لغرباء هو نوع من الانكشاف أمام العدو، قبل أن تفتح معاهد «كونفوشيوس» أبوابها لملايين التلاميذ حول العالم. لكن بمقدورك أن تتعلم لغة «الماندرين» على صعوبتها، لكنك تحتاج إلى وقت أطول بكثير كي تفهم كيف يفكر الصيني، أو ما السبيل المثلى للتعامل معه.

المعركة الحالية بين أميركا والصين تجارية كما هو معلن، لكنْ لأميركا عجز تجاري مع دول كثيرة جداً لا تعاملها بالطريقة عينها. الصين على استعداد للتنازل مالياً وخفض العجز للولايات المتحدة، لكنها لن تقبل أبداً بحد طموحها، وهذا ما يعيق المفاوضات التي تنتهي بفشل في كل مرة. قد يصل الطرفان إلى هدنة، إنما الحرب الباردة ستبقى مستمرة، والصين مصرة على بناء سور تكنولوجي عظيم في الفضاء الكوني، يوازي السكك الحديدية التي تغزو بها الأرض. أميركا تعرف أن الفوز بالسباق لم يعد ممكناً، وإن لم تعلنها جهراً، لهذا فإن أقصى ما تستطيعه هو فرملة سرعة التنين الماضي بجموح شرس نحو المستقبل.

 

المصدر :

الشرق الأوسط

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ولادة نظام «هونغ مينغ» ولادة نظام «هونغ مينغ»



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon