توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فتات «كأس العالم»

  مصر اليوم -

فتات «كأس العالم»

بقلم - سوسن الأبطح

في عالم يرتفع عدد الجياع فيه إلى أكثر من 800 مليون شخص، وتعلن الهيئات الدولية أن المعوزين سيصبحون قريباً ربع سكان الكوكب، ويموت المئات سنوياً غرقى تبتلعهم أسماك البحر وهم يبحثون عن ملاذ آمن وفرصة عمل. يتقاضى لاعب كرة قدم، قد لا يحمل شهادة تكميلية، مرتباً شهرياً قدره ثلاثة ملايين يورو، وتتنافس الفرق على الاستحواذ على هؤلاء حتى ارتفعت بورصة الحصول عليهم ثلاثة أضعاف خلال خمس سنوات فقط. فأي أرقام فلكية تخبئها الأعوام المقبلة، للاعبين يحكى عنهم كأنهم عقارات في سوق، وأسهم في بورصة المال ولا يرف لأي منهم جفن! ويصل المدخول السنوي للاعب كبير مثل ميسي أو نيمار إلى 100 مليون يورو، إذا ما احتسبنا ما يضاف إلى الراتب من إعلانات ومكافآت وجوائز وهدايا، وهذا يكفي لرفع المعنويات وتضميد الكرامات.

مليار يورو يدفعها المعلنون الفرنسيون لاستثمار الثواني التي تباع بين الشوطين في واحدة من مباريات كأس العالم، مع أن البطالة تطال ملايين السكان. فالتذاكر التي تباع في الملاعب، لا تشكل سوى 10 في المائة من المداخيل، والربح كل الربح منا نحن المتفرجين المستسلمين أمام الشاشات، حيث أصبح بيع البث هو رأس المال وجوهره.

لم تكن مناسبات كأس العالم إلا ظواهر من جنون وغضب وتعصب. ويفترض من الرياضة أنها وجدت لتهذيب النفس وترقية الأخلاق كما الموسيقى. فهي فن وغايات الفنون التسامي بالمشاعر. ومن يوم صارت «الساحرة المستديرة» تدر المال، ومشتهى للمستثمرين، فقدت براءتها الأولى إلا في عيون المشجعين المساكين الذين يمولون من دون علم منهم هستيريا الثروات المحمومة، ولو ببيع الغالي، وعصر الجيوب. ورغم أن الأزمات المتوالية تضرب الصناعة والزراعة والإعلام والإعلان غير أن الرياضة صامدة، ومكاسبها ترتفع وتتعاظم بشكل مذهل يصل إلى 600 مليار دولار سنوياً، أي أكبر من ميزانية دولة، وحصة كرة القدم نصفها أو أقل بقليل، لشعبيتها الكبيرة، وصيتها العتيق لدى الفقراء وفي أحياء القرى وأزقتها. وبفضل برامج التنحيف التي لا تفتر والتخويف من البدانة، والشيخوخة المبكرة، وترقق العظام، والخرف الذي لا بد سيتسلل إلى الدماغ ما لم تكن التمارين جزءاً من حياة البشري، تنتعش كبريات الشركات المصنعة لآخر صيحات الأحذية، ما يصلح للركض، غير ما يستخدم للقفز أو التنس، أو ضرب الكرة. وما بين الملابس المريحة ومعدات اللعب تحولت شركات إلى إمبراطوريات مالية تتحكم في مزاج الناس.

ورغم أن الدول تستخدم كل نفوذها وإمكانياتها لكسب تنظيم كأس العالم، وتتخاصم مع حلفائها، أو تعادي أقرباءها للفوز بهذا الشرف، فعوائدها تبقى محدودة مقارنة بما تصرفه على البنى التحتية والاستضافة، وما تتحمله من عناء التنظيم وحفظ الأمن. فمقابل 13 مليار دولار تكبدتها روسيا قد لا تربح أكثر من ملياري دولار، وعلى مدى سنوات، رغم أنها رغبت في ضرب أكثر من عصفور بحجر واحد، حين ركزت على مدن صغيرة لم تكن معروفة لإحيائها والترويج لها سياحيا. وما أهدرته البرازيل على هذه المناسبة أثار ضجة كبيرة بين فقرائها بسبب ما شاب المشاريع وقتها من فساد وصفقات. وما ستصرفه قطر قد يصل إلى 30 مليار دولار من غير الواضح ما ستكون فائدته بالتحديد. لكن يبقى التنافس والتناتش محموماً، لما يبغيه كل بلد من معنويات ودعايات، وتلميع الصورة، وربما، كسب بعض الاستثمارات التي تأتي أو لا تأتي.

وأميركا مع فوزها بالتنظيم لعام 2026 بشراكة المكسيك وكندا، في ملف واحد رغم الحروب الاقتصادية بين هذه الدول، يشير بوضوح إلى أن الأهمية للدعاية واستعراض القوة أكثر منها الكسب الحقيقي. 

فقبل أن تحصل أميركا على مرادها كان أستاذ جامعة نيويورك فيليب ألستون، وهو مقرر الأمم المتحدة بشأن الفقر وحقوق الإنسان يحذر من أن ما يقارب الـ13 في المائة من الأميركيين فقراء وأكثر من 18 مليوناً يعيشون في فقر مدقع، وأن طفلاً من بين كل ثلاثة في حال بائسة. وهؤلاء جميعاً ليست كرة القدم من ستغير أحوالهم، وتنقذ معاشهم.

فما الذي يبيعه بالفعل «الاتحاد الدولي لكرة القدم» (الفيفا) لمجانين الكرة، غير الوهم، والتسلية المكلفة التي صارت تفتقد لأدنى شروط البراءة، بعد فضائح الصفقات والسمسرات، ومليارات الوسطاء، وتجارة البث التلفزيوني التي لا سابق لها في التاريخ؟ ثمة رابحون قلة من كرة القدم على رأسهم «الفيفا» التي تستولي على أكثر من ثلثي الأرباح، والأندية العملاقة التي صارت شركات استثمارية لكبار الأغنياء، ولم يعد لها أي صفة وطنية أو أدوار اجتماعية مفيدة تذكر. ففي إنجلترا كل النوادي البارزة بيعت لأجانب، والحال يشبهه في فرنسا وغيرهما. وباقي الأرباح للشركات الرياضية. والقليل الذي يتبقى من فتات موائد تجار الكرة في بورصة رأس مالها أقدام اللاعبين الذهبية، يوزع على الموظفين والعاملين في المجال. وربما أن الفوائد من شهر المونديال أقل كثيراً مما نتصور، وإن كان التركيز هو على من سيربح الكأس هذه الأيام. أما ما وراء التهريج من غسل أموال وفساد وتهرب ضريبي فليس هذا وقته. وقد يحتاج الأمر سنوات طويلة قبل أن يطرح السؤال حول جدوى كل هذا الفرح بزيادة ثروة الأثرياء على حساب الفقراء بحجة الألعاب!

نقلا عن الشرق الاوسط اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فتات «كأس العالم» فتات «كأس العالم»



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon