توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الخيبة الكبرى

  مصر اليوم -

الخيبة الكبرى

بقلم : سوسن الأبطح

  المقاطعة موقف أيضاً... أن لا يتحرك سوى ربع الناخبين اللبنانيين يوم الأحد الماضي للذهاب إلى صناديق الاقتراع، فيما تضطر الأحزاب للاتصال والتمني والترجي لإقناع ربع آخر أو أقل، ثم لا تصل نسبة المقترعين، بعد جهود مضنية، إلى 50 في المائة بعد تسع سنوات من الانتظار، فهذا أمر جلل في الدول الديمقراطية التي تحترم مواطنيها.

ثمة معنى آخر لمجلس نيابي بشرعية شعبية ضئيلة. أما وأن تستنتج أحزاب وازنة ومخضرمة، أن الناخبين يحتجّون بعزوفهم الجماعي هذا على القانون الجديد للانتخاب، بدل أن يلوموا أنفسهم، ويقدموا اعتذاراتهم على أدائهم السياسي العاجز، وسلوكهم المحبط، وخطابهم المقزز الذي وصل سقوفاً معيبة، فتلك قراءة كارثية. أن تتلطى لوائح المجتمع المدني خلف حجج واهية، منها أنها لم تعط فرصة الظهور التلفزيوني الكافي، فيما إعلاناتها البراقة ملأت الطرقات والكومبيوترات، أو أن أحزاب السلطة تستشرس ضدها، فهذا ليس كافياً لتبرير أن لا تصب أصوات الناقمين على الأداء السياسي التقليدي لصالحهم، كطرف بديل مقنع. استخلاص العبر المفيدة والموضوعية، أجدى من إخراج الذرائع من الأكمام كالسحرة والمشعوذين الذين يظنون أن بمقدورهم خديعة الجمهور إلى ما لا نهاية.

الناس كبرت ونضجت، لم تعد تستظرف أن يصرّح والد عن ابنه النائب الفائز، أو يخرج ابن ليتكلم عوضاً عن أبيه المرشح. غير مقبول أن يخاطب مسؤول مئات آلاف العاطلين عن العمل، بأن هذا ليس وقت المحاسبة «وبعد الانتخاب منشوف شو منعمل». أو أن يقف سعادة النائب الذي يطلب تجديد ولايته على مقربة من جبل نفايات عرمري يبث سمومه، ولا يأتي على ذكر حلّ له، وهو يخطب ودّ جمهوره.

ثمانمائة ألف ناخب جديد على لوائح الشطب تتراوح أعمارهم بين 21 و30 سنة. هؤلاء ثلث الناخبين، كان يرتجى أن يقبلوا بحماسة، وأن يحدثوا تغييراً ملموساً بسبب خياراتهم، فتأهيلهم التعليمي ليس بقليل، ولبعض منهم ميول مدنية يسعى لأجلها. مع ذلك لم تصبّ أصوات الجيل الجديد لصالح اللوائح المدنية بالقدر الكافي، وإلا لكان الاختراق ليتجاوز الفوز بمقعد واحد يتيم. المرشحون باسم «كلنا وطني» لم يكونوا على مستوى المأمول من حركة احتجاجية تطرح نفسها كبديل للسلطة. منهم من تحوم حوله شبهات حقيقية، وبينهم من له تجارب في منطقته غير مشجعة. لعلها مجرد شائعات، لكن ما حدث في دول مجاورة من أدوار مبهمة للمجتمع المدني، يستدعي الحذر. الناشطون الجدد الراغبون في إقناع الناس بشفافيتهم عليهم أن يكونوا أنقى من البلور ويفصلهم عن الانتهازية أشواط عما يفصل غيرهم.

أخطأ المرشحون التقليديون حين ظنوا أن قليلاً من الاستعراضات الشبابية تكفي لإغراء المناصرين الغاضبين. لم يكن الرئيس سعد الحريري وحده من تقرب من الشبان بمئات من صور السيلفي، التي التقطها معهم وتقاسمها وإياهم على تطبيق خاص. فهذا الرئيس نجيب ميقاتي المعروف برصانته يرتدي قميصاً عليه خريطة لبنان. والنائب السابق فريد هيكل الخازن يطل بمقابلة تلفزيونية لابساً سروالاً قصيراً وهو يمارس الرياضة ويهرول في الشارع، والوزير السابق نقولا الصحناوي يطل وهو يدهن بفرشاته جداراً في أحد أحياء الأشرفية.

طريف ومحبب أن يكون سياسيونا شعبيين وقريبين من الناس ومعهم في الشارع والدكان. وثمة حملات أتت أكلها، لكن المشكلات باتت جذرية وعميقة. البلد على شفا إفلاس، ولم يعد بعض التنكيت يجدي أو خفة الدم تحيي الموتى الذين يقضون بالسرطان بأعداد مريبة.

ظهرت نتائج الانتخابات النيابية، واحتفل الفائزون جميعهم، ولم يحزن أحد. الكتل التي تضاعفت كما تلك التي تقلصت، اعتبرت أنها أنصفت ووصلت إلى مبتغاها. وربما أن للناخب ما يحتفي به أيضا. فغالبية القوى الصغيرة التي كانت تشكو عدم تمثيلها دخلت الندوة البرلمانية، وصار بمقدورها أن تعمل، وأن تتحالف مع بعضها وتشكل حركة فاعلة، وما عاد من مبرر للتذمر.

إنما على الجميع أن يراجعوا حساباتهم بتأنٍ. أن يدركوا أن اللبنانيين صوتوا هذه المرة لكسرة الخبز بعد أن تفاقم العوز، واقترعوا لتعليم أولادهم، وقد فاقت أقساط المدارس قدراتهم. ذهبوا إلى الصناديق يحركهم سخطهم من حملات انتخابية فارغة من أي مضمون، ومن تحالفات حزبية خبيثة لم تحترم عقولهم. اختاروا اسم مرشحهم لا حباً به بالضرورة، وإنما ثأراً من الزعيم الذي دقوا بابه، لحظة حاجة، ليوظف ابنهم ولم يفِ بالوعد. لم تتوقف تسجيلات الشبان الصغار المغتربين على وسائل التواصل التي تناشد اللبنانيين بأن يختاروا بضمير، وأن يقترعوا لمن يعيدهم إلى أرض الوطن، وأن يحسنوا الاختيار كي يتيحوا لهم العيش في دفء أهلهم، وفي بيوتهم بدل جفاء الغربة وصقيعها. شاب في عمر الورد يخبر أنه اشتاق لضحكة أمه التي لم يرها منذ سنوات. فتاة غاضبة تطل بوجهها الجميل وتسأل مواطنيها ألا يتركوها تقضي بقية عمرها محكومة بوحدة لا تريدها ولا تحتملها. أن تقرر عائلات لبنانية بأكملها المشاركة في الانتخابات بالتفرج على التلفزيون، فهذا معناه أن المشكلة ليست سياسية بين المرشحين والناخبين، ولا تتعلق بخيارات دولية كبرى، أو حسابات إقليمية وكونية.

الناخب يريد مرشحاً يصدّقه ويمنحه ثقته، وحين لا يجده بين عشرات المرشحين، رغم تعدد اللوائح واختلاف المشارب المعروضة عليه، فإنها حقاً لمعضلة أخلاقية عميقة بين المواطنين وسلطة سياسية بأكملها. لقد جعل اللبنانيون يوم الانتخابات موعداً وطنياً لإعلان «الخيبة الكبرى»، وهذا ما يجب أن يفهم ويدرك.

نقلا عن الشرق الآوسط اللندنية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 13:43 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

دولة في غزة كُبرى؟

GMT 11:56 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الوطن والشعب.. وأنا

GMT 08:20 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

درع العرب (1) نواة القوة المشتركة

GMT 09:54 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

مسقط... رؤية مختلفة

GMT 08:32 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

عودة الوحش

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الخيبة الكبرى الخيبة الكبرى



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon