بقلم : سناء السعيد
أردوغان الذى تسيره شهوة استعادة امبراطورية الخلافة العثمانية مارس العربدة فى المنطقة واستهدف سوريا مجددا باجتياح مدينة «عفرين» عسكريا منذ العشرين من يناير الجارى، ففتح بذلك جبهة جديدة فى الحرب على سوريا. فعلها هذا النزق وهو على يقين من أن عملياته العسكرية هذه تمثل عدوانا آثما على سوريا وانتهاكا لسيادتها، فضلا عن كونها تقود إلى مزيد من الترديات فى القضية السورية. ورغم ذلك فهو لا يرى آية مشكلة فى تواصله مع عربدة القتل والدمار والتهجير فى سوريا، وخرق القانون الدولى فى ظل مجتمع دولى لم يصل بمواقفه إلى حد تحمل المسئولية، فهو مغيب عن عمد لم تملك دوله سوى المطالبة بضبط النفس.
حتى روسيا قامت بسحب تواجدها العسكرى من عفرين، وفسر ذلك على أنه اعطاء الضوء الأخضر لتركيا للقيام بعملية عسكرية يكون بمقدورها لجم الاندفاعة الكردية نحو أمريكا على حساب موسكو التى ترى أن الأكراد لم يعد يبالون بمصالحها فى سوريا وتحولوا إلى دمى تحركها أمريكا، وبالتالى فمن الممكن لهم تنفيذ أوامر واشنطن بالتحرك فى المناطق التى تقع تحت سيطرة داعش سعيا لمهاجمة القوات الموالية للحكومة السورية. وبالتالى لم يكن هناك ما يدفع روسيا للدفاع عنهم وحمايتهم، فلقد جاءت تحركاتها وفقا لمبدأ البرجماتية الجيوسياسية، وهو ما دفعها إلى عدم ممانعتها لعمليات تركيا العسكرية ضد الأكراد.
أما أمريكا الداعم الرئيسى لأكراد عفرين فلقد غابت تماما عن الصورة. ولا غرابة فنهجها دوما يقوم على تقديم الوعود والتراجع عنها، واشعال الفتن بين الأطراف المتحاربة، كما أنها تدرك أن الافراط فى دعم الأكراد قد يدخلها فى حرب عسكرية فعلية، وقد يؤثر سلبا على علاقاتها مع تركيا ويزيد من حدة الأزمة بين البلدين،بل ويهدد مكانتها ويسهم فى فقدان نفوذها فى المنطقة. أكد هذا تصريحات كل من وزير دفاعها ووزير خارجيتها والتى كانت بمثابة دعوة مفتوحة لتركيا للمضى قدما فى عمليتها العسكرية فى عفرين، فلقد قال «تيلرسون»:
( ندرك ونقدر بشكل كامل حق تركيا المشروع فى حماية مواطنيها من العناصر الارهابية). وتبنى وزير دفاعها «جيم ماتيس» نفس المنطق عندما قال:( بأن تركيا أبلغت أمريكا عن العملية، وبأن مخاوف تركيا الأمنية مشروعة)!. وبالتالى فإن ما ساعد أردوغان على المضى قدما فى تنفيذ مغامراته هى المواقف الدولية التى اعتبرت ما تقوم به تركيا هو حق مشروع لها للدفاع عن حدودها. رغم أن الحقيقة الجلية تجزم بأن ما تقوم به تركيا هو عدوان غاشم ضد سوريا وانتهاك لسيادتها، فضلا عن تقويضه للجهود الرامية إلى محاربة الارهاب.ما يقوم به أردوغان حملة عنصرية وإبادة جماعية ضد الأكراد شجعه عليها المجتمع الدولى الذى ترك له الحبل على الغارب لتنفيذها.
نقلا عن الوفد القاهريه