توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فجر أكتوبر.. وظلام يونيه

  مصر اليوم -

فجر أكتوبر وظلام يونيه

بقلم : ناجح إبراهيم

فى بداية حرب أكتوبر جاء عبدالقادر حاتم وزير الإعلام بأول بيان للحرب إلى رئيس الإذاعة بابا شارو «محمد محمود شعبان» الذى أمسك بالبيان الأول وتذكر مهزلة بيانات نكسة 5 يونيه 1967 وتنهد قائلا لحاتم: «ثانى».. فبكى حاتم وهو يقول: «والله هذه المرة بجد ــ أى بحق» فبكى الاثنان وأذيع البيان الأول لنصر أكتوبر بصوت المرحوم صبرى سلامة والذى شرفه الله بإذاعة معظم بيانات نصر أكتوبر ولم تكن هذه البيانات وحدها تحمل الصدق والنصر، بل كانت مصر كلها تحمل كل هذه المعانى وقتها.. فالصدق ينتقل من البيان ومذيعه إلى القلوب والنفوس.

لقد كانت لحظات نصر أكتوبر فارقة فى تاريخ مصر ما بين هزيمة كانت تمثل أكبر فاجعة فى تاريخ مصر والعروبة.. فقد احتلت إسرائيل ــ الدويلة الصغيرة ــ أضعاف مساحتها بدءا من الجولان والضفة الغربية وجنوب لبنان وسيناء وانتهاء بالقدس الغربية ولأول مرة يحتل المسجد الأقصى وكنيسة القيامة منذ عهد صلاح الدين الأيوبى.

وزاد الهزيمة ثقلا على أجيال مثل أجيالنا أنها كانت تسمع قبلها بأيام من الإذاعة بأنه لم يبق أمام قواتنا سوى 15 كيلو لتصل إلى تل أبيب، فضلا عن خطابات الرئيس ناصر التى كانت تدغدغ عواطف الشباب بطريقة غير مسبوقة مثل «سنلقى بإسرائيل ومن وراء إسرائيل البحر».

لقد كانت الآمال التى تحدو أجيالنا تصب كلها فى أمرين هما الوحدة العربية وتحرير فلسطين، فإذا بفلسطين لا تتحرر وإذا بإسرائيل تلتهم بقية فلسطين وما حولها.

لقد أدرك جيلنا بعد ذلك أن جزءا كبيرا من التاريخ قد تم تزييفه عمدا ومع سبق الإصرار والترصد وأن نصر مصر على العدوان الثلاثى فى عام 1956 كان نصرا سياسيا ولم يكن نصرا عسكريا كما كان يسوق لنا، فقد تصورنا أننا قهرنا بريطانيا وفرنسا وإسرائيل عسكريا وسياسيا.

نعم.. كان كفاحنا فى حرب 1956 عظيما وتضحياتنا لا حدود لها، ولكننا لم ننتصر عسكريا.

وكان الإعلان عن صواريخ ظافر وقاهر فى الستينيات مبهرا فهى التى يمكن أن تدك إسرائيل.. وكان ذلك وهما كبيرا فقد تم الإعلان عن الصواريخ قبل بناء منظومة التوجيه لها وهى أصعب وأدق جزء فى صناعة الصواريخ، وكان يسوق لجيلنا أن جيشنا يستطيع سحق الإسرائيليين فى ساعات معدودة مع أن الأخيرة كانت تمدها أمريكا بأحدث الأسلحة الأمريكية.

كان الإخلاص فى الستينيات كبيرا وعفة اليد متوافرة والزهد فى المال العام موجودا.. ولكن كل الحريات العامة غائبة والديمقراطية لا وجود لها.. والعمل المدنى ميت.

كان صوتنا قبل 1967 أعلى بكثير من إمكانياتنا، كنا نزعق باستمرار، ونهتف على طول الخط.. وجهد حناجرنا أقوى من عملنا أو جهد عقولنا.

كانت مؤهلات القيادة هى الولاء للثورة أكثر من الكفاءة والمهنية إلا فيما ندر.. وضربت كل طائراتنا على الأرض فى حرب 1956 فلم يحاسب أو يعاقب أو يراجع أحد على ذلك.. فتكرر هذا الأمر بحذافيره فى 5 يونيه 1967.. ودمر سلاح الجو المصرى مرتين بنفس الخطأ.

أما بعد الهزيمة وفى نصر أكتوبر فكان الصمت طويلا والعمل بليغا وقويا ودقيقا وعلميا منهجيا، كانت القيادة محترفة متفرغة لا تنشغل بنادى الزمالك أو بالصلح بين عبدالحليم وأم كلثوم، ولا بشئون الاحتفالات والحفلات.
كان القادة العظام قد تبوأوا سدة القيادة أمثال :أحمد إسماعيل، الشاذلى، الجمسى، محمد على فهمى، مبارك، عبدالمنعم خليل، وواصل، سعد مأمون، عبدالمنعم رياض، محمد فوزى..لا يكادون يذهبون إلى بيوتهم، حرفتهم القتال فقط، يعيشون للنصر أو الشهادة، يطورون فى كل شىء ويعالجون كل مشكلة، يعملون ولا يتكلمون، يقدسون النظام، لا يتعاملون مع الجيش تعامل المعلم مع صبيانه، ولكن تعامل القائد المحترف مع مرءوسيه.. فظهر قادة عظام من أجيال أخرى أمثال :أحمد الزمر، إبراهيم الرفاعى، أبو غزالة، عفيفى، قابيل، إبراهيم العرابى.

لقد كان نصر أكتوبر لحظة فارقة فى تاريخ مصر فحل الأمل والنصر ورحل اليأس والهزيمة فلأول مرة فى تاريخ مصر لم تسجل أقسام الشرطة حادثا واحدا، وهذا لم يتكرر إلا فى الأيام الأولى لثورة 25 يناير، فى كلتا الحالتين تحولت مصر وقتها للمدينة الفاضلة.

وأثناء الحرب بدأ الشباب يذهب إلى الجرحى يواسيهم وإلى أهل الشهداء لتعزيتهم، فقد كان فى كل بيت جريح أو مقاتل أو شهيد.. وكان الرضا يغمر القلوب والبيوت.. وكان جميع الشباب وقتها يختلف جذريا عن شباب اليوم فى كل شىء.

نصر أكتوبر العظيم هو أعظم حسنات الرئيس السادات.. ولو أنه لم يصنع شيئا فى حياته سواه لكفاه وأغناه وأعزه فى الدنيا والآخرة، ومعظم الذين ينتقدونه من الحكام العرب وأتباعهم فشلوا فى الحرب والسلام فلم ينتصروا فى الحرب ولم يبيعوا جاههم من أجل السلام فلا أدركوا هذه ولا تلك.

وحسنة نصر أكتوبر العظيمة تجب لأصحابها ومنهم الرئيس السادات أى خطأ سياسى.. وللسادات حسنات عظيمة أخرى منها: الإفراج عن المعتقلين وإغلاق السجون وإلغاء الطوارئ وتحرير الأرض فضلا عن الرفاهية الكبيرة وبداية نمو الاقتصاد المصرى فى عهده ووقف أخذ الناس بالشبهات ووقف التعذيب وكل هذه حسنات كبرى تغفر أى هنة سياسية مثل التحفظ الذى أجراه فى آخر عمره.

رحم الله أبطال أكتوبر جميعا.. ورحم الله السادات الذى ظلمه الإسلاميون واليساريون والناصريون والاشتراكيون وبعض المثقفين والقوميين وكل الإيرانيين.

نقلاً عن الشروق القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فجر أكتوبر وظلام يونيه فجر أكتوبر وظلام يونيه



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon