بقلم-حازم منير
منذ أطلق السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى قبل شهر مبادرته لتصويب قانون الجمعيات الأهلية، والأمر ما زال يراوح مكانه إلا من قرار رئيس مجلس الوزراء بتشكيل لجنة من ثلاثة وزراء «التضامن والعدل والخارجية»، لم يصدر عنها حتى الآن أى إشارات بإجراءات عملية التغيير وما سيترتب عليها.
صحيح أن أجندة الحكومة مكتظة، لكن حديث السيد الرئيس كان واضحاً.. القانون المطلوب تصويبه جرت صياغته فى مناخ «فوبيا» تجاه الجمعيات، وبه «عوار» يحتاج إلى مراجعة، والحديث الرئاسى حدّد جانبين أساسيين فى التعامل مع الأهداف المطلوبة.. الأول أن يصدر قانون بعيد عن مناخ الخوف من العمل الأهلى، والثانى تصحيح ما أصاب القانون من أخطاء، سواء كانت تشريعية أو مفاهيم للعمل الأهلى والتطوعى.
لذلك فإن تأخر اللجنة الوزارية فى إطلاق إشارتها بالعملية التنفيذية لتوجيهات الرئيس تثير تساؤلات حول ما يدور خلف الجدران المغلقة، أو ما يمكن تسميته كواليس التشريع، وإذا ما كان مقرراً أن تُحدد اللجنة من ذاتها طبيعة التغييرات المطلوبة فى القانون، أم أنها تُخطط لحوار مع كل أطياف العمل الأهلى.
الحقيقة أن الإعلان الرئاسى واضح فى الرغبة بحوار جماعى مع أطياف العمل الأهلى، وهو ما بدا جلياً بالإشارة إلى أجواء الـ«فوبيا»، التى أحاطت بالتشريع الحالى، وهى فى جانب منها توحى بعدم توافر بيئة أتاحت مناخاً جاداً لحوار وتوافق بين الأطراف المختلفة.
أما حديث الـ«عوار»، فهو دلالة على قناعة رئاسية بأن بالقانون مواد ومفاهيم تحتاج إلى التصحيح والتصويب والتغيير، سواء كانت نصوصاً أو مفاهيم، فالأمر لا يقتصر على تغيير مادة أو كلمة أو جملة، وإنما الأمر يحتاج إلى نصوص تقدم المفاهيم الصحيحة للعمل الأهلى، وتترجمه فى تشريع يتلاءم مع نصوص الدستور.
الحاصل أن العلاقة بين الحكومة والمجتمع المدنى تتطلب تطويراً وتقارباً لن يتم من دون حوار يُحقق الانسجام بينهما، ويساعد الحكومة من ناحية فى تحقيق خططها التنموية، ويمنح للمجتمع المدنى المكانة اللائقة كشريك للحكومة فى عملية التنمية.
الدول الحديثة تقوم على مثلث متساوى الأضلاع على قمته الحكومة وقاعدتاه القطاع الخاص والمجتمع المدنى، ولا يمكن تصور غياب أى من هذه الأضلاع فى خطط التنمية والبناء، والحوار أساس عملية الشراكة، لذلك لا أفهم تأخر اللجنة الوزارية فى إعلان نيتها وتصوراتها حتى الآن.
التوجيهات الرئاسية واضحة، هى تصويب عوار القانون من خلال بيئة تعاون تنهى مرحلة «فوبيا» المجتمع المدنى، وأتمنى أن تُعلن اللجنة الوزارية سريعاً أساس عملية تشريعية تقطع الطريق على مخاوف مُتداولة وتحقق الأهداف الرئاسية، ولا تعيدنا مرة أخرى لحالة المواجهة.
نقلا عن الوطن
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع