بقلم : حازم منير
اعتزمت التوقف عن متابعة ملف تطوير التعليم والاكتفاء بما نشرته السبت الماضى، خصوصاً بعد قرار الدكتور طارق شوقى بتأجيل جانب من الملف لعامين، لكنى تنبهت إلى جوانب أخرى ربما ليست لها صلة مباشرة بقدر ما تكشف عن العقلية التى تدير الأمور.
العديد من المقالات المؤيدة للسيد الوزير انطلقت من أرضية أن معارضى آراء الدكتور طارق إما عملاء لتجار الكتب الخارجية أو عملاء لمافيا الدروس الخصوصية وأنهم يدافعون عن مصالح خاصة.
بل إن السيد الوزير نفسه وبذكاء شديد فى أحد لقاءاته التليفزيونية ألمح للمؤامرة على الوطن واستخدمها للدفاع عن أفكاره حين قال «هناك دول لا تحب مصر أن تطور من تعليمها»، وهى طبعاً إشارة ليست فقط لمؤامرة كونية وإنما إلى أنه ربما يكون من بين معارضيه من هم عملاء لهذه الدول.
وفى اللقاء استشهد الدكتور طارق بدعوة السيد الرئيس للمصريين إلى الالتفاف والتوحد حول الوطن متسائلاً «ما معنى دعوة الريس إلا أن نقف معاً صفاً واحداً».
الحقيقة أدهشنى جداً منطق الوزير الذى يخوض حرباً من أجل تطوير التعليم وهو يعتبر الاختلاف معه اختراقاً لوحدة الصف، فأى تطوير لعقول النشء يمكن أن يتم والقائم عليه لا يعتقد فى حق النقد والاختلاف بين الناس.
السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى حين طالب المصريين بالالتفاف والتوحد حول الوطن كان يقصد حماية الدولة الوطنية من مؤامرات تستهدف إسقاطها، وبالقطع فإن الخلاف حول أساليب تطوير التعليم لا تعنى أبداً تهديد أمن الدولة وتماسكها يا معالى الوزير.
أما مسألة تأجيل جوانب من ملف التطوير استيعاباً لحالة رفض ليست بالقليلة بين العائلات المصرية فإنى لا أعتبرها حلاً ملائماً فالمسألة ليست فقط فى الإبقاء على نظام المدارس التجريبية والقومية أو تغييره، إنما هى أساساً فى رؤية تستهدف تحويل العملية التعليمية إلى تجارة وليس خدمة حكومية.
أن تواكب التطور العلمى والتكنولوجى معناه أن تبث فى العملية التعليمية أساليب حديثة وأن تعمل على تطوير البيئة المحيطة بالعملية التعليمية من أبنية ومكونات داخل الأبنية وتلبى المتطلبات الأساسية لتحويل المناهج من رؤية وكلمات إلى واقع يقوم عليه معلمون مؤهلون يمنحون الأولوية للعملية التعليمية داخل المدارس وليس فى المراكز أو «السناتر» كما يطلقون عليها.
لا أعتقد أننا بحاجة للتدليل على الاحتياج لحوار حقيقى وجاد حول تطوير التعليم، ولا يمكن أبداً قبول منطق «حين يتحدث الخبراء يسكت الجميع ويطيعون»؛ لأن التعليم قضية مجتمع ولا يقتصر الأمر على الجوانب الفنية إنما هناك أيضاً جوانب واستحقاقات اجتماعية، على المختصين أن يصمتوا ويسمعوا للناس.
نقلا عن الوطن القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع