توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ترامب... من هلسنكي إلى الجولان

  مصر اليوم -

ترامب من هلسنكي إلى الجولان

بقلم : سليم نصار

في افتتاح الندوة الفكرية الرابعة لـ «منتدى أصيلة»، أثار عمرو موسى، الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية، سلسلة قضايا قال إنها تشغل المنطقة وتمنع دولها من استعادة عافيتها السياسية والاجتماعية والثقافية والعمرانية.

وحول هذه القضايا ومتفرعاتها تحدث أربعون باحثاً ومحللاً وصحافياً عن أسباب الانتكاسات السابقة التي خلقت هذا الوضع المأسوي الذي يشل قدرات الشعب العربي ويغلل حاضره ومستقبله.

وكان من الطبيعي أن تركز كلمات المشاركين في الندوات على ضرورة الإسراع في إخراج المنطقة من الهوّة التي انحدرت اليها بعد انطلاق «الربيع العربي» في تونس وليبيا ومصر.

ويُستفاد من مراجعة أعراض هذا الانحدار أن «مجلس العلاقات الخارجية» في الكونغرس الاميركي رصد مظاهر هذا التردي مطلع الثمانينات. والدليل على ذلك أنه أصدر ثلاثين كتاباً تحت عنوان «الشرق الأوسط، والطريق نحو الرفاهية خلال العشر سنوات المقبلة.» وقد تضمنت تلك الكتب شرحاً مستفيضاً حول العثرات السياسية والنزعات القبلية التي يمكن أن تعيق مشاريع التنمية، وتحول دون استثمار الثروة النفطية بطريقة أفقية تستفيد منها الغالبية المحرومة أيضاً.

خلال تلك المرحلة الانتقالية العسيرة ظهرت عدة حركات ومؤسسات وطنية وقومية كانت تدعو الى التصدي للوضع المهترئ الآسن الذي يعاني منه العالم العربي. وشددت في مجملها على المطالبة بحلول جذرية لمعالجة المشكلات العميقة المزمنة في الشرق المضطرب.

وبين النشاطات الثقافية التي أفرزتها تلك المرحلة، برز «منتدى الفكر العربي» كجواب على الأسئلة الكثيرة التي يطرحها المواطنون في كل بلد عربي. لذلك اختار المؤسس الأمير الحسن بن طلال شخصيات علمية وفكرية لتشارك في هذا المنتدى، الذي سرعان ما تحول الى شبه جامعة عربية، من حيث تمثيل الأعضاء الذين وصل عددهم الى أكثر من عشرين عضواً.

وقد استمر نشاط المنتدى فترة طويلة من الزمن انتهت سنة 1994، أي بعدما جرى التوقيع على اتفاق وادي عربة.

ولكن تجميد نشاط المنتدى لم يمنع مؤسسه الأمير الحسن من استئناف مشاركته في مختلف الندوات المتعلقة بعمليات تحديث المجتمعات، وحثها على التكيّف مع القيم الإنسانية، عبر الحوار والاندماج الحضاري، ومختلف الوسائل الشرعية التي تؤمن انتشار الفكر المدني.

وبعد الانهيارات الوطنية والقومية التي عززت نمو حركات الانفصال واليأس والضياع في مختلف بلدان الجامعة العربية، حاول وزير مالية العراق السابق وأستاذ العلوم السياسية علي علاوي إنشاء تجمع مشترك يعمل على وضع تصور لكيفية انبعاث هذه الأمة من جديد. وقد نجح الى حد ما في تشكيل هذا التجمع على أمل اختيار مكان الانطلاق وانتقاء اللجان المحلية.

ويرى المحللون أن الانتفاضات المتواصلة التي بدأت في تونس وليبيا ومصر، وانتهت في سورية والعراق واليمن، لم تكن انتفاضات مترابطة أو منسجمة من حيث دوافعها وأهدافها.

ومع وجود خلاف عميق حول الأسباب التي ساهمت في تمزيق ثوب العيش المشترك، كان لا بد من انتعاش المؤسسة الطائفية والعنصرية التي تحكمت بكل المسارات وأحدثت الخلل العصي على الترميم والإصلاح.

وبسبب التشرذم الذي عصف بوحدة هذه الأمة، كان من المتوقع تهميش القضية المركزية، أي قضية فلسطين واستبدالها بقضية بعيدة من تحقيق دولة فلسطينية مستقلة. وقد ساهم الرئيس الاميركي دونالد ترامب بالتعاون مع رئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتانياهو في إبعاد الرئيس محمود عباس عن موقع الشريك لأنه رفض «صفقة القرن.» أي إقامة الدولة الفلسطينية في قطاع غزة. لذلك انشغلت اسرائيل في البحث عن سلطة فلسطينية بديلة تكون مستعدة لارتكاب هذه الحماقة. وفي حال فشلت هذه المقامرة، فإن نتانياهو يهدد بعمل عسكري واسع ينتهي مجدداً بالاستيلاء على الضفة الغربية!وبما أن الموقف الإسرائيلي الرسمي يجب أن يرتبط دائماً بموقف البيت الأبيض، لذلك انتظر نتانياهو انتهاء قمة هلسنكي بهدف التنسيق مع ترامب حول المرحلة المقبلة.

ويبدو أن «الهفوة» السياسية التي ارتكبها الرئيس الأميركي أثناء المؤتمر الصحافي المشترك مع فلاديمير بوتين قد أحدثت هزة إعلامية غير متوقعة وصلت الى حد اتهام الرئيس الأميركي بالخيانة!

والسبب كما جاء على ألسنة المعترضين الكثر، أن ترامب برأ بوتين من كل تدخل في شؤون الولايات المتحدة، وألقى بالملامة على الاستخبارات الأميركية!

وأفضل ما قيل في تفسير تلك «الهفوة» المبرمجة، أن ترامب أعلن في المؤتمر الصحافي المشترك ما يحب أن يسمعه بوتين. وهكذا اعتُبِر ذلك الإخراج المتقن من ضمن التسويات والمساومات التي اتُّفِق عليها في اجتماع هلسنكي.

وحقيقة الأمر أن النشاطات السياسية التي قام بها كل من بوتين ونتانياهو هي التي مهدت لمحادثات قمة هلسنكي... وهي كتبت أجندة التنسيق وتبادل المواقع.

ومع أن إسرائيل لم تشترك في مباريات المونديال التي جرت في «استاد لوجنيكي»، إلا أن الرئيس الروسي تعمّد دعوة بنيامين نتانياهو وإيهود أولمرت كتغطية رياضية لمشكلة سياسية.

وبما أن سورية كانت الموضوع المهم في المحادثات الأميركية- الروسية، لذلك طلب بوتين من ضيفه رئيس وزراء اسرائيل استخدام علاقته الشخصية لدى ترامب بهدف رفع العقوبات الاقتصادية عن بلاده. أي العقوبات التي وضِعت على روسيا إثر ضمها القرم. وهو يرى أن هذه الخطوة تسهل له تمرير المطالب التي حملها ترامب عن سورية.

ومع أن المعلومات التي رشحت عن لقاء بوتين ونتانياهو بقيت رهينة الشكوك والحذر، إلا أن ما نشرته صحيفة «هارتس» كان أشبه بإعلان موجه إلى من يعنيهم الأمر. ذلك أنه كشف طبيعة الموقف الاسرائيلي الرسمي من إعادة الاعتبار لبشار الأسد، وتسليمه شؤون سورية -كل سورية- من جديد.

قبل مغادرته موسكو، تعهد نتانياهو لحاكم سورية الآخر بأن الرئيس السوري بشار الأسد سيكون في مأمن من إسرائيل. والسبب أنه أبقى الحدود هادئة معها، ولم يأمر بإطلاق رصاصة واحدة نحوها.

وفي معرض حديثه عن مرتفعات الجولان، ومدى تعرضها لهجمات الجهاديين الذي أعلنوا استئناف القتال، وعد بوتين بأن الطائرات الحربية الروسية لن تتدخل لنصرة فريق ضد آخر... ولن تتصدى للطيران الحربي الاسرائيلي فوق تلك المنطقة.

ولما سأله بوتين عن سبب الشكوى، قال نتانياهو إن مركز معلومات الاستخبارات أبلغه بأن الفرق السورية التي يحشدها النظام للسيطرة على المناطق الجنوبية من البلاد تضم قوات إيرانية، وأخرى من «حزب الله».

وادعى أيضاً أن ضباطاً من الحرس الثوري الإيراني يقودون هذه القوات التي ترتدي بزات الجيش السوري بغرض التمويه والتضليل.

وصارح بوتين ضيفه الإسرائيلي بالقول إنه «ليست لدينا نيّة معادية تجاهكم. ولكننا عقدنا تحالفاً استراتيجياً مع إيران يرمي الى المحافظة على الأسد وعلى نظامه».

وهنا ذكّره نتانياهو بالحديث الذي أدلى به في شهر أيار (مايو) حين الاحتفال بانتصارات الجيش السوري في حربه على الإرهاب. يومها قال بوتين: «مع بدء تنشيط العملية السياسية نرجح انسحاب القوات المسلحة الأجنبية من أراضي الجمهورية العربية السورية.»

وبعد أيام نُقل عن المتحدث باسم حكومة طهران بهرام قاسمي قوله: «لا يمكن أحداً أن يلزم إيران بالانسحاب. فالوجود الإيراني يستند الى دعوة الحكومة الشرعية السورية. وما دامت سورية تريد هذا الوجود، فإن ايران ستواصل مساعدة هذه البلاد.

ومعنى هذا أن الإسرائيليين متروكون لمصيرهم في مواجهة التحالف المؤيد للأسد، وأن خياراتهم محصورة بحلين: إما استمرار مقاتلة ايران في سورية بواسطة الطيران الحربي... أو إحياء اتفاق الفصل بين اسرائيل وسورية سنة 1974. وهذا الاتفاق ينص على عدم السماح لجيش الأسد بالدخول الى هضبة الجولان، وأن قوات تابعة للأمم المتحدة تفصل بين الجيشين بمسافة ستة كلم.

ويُستنتَج من كل هذا أن الجيش السوري لن يدخل هضبة الجولان، وأن القوات الغريبة المموهة لن تدخل أيضاً ولو ببزات عسكرية تحمل ألوان بزات الجيش السوري.

بقي السؤال المهم حول ما رشح عن قمة هلسنكي!

بعض ما رشح عن تلك الخلوة يُختصَر بسكوت ترامب عن ضم روسيا للقرم، مقابل تسهيل عودة الوجود الأميركي إلى سورية.

ولقد ظهرت فوراً نتائج تلك المقايضة بتوقيع رامي مخلوف مع إدارة إحدى أكبر الشركات الاميركية للاستشارات التي تعمل في الخارج...

والبقية تأتي!

نقلا عن الحياة اللندنية  

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ترامب من هلسنكي إلى الجولان ترامب من هلسنكي إلى الجولان



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon