توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ما بين سيناء والبيت الأبيض

  مصر اليوم -

ما بين سيناء والبيت الأبيض

بقلم - محمد المنشاوي

مع استمرار أكبر عملية عسكرية تقوم بها الدولة المصرية تحت عنوان «سيناء 2018» لإنهاء الوجود الإرهابى المتمثل فى تنظيم ولاية سيناء فى مدن وقرى محافظة شمال سيناء، تمثل معضلة سيناء قلقا كبير لمخططى السياسة الأمريكية فى الشرق الأوسط ممن يسعون فقط لخدمة مصالح واشنطن الاستراتيجية فى المنطقة.

من هنا جاء مشروع ميزانية عام 2019، والذى قدمه الرئيس الأمريكى دونالد ترامب للكونجرس يوم الإثنين الماضى، متضمنا إشارات واضحة على أهمية شبه جزيرة سيناء للمصالح الأمريكية. تلك المصالح التى تم التعبير عنها تاريخيا فى رعاية واشنطن وضغطها على الرئيس السابق أنور السادات للتوقيع على اتفاقية السلام مع إسرائيل والتى بمقتضاها يتواجد مئات الضباط والعساكر الأمريكيين ضمن قوات حفظ السلام الدولية التى تشرف على تطبيق بنود اتفاقية السلام فى شقيها. وخصصت إدارة ترامب 291 مليون دولار لدعم قوات حفظ السلام فى الدول الصديقة ومنها مصر، كما خصصت 31 مليون دولار لزيادة تأمين قوات حفظ السلام الأمريكية العاملة فى سيناء. إضافة لذلك شدد مشروع الميزانية على إبراز أن المساعدات العسكرية المقدمة لمصر والتى تبلغ 1.3 مليار دولار تهدف إلى زيادة قدرات الجانب المصرى فى تأمين سيناء والتعامل مع التهديدات الإرهابية. من هنا ترصد دوائر أمريكية رسمية وغير رسمية بدقة ما يجرى فى سيناء.

***

وبعيدا عن هوية من يقبع بالمكتب البيضاوى بالبيت الأبيض، وبعيدا عن تعقيدات العلاقات الثنائية المصرية الأمريكية، يدرك جنرالات ترامب جيدا أن واشنطن خسرت علاقاتها مع القاهرة عندما خسرت مصر سيناء عام 1967، وعادت العلاقات المصرية ــ الأمريكية بعدما عادت سيناء لمصر بعد التوقيع على اتفاقية السلام مع إسرائيل. وتدرك أيضا أن معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل تعد بمثابة الإنجاز الأكبر فى تاريخ الدبلوماسية الأمريكية فى الشرق الأوسط، فقد منعت المعاهدة وما ترتب عليها من استرجاع مصر لسيناء، الانجراف نحو مواجهة عسكرية عربية إسرائيلية واسعة لأكثر من ثلاثين عاما.

إلا أن واشنطن ترى أيضا أن فراغ السلطة فى سيناء، الذى ظهر بصورة أكثر وضوحا مع الإطاحة بنظام الرئيس الأسبق حسنى مبارك، قد سارع وملأه متطرفون ممن انضموا إلى بعض البدو المحليين الذين يشعر الكثير منهم بالظلم من طريقة معاملة الحكومة المركزية فى القاهرة لأبنائهم. وترى واشنطن أن أهالى سيناء ــ وللمرة الأولى يشهدون تأثر شبابهم بالأيديولوجية الراديكالية العنيفة، إضافة لتعاونهم بشكل وثيق مع تنظيم حماس، وغيره من الجماعات الفلسطينية (التى تصنفها واشنطن بالإرهابية) فى قطاع غزة.

كذلك تنظر واشنطن بجدية لما يتعرض له أفراد القوة متعددة الجنسيات والمراقبين الدوليين من اعتداء، وهى القوة المسئولة عن مراقبة الالتزام بالترتيبات الأمنية الواردة فى معاهدة السلام المصرية ــ الإسرائيلية فى سيناء. ويبلغ عدد تلك القوات ما يقرب من 1700 جندى أغلبهم من الولايات المتحدة.

***

قبل عامين قُدم تقرير للكونجرس ذكر فيه أن الولايات المتحدة تقدم مساعدات لمصر مساهمة منها فى تأمين سيناء، وذكر التقرير أن واشنطن «تدعم مصر فى تأمين سيناء عن طريق إمدادها بمعلومات أمنية مهمة، بما فى ذلك رصد مكالمات هاتفية ورسائل تبث عن طريق الراديو بين المشتبه فى قيامهم بأنشطة إرهابية»، وذكر التقرير أيضا «أن واشنطن تطلع مصر على صور تلتقطها أقمار صناعية وطائرات تجسس أمريكية». ويدلل ما ذكره التقرير على أهمية شبه جزيرة سيناء للاستراتيجية الأمريكية. وينبع ذلك من كون سيناء ساحة قتال كل الحروب المصرية ــ الإسرائيلية منذ 1948 وحتى 1973، كما تعكس عزلة سيناء الجغرافية، إضافة لموقعها الرابط بين دول مهمة مثل مصر وفلسطين والأردن وإسرائيل والسعودية، بعدا آخر لأهميتها زاد منها وصول تنظيم حماس عام 2006 للحكم، وسيطرته على الحكم فى قطاع غزة حتى الآن. ونظرا للأهمية الكبيرة لسيناء، فقد استثنتها العقوبات التى أنزلتها إدارة الرئيس السابق باراك أوباما على النظام المصرى فى النصف الثانى من 2013 على خلفية أحداث فض اعتصام رابعة وتردى الأوضاع الأمنية والسياسية والحقوقية فى مصر. وأكد تشاك هاجل ‏ــ وزير الدفاع الأمريكى آنذاك ــ لنظيره المصرى آنذاك الفريق عبدالفتاح السيسى، أن الولايات المتحدة ستواصل تقديم المساعدة فى القضايا التى تخدم الأهداف الأمنية الحيوية للجانبين بما فى ذلك مكافحة الإرهاب وانتشار الأسلحة وتأمين الحدود والأمن فى سيناء.

وهكذا استثنت واشنطن المساعدات المتعلقة بتأمين سيناء وحدودها من أى تخفيض أو تجميد طبقته على المساعدات الأخرى.

***

فى الوقت ذاته تمثل سيناء معضلة كبيرة لمخططى السياسة الأمريكيين لمعرفتهم وإدراكهم لأهميتها وخطورتها ولما يمكن أن توفره فى إطار حلول إقليمية لقضايا الصراع العربى الإسرائيلى. وتدرك واشنطن ترامب ــ التى يشغل بها أهم مناصب الإدارة الحالية المتعلقة بالشرق الأوسط رجال عسكريون ــ جيدا أن سلام مصر أو حربها مع إسرائيل يتوقف على تطورات الأوضاع داخل سيناء فصمود معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، التى تعتبر حجر الأساس للتصور الأمريكى للأمن الإقليمى فى الشرق الأوسط، يعتمد على أمن وتأمين سيناء، وامتداد سيطرة الحكومة المصرية إليها. وهكذا أصبحت سيناء وأمنها ــ بما لها من حدود مع إسرائيل تمتد 250 كيلومترا ــ المعيار الأهم لحرب العرب أو سلمهم مع إسرائيل. وتهمس بعض الأصوات كذلك لتربط التصور الأمريكى بتطورات موضوع تخلى مصر عن السيادة للسعودية فى جزيرتى تيران وصنافير الواقعتين عند مدخل خليج العقبة، وعلاقة ذلك بدور سعودى فى ترتيبات إقليمية أمنية قادمة. واشنطن التى تدرك أن معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل تعد بمثابة الإنجاز الأكبر فى تاريخ الدبلوماسية الأمريكية، تدرك اليوم أن تبعات ذلك تدفع باتجاه تصور سيناء كحجر أساس جديد لتسويات أكبر بالمنطقة.


نقلا عن الشروق القاهرية

GMT 13:43 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

دولة في غزة كُبرى؟

GMT 11:56 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الوطن والشعب.. وأنا

GMT 08:20 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

درع العرب (1) نواة القوة المشتركة

GMT 09:54 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

مسقط... رؤية مختلفة

GMT 08:32 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

عودة الوحش

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما بين سيناء والبيت الأبيض ما بين سيناء والبيت الأبيض



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon