توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

كافكا..وكوابيس اليقظة

  مصر اليوم -

كافكاوكوابيس اليقظة

بقلم : بهاء جاهين

 قال الأديب الكولومبى الحاصل على نوبل جابرييل جارثيا ماركيز عن التشيكى فرانز كافكا - الذى كان يكتب بالألمانية - بعد أن قرأ قصته القصيرة «المسخ» فى مرحلة مبكرة نسبياً من حياته - قال إن هذه القصة هى أول ما لفته ونبهه أنه يمكن أن يكتب بشكل مختلف. ولم يكن كافكا (1924-1883) قد حصل, فى حياته القصيرة المزدحمة بالإبداع, على جائزة نوبل؛ بل إنه مات ولم يُنشر من إنتاجه الرائد فى فن القصة والرواية إلا النذر القليل, ولم تعرفه إلا دائرة ضيقة من الكتاب والنخبة المثقفة فى مدينته براج.

مات كافكا بالسُلّ وهو فى الأربعين تاركاً كل ما كتب بين يدى صديقه وابن مدينته الكاتب ماكس برود, موصياً إياه أن يحرق كل ما لم يُنشر منه - وهو معظم ما كتب - وأما ما كان قد نُشر فأوصاه ألا يعيد نشره. ولولا أن برود قد أبى أن يشارك صديقه فى جريمة هذا الانتحار الأدبى, بل فعل العكس تماماً ونشر كل ما تركه صديقه بين يديه, لما عرف العالم كافكا, الذى أسهمت رواياته وقصصه إسهاماً عريضاً فى تأسيس حداثة القرن العشرين.

بل إن كافكا من الأدباء القلائل فى التاريخ الذين يرتبط باسمهم منهج فى الكتابة؛ وفى حالة كافكا يكاد ذلك النهج أن يكون نوعاً أدبياً قائماُ بذاته يسميه نقاد الأدب (Kafkaesque) , حيث تختلط الواقعية بمنطق الحلم, وبالتحديد الكابوس.

والبطل إنسان صغير, إنسان عادى يعطيه كافكا اسماً هو حرف واحد (ك), الحرف الأول من اسم الكاتب نفسه. يواجه ذلك الإنسان العادى الصغير مأزقاً كابوسياً غير عادى, ليس مرعباً بل مزعج وغامض، حيث هناك قوة أكبر منه بكثير, مؤسسة بيروقراطية هائلة, مثل القضاء فى روايته «المحاكمة», تواجهه وتسحقه. يجد ذلك الشخص العادىّ نفسه ذات صباح متهما بتهمة مُبهمة أمام هيئة قضائية ترسل بعض موظفيها لإلقاء القبض عليه. ويتمدد الكابوس ليجد (ك) نفسه مضطراً للترافع عن نفسه واقفاً أمام موظفى هذه المؤسسة القانونية البيروقراطية الغامضة, يسوق الحجج والبراهين إزاء تهمة لا يعرف ما هى بالتحديد, أو ينتظر فى أروقة ذلك المبنى الحكومى كالح الجدران, متشعب الأروقة كالمتاهة..

نفس المتاهة تتكرر فى روايتيه «القلعة» و«أمريكا». وفى «القلعة» البطل يحمل نفس الاسم الذى هو (ك). وهو هنا موظف صغير يصل إلى قرية تحكمها هيئة بيروقراطية كبرى تمارس مهامها من قلعة عظيمة منيعة يحاول (ك) النفاذ إليها للقيام بمهمة يزعم أن القلعة نفسها استدعته للقيام بها. إلا أن التعقيدات والمتاهات البيروقراطية تحول دون ذلك, وتأبى السماح له بممارسة ذلك العمل ويستعصى عليه دخول القلعة أو حتى حق الوجود فى القرية. ويموت (ك) دون أن تستجيب له القلعة, لكنها, وهو على سرير الاحتضار, تعلن أنه برغم أن موقفه القانونى وأوراقه لا تعطيه حق العيش فى القرية, إلا أن القلعة لظروف استثنائية ستسمح له بالحياة والعمل فى تلك القرية. وقد مات كافكا دون أن يُكمل الرواية, لكنه أسرّ بنهايتها تلك لأصدقائه.

وكذلك لم يُكمل كافكا روايته الثالثة «أمريكا», التى تتكرر فيها أيضاً تيمة الغربة وانسحاق الفرد أمام مؤسسة ظالمة وقاهرة؛ لكن روايته أمريكا تنفرد بأنها تمثل أيضاً فكرة البدء من جديد والهروب من آثام حياة سابقة إلى منحة حياة أخرى متجددة, وتعكس غرام كافكا باتساع الأراضى الشاسعة والطبيعة المفتوحة الممتدة. والبطل فيها طفل تقريباً, فهو فى السادسة عشر، وقد كبر الاسم من (ك) إلى كارل, إلا أن بطلها رغم هذا الاختلاف يواجه جوهرياً نفس الكابوس ونفس المأزق.. كما سنرى إن شاء الله فى المقالة المقبلة.

نقلا عن الاهرام القاهريه

GMT 13:43 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

دولة في غزة كُبرى؟

GMT 11:56 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الوطن والشعب.. وأنا

GMT 08:20 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

درع العرب (1) نواة القوة المشتركة

GMT 09:54 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

مسقط... رؤية مختلفة

GMT 08:32 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

عودة الوحش

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كافكاوكوابيس اليقظة كافكاوكوابيس اليقظة



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon