توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«الموت عمل شاق»

  مصر اليوم -

«الموت عمل شاق»

بقلم : بهاء جاهين

 بهذا الاسم صدرت أحدث روايات الكاتب السورى خالد خليفة. وهى روايته السادسة، إلا أننى لم أقرأ له إلا رواياته الثلاث الأخيرة. فقبل هذه، الصادرة عن دار العين للنشر بعنوان «الموت عمل شاق» 2016، قرأت ما سبقتها، وعنوانها «لا سكاكين فى مطابخ هذه المدينة» 2013، وقد حصلت على جائزة نجيب محفوظ ووصلت إلى القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية «بوكر»، وسابقتهما «مديح الكراهية» 2008، التى تُرجمت إلى عدة لغات ووصلت هى أيضاً للقائمة القصيرة لبوكر العربية كما رُشحت لجائزة إندبندنت العالمية. وبعيداً عن هذا الاحتفاء العام، ينبغى أن أعترف بأن الروايات الثلاث طبقاً لتذوقى الشخصى تقترب من قمة الإبداع. وقد سبق أن كتبت عن »مديح الكراهية« والرواية التى تلتها، والاثنتان كانت تدور أحداثهما فى حلب، وتتناول كل منهما أسرة سورية من ساكنى حلب فى مناخ الصراع السياسى بين الدولة والإسلاميين فى السنوات القليلة التى انتهت بثورة 2011. أما رواية «الموت عمل شاق» فقد كُتبت بعد مارس 2011، وتصف الأجواء التى يعيش فى ظلها الشعب السورى الآن بعد أن وصل الصراع السياسى إلى مرحلة الاحتراب الأهلي، وبعد أن أصبح الموت حقيقة يومية عادية وشائعة، وتافهة كموت ذبابة. لكن الموت عمل شاق مشقته ما بعدها مشقة، إذا لم تتغير الحقائق الأخرى والقيم الأخرى لتصبح بنفس التفاهة، فى وجدان ما زال يحتفظ، رغم ما يدور حوله من عبث، ببعض الرومانسية وبأخلاقيات ما قبل الطوفان الذى يركب فيه الأب كتفى ولده ليحتفظ بفتحتى أنفه سنتيمترات فوق الماء.

تبدأ الأحداث بموت كهل فى دمشق، يوصى ولده وهو على سرير الاحتضار، بأن يدفنه فى مقبرة الأسرة بقرية بعيدة فى ريف حلب. ولأن ولده نبيل (وشهرته بلبل) ما زال يحتفظ داخله بوجدان غنائى ومنظومة قيم ربما كانت تصلح قبل الحرب، فقد وعد أباه بتنفيذ الوصية، ليتحول الموت فى ظل هذا الوعد من حدث تافه يحدث كل دقيقة إلى سفر مرعب تحت أهوال القصف، فى طريق طويل يقطع سوريا الحرب الأهلية, عبر كمائن عدة متعددة الهويات العسكرية والعقائدية، فى عربة ميكروباص يقودها حسين الأخ الأصغر لنبيل أو بلبل، وتجمع، للمرة الأولى من سنوات، الأخوين إضافة لأختهما فاطمة، بعد أن حولتهم الحقائق الأخيرة لغرباء. اضطرتهم لهذا ظروف الموت العاديّ، الذى عاد استثنائياً بوعد نبيل الرومانسى لأبيه بدفنه فى قريته البعيدة بجوار شقيقته، بدلاً من إيلاج جثمانه أقرب حفرة أو مقبرة جماعية بلا هوية سوى هوية الموت اليومى والتهاوى كالذباب. فى سيارة الميكروباص تلك، التى يعمل عليها ويرتزق منها حسين، يحمل الإخوة الثلاثة جثمان أبيهم ملفوفاً فى بطانية تحت حرارة الصيف، وتحت العيون المتوجسة متعددة الهويات والتى لا تتفق إلا فى توجسها ونظرتها المفتشة فى قلوب الإخوة الثلاثة وضمائرهم وأوراقهم التى تشى بالمنطقة الجغرافية والطائفة الدينية وانتمائهم المفترض إلى هذا الجانب أو ذاك من المتحاربين، تحت تلك الشمس وتلك العيون يتعفن بالتدريج جثمان الأب، بعد أن تحولت السَّفرة التى تستغرق فى الأحوال العادية ساعات إلى رحلة استغرقت عدة أيام تصاعدت خلالها رائحة التعفن التى لا تطاق لجثة تنهشها الديدان. وبعد ويلات العذاب وإصرار بلبل على احترام رغبة أبيه الأخيرة، لم يسمح الواقع بدفن الأب كما أوصى بجوار شقيقته، ولكن فى ركن بعيد وحده فى المقبرة العائلية، إلا أن بلبل دفن مع جثمان أبيه خوفه المزمن. الرواية رحلة إبداعية شائقة كما هى رحلة جغرافية كابوسية بطول سوريا الحرب الأهلية. وهى رحلة تستحق أن تقطعها أيها القارئ العزيز فى جنة إبداع تتحدث عن جحيم الحرب.

نقلا عن الآهرام القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 13:43 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

دولة في غزة كُبرى؟

GMT 11:56 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الوطن والشعب.. وأنا

GMT 08:20 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

درع العرب (1) نواة القوة المشتركة

GMT 09:54 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

مسقط... رؤية مختلفة

GMT 08:32 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

عودة الوحش

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الموت عمل شاق» «الموت عمل شاق»



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon