توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

استهداف المملكة قبل خاشقجي وبعده

  مصر اليوم -

استهداف المملكة قبل خاشقجي وبعده

بقلم - رضوان السيد

انتظرتُ ما سيقوله الرئيس التركي عن مقتل الصحافي جمال خاشقجي بالقنصلية السعودية بإسطنبول. وما قال الرئيس التركي ما لم نكن نعرفه وما أعلن عنه تحقيق النائب العام بالمملكة. لكنه أضاف لذلك ثلاثة أمور: أن القتل كان متعمداً، وتساءل عن جثة القتيل، وطالب بأن يكون التحقيق مع القتلة في إسطنبول حيث ارتُكبت الجريمة. لكنّ جهات كثيرة على رأسها الإعلام الأوروبي، والإعلام القَطَري وأتباعه خاب أملُها، لأنها كانت تنتظر من إردوغان إدانة للمسؤولين في السعودية. وعادت لذكْر مآخذها على المملكة، ومن ذلك الحرب في اليمن، والتغييرات الكبيرة في الاقتصاد، والسير مع الأميركيين في مواجهة إيران.

كلُّ هذه المسائل التي أزعجت هؤلاء، ليس بينها مسألة حدثت بعد مقتل الصحافي السعودي. فالأوروبيون جميعاً كانوا ضد خروج الرئيس الأميركي من الاتفاق النووي مع إيران، كما أنهم ضد العقوبات التي فرضها الرئيس على إيران، والتي تأتي موجتها الثالثة والأشدّ في الرابع من شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. وللذين لا يذكرون من العرب من قطريين وقوميين وإسلاميين؛ فإنّ مجلس التعاون الخليجي والجامعة العربية، عبّرا لإدارة الرئيس أوباما عن قلقهما منذ العام 2014 من نتائج الاتفاق على الأمن العربي، والأمن في المنطقة. وقال أمين مجلس التعاون فيما أذكر عام 2015 إنّ الاعتراض ليس على الاتفاق الذي لن يمنع إيران من إنتاج سلاح نووي بعد عشر سنوات فقط؛ بل ولاقتران ذلك بإطلاق يد إيران وميليشياتها بالمنطقة العربية قتلاً وتهجيراً وتخريباً، والاستمرار في تهديد أمن الممرات البحرية العالمية في مضيق هرمز وبحر العرب والبحر الأحمر. وهؤلاء لا يذكرون اليوم غير انزعاج إسرائيل من الاتفاق. أما خراب بلداننا على يد الإيرانيين وميليشياتهم فقد سقط من اهتماماتهم الفائقة في إحساسها بالمسؤولية. وإسرائيل منزعجة الآن من تمدد إيران في سوريا، ومن تكديسها الصواريخ لدى «حزب الله» في لبنان. وآخِرها أدوات لدقة التصويب الصاروخي أرسلتها إيران للحزب في لبنان عبر مطارات دمشق وقطر وبيروت: فهل يكون علينا نحن اللبنانيين الذين يتكدس السلاح الإيراني على أرضهم أن يفرحوا فقط لأنّ إسرائيل منزعجة؟! أميركا ترمب تعلن عن إرادتها: مكافحة التهديد النووي الإيراني، والصواريخ الباليستية، والتخريب والاستيلاء الإيراني في العراق وسوريا ولبنان واليمن. والأوروبيون لديهم همومهم واعتباراتهم بشأن الخصومة مع روسيا، وبشأن المهاجرين إليهم من الدول العربية الخَرِبة؛ فما هي مشكلة قوميينا وإسلاميين العظام، إذا أُرغمت إيران تحت وطأة العقوبات على كفّ ضررها المنطقة العربية؟ هم يعلمون أنّ إسرائيل تستطيع الدفاع عن نفسها، فكيف يفكّرون في استعادة بلدانهم من التغول الإيراني، بدلاً من الانشغال بالتحالف الأميركي - السعودي، وكيف يمكن تفكيكه؟!

ولنذهب إلى حرب اليمن التي أزعجت قوميينا وإسلاميينا والأوروبيين ولا تزال. ماذا كان بوسع مجلس التعاون الخليجي أن يفعل أمام الانقلاب الحوثي، الذي يحوّل اليمن إلى سوريا ثانية بالحدّ الأدنى، ويهدّد الأمن السعودي تهديداً مباشرا؟ وعلمي أنّ دولة قطر كانت أيضاً مع حماية البحرين، ومع التدخل باليمن، ثم جرت في النهر مياهٌ جديدة. منذ العام 2013 - 2014 كنت أُجادلُ جمال خاشقجي رحمه الله في مسألتين: استيلاء الإخوان على مصر وضرورة التسليم بذلك من أجل الديمقراطية، والتدخل الخليجي في اليمن. وهو كان خائفاً - كما قال - على المملكة من جراء التدخل، ويفضّل دعم جهاتٍ يمنية لمقاتلة الانقلاب. وكنت أقول له: لكنّ الرئيس صالح دخل مع الانقلابيين بحرسه الجمهوري، القوة الرئيسية في الجيش اليمني، وقد استولوا على السواحل اليمنية الشمالية، ووصلوا إلى عدن. وهؤلاء عقائديون، ومن قوى ما قبل التاريخ، كما كان الرئيس صالح نفسه يقول عنهم. وهو الذي سمّاهم السُلاليين، واعتبرهم عصابة إيرانية. وقد قرنوا زحفهم على اليمن الشافعية بإطلاق النار من صعدة ومن الجوف على المملكة: هل كان على المملكة الانتظار حتى يطلقوا الصواريخ الإيرانية على مكة، وحتى يفتخر قائد الحرس الثوري الإيراني بالاستيلاء على أربع عواصم عربية من بينها صنعاء؟

أما مصر كنانة العرب والإسلام فلا ينبغي التسليم بها لـ«الإخوان» بالديمقراطية ولا بغيرها. لقد توفي قبل أيام بالمملكة الرئيس السوداني السابق عبد الرحمن سوار الذهب، الذي خلّص البلاد من حكم النميري، ليستولي على السلطة فيها بعد ثلاث سنوات من الحكم الديمقراطي ضباط إسلاميون، فلننظر إلى ما أصاب البلاد من انفصالاتٍ وتمردات طوال ما يقارب الثلاثة عقود! وهذا إلى أنّ مصر بالنسبة لنا نحن العرب والمسلمين لا شبيه لها، وليعذرني إسلاميو قطر وإسلاميو تركيا وقومجيو العرب المتأيرنون!

وأنا لا أُصدّق أنّ تغيير النظام الاقتصادي في المملكة العربية السعودية للخروج من الإدمان على النفط، هو على هذه الدرجة من الإزعاج للقوميين والإسلاميين والأوروبيين. فهناك قوى اقتصادية ومالية كبرى ترى فيه أملاً ومصلحة للاقتصاد العالمي ولمستقبل المملكة والعرب. وقد سمعتُ وقرأتُ آراء متباينة بشأن أجزاء منه، دونما اعتراضٍ جدي على فكرته الرئيسية. ولا شكّ أنّ هذا التغيير الكبير المؤثِّر على أنماط العيش والتصرف، أثار ويثير سخط فئاتٍ واستحسان ودعم فئاتٍ أخرى. والمجتمع السعودي أحد أكثر الشعوب العربية شباباً وتعلماً وثقافة، وهو يحتاج إلى تغييرٍ بدأت آثاره تظهر في هذا الحراك الضخم الجاري.
إنما وكما سبق القول؛ فإنّ هذا التغيير المصيري الاقتصادي والاجتماعي، الذي ينُاقشُ في سائر أنحاء العالم، وفي اقتصاداته الكبرى، حري بأن يكون هناك صبرٌ له وعليه بالداخل السعودي، ومن سائر الأطراف. وأنا لا أقصد بذلك الجوانب الاقتصادية والتقنية فقط؛ بل والسياسية أيضاً. فالمملكة في سياساتها العربية والدولية في عهد الملك سلمان بن عبد العزيز، مختلفة عنها في العهود السابقة. فما كان من سياسة المملكة التدخل من قبل بهذه الدرجة، وبهذه الأشكال، في أنحاء عدة من العالم العربي، ومن العالم الأَوسع. لقد كان عليها أن تتدخل بحسمٍ وحزمٍ ضد الإرهاب، وكان ينبغي أن يحصل ذلك بعد العام 2001 مباشرة، بينما اقتصر الأمر على الإجراءات الداخلية، ومحاولات منع المتورطين من أبنائها من القتال في بلدانٍ أُخرى. ثم وبسبب تفاقم التحديات صارت رأساً في مكافحة التطرف العنيف في أنحاء مختلفة من العالمين العربي والإسلامي، والعالم الأوسع. وهذا هو التوجه الصحيح، أو يبقى التطرف العنيف خطراً علينا، ونظلّ متهمين به! وقبل أسبوعين أصدر برلمان بشار الأسد الديمقراطي قانوناً يمنع فيه دخول الوهابيين والإخوان في الأجهزة الدينية!

ويقال الآن إنّ المملكة وقفت ضد حركة الربيع العربي. وهذا كلامٌ له وعليه. فقد سايرت التغيير في اليمن أو اعترفت به، وحاولت مع مجلس التعاون الخليجي أن يكون سلِساً غير عنيف كما حدث في سوريا وليبيا. لكنها تدخلت ضد الانقلاب على حركة التغيير وليس ضد التغيير ذاته. وقد قلنا من قبل إنّ الانقلاب ذاك هدَّد أمنها وأمن العرب.
ووقفت المملكة مع مصلحة مصر واستقرار مصر ووعي وعقل مصر. وأعرف مثقفين مصريين كباراً ما كانوا مع دعم المملكة والإمارات لحركة الجيش المصري الإنقاذية، لكنهم الآن شديدو التأييد لذلك. وها هي المملكة وها هي دولة الإمارات، تتدخلان في القرن الأفريقي لتأمين مصر وتأمين السودان، وصنع مشهدٍ آخر للوجود العربي في تلك الأصقاع.

وماذا كنا سنقول للمملكة وعنها لو لم تعلن مواجهتها للاجتياح الإيراني للبلدان العربية ووصل التهديد إلى حدودها لجهة العراق ولجهة اليمن ولجهة بحار العرب وممرات ثرواتهم البحرية. لقد كنتُ دائم النقاش مع الراحل سعود الفيصل في الشرق الأوسط وفي زياراتي له مع الرئيس السنيورة. وكان الراحل حكيماً معي، لكنه في إحدى المقابلات أواخر عام 2012 جادلني بحدّة لاستشهادي في أحد المقالات ببيت الشعر: تعدو الذئاب على مَنْ لا كلابَ له... الخ - وقال: نعم يا أخي، ما باليد حيلة! في عهد الملك سلمان صارت القوات المسلَّحة السعودية جيشاً ضارباً، وهذا فضلاً عن مساعدة المملكة لعدة جيوشٍ عربية وإسلامية لحماية الحدود والاستقرار ودفع تغولات الإرهاب وتخريبات الخارج.
لهذه الأسباب جميعاً هناك استهدافاتٌ كبيرة وكثيرة لحماة الحرمين، وقيادة العرب والمسلمين. ولن يخفَّ الاستهداف إلاّ إذا انكفأت المملكة من جديد، أو تجاهلت المسؤوليات التي وضعها موقعها وموقفها على عاتقها، وهو الأمر غير المنتظر وغير المعقول. ولذلك كلِّه ينبغي أن لا تُعطى الفرصة للخصوم والأعداء للنيل من الصمود والمكانة. ومقتل الخاشقجي إحدى هذه الفُرَص للأتراك وللقطريين والإيرانيين وللإعلام العالمي. ولذلك ينبغي أن يُعاقَب أولئك الذين يتهمهم النائب العام السعودي بأشد العقوبات في شرعنا وعدالتنا: «والله غالبٌ على أمره، ولكنّ أكثر الناس لا يعلمون».

نقلًا عن الشرق الاوسط

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

استهداف المملكة قبل خاشقجي وبعده استهداف المملكة قبل خاشقجي وبعده



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon