توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

استرحام الذين لا يرحمون!

  مصر اليوم -

استرحام الذين لا يرحمون

بقلم - رضوان السيد

ستة أحداثٍ لافتة هذا الأسبوع في العالم العربي، وهي جميعاً لا تبعث على الاطمئنان، ربما باستثناء الحدث الجزائري: مشهد نساء «داعش» والأطفال وهم يخرجون من الباغوز إلى بواغيز أُخرى. وعودة المظاهرات إلى درعا السورية. وحماسة الزعماء العراقيين للمزيد من الانضواء في الجيب الإيراني تحت أنظار روحاني واستحسانه. ومبادرة بوتفليقة في الجزائر. وتركّز الهجمات على أهل السنة في لبنان باعتبارهم الطائفة الوحيدة المتهمة بالفساد في وطن الأرز الخالد. وإصرار الرئيس السوداني على البقاء في منصبه رغم تخلّي كل الجمهور عنه بمن في ذلك الميرغني! 
مشهد نساء «داعش» مأساوي بالفعل. فأكثرهنّ لا يزلن متمسكات بحلم «الدولة الإسلامية»، رغم أنه حلم كابوسي. لقد جئن من كل الأصقاع. وتزوجت كلٌّ منهنّ عدة مرات. وعشن ظروفاً غير إنسانية، وما فارق معظمهنّ ذلك الكابوس. وإذا تجاوزْنا المشهد الهستيري، فستكثر التساؤلات: هل صحيحٌ أنّ الدين الإسلامي يقتضي كلَّ ذلك؟! وهذا سؤالٌ أجاب عنه ملايين المسلمين بأنه غير صحيح وغير سليمٍ وجنوني. إنما السؤال أنّ هؤلاء وإنْ كانوا قلة ضئيلة جداً، فكيف يمكن الخلاص إسلامياً وعربياً من هذه المصيبة؟ وإذا التفتنا للمشهد القريب، كيف تجمّع هؤلاء، ومن أين أتوا، ولماذا أدخلتهم السلطات التركية وأقدرتْهم على التسلح والسرحان وفرض النموذج؟ إردوغان زعلان لأنّ السلطات المصرية تحاكم قتلة النائب العام المصري، لكن ألا يستحق هؤلاء البائسون والواهمون نظرة شفقة منه أيضاً، وقد تجمعوا بسماحٍ وأحياناً بطلبٍ من المخابرات التركية؟! ستظل الأسئلة تتكاثر بشأن ظاهرة «داعش»، لكنْ لا بد أن يُسأل الأتراك والإيرانيون والنظامان السوري والعراقي، وهم الفرقاء الرئيسيون الذين إن لم يكونوا قد أوجدوا الظاهرة فإنهم أفادوا منها بكل سبيل. أما التداعيات الناجمة عن ظواهر الميليشيات فستظل عبئاً على العرب لآمادٍ وآماد؛ وبخاصة أنها تزداد انتشاراً رغم الهزائم والمقاتل في كل مكان.
أما مظاهرات مدينة درعا السورية فإنّ أسبابها لا تقلُّ غرابة. هؤلاء الناس متعبون، وقد قُتل نصفهم أو تهجّر. لكنّ بشار الأسد ما رثى لحالهم، وعاد لنشر تماثيله وتماثيل والده في الأنحاء، كأن شيئاً لم يحدث. الأسد يريد أن تبقى شواهد الإذلال حاضرة، والناس يفضّلون التعرض للقتل والتهجير من جديد على أن يروا تماثيل حكامهم الخالدين.
مشهد درعا إذن هو مشهد البشر الذين لا يستطيعون القبول بانتهاك إنسانيتهم بعد حياتهم. وما يحدث في العراق عكس ذلك تماماً. فالمفروض أنّ سلطات جديدة منتخبة قامت بعد الهزتين: هزة «داعش»، وهزة الأكراد. لكنّ السلطات العراقية، ومدن العراق التي تُعاني من نقص الكهرباء والماء والأعمال؛ تخضع للابتزاز الإيراني. العراق أغنى الدول العربية بالبترول، يستورد الكهرباء والمشتقات النفطية من إيران، ويشتري منها السلع بالعملة الصعبة. ويجري اغتيال كل من يرفع صوته مطالباً بالحياة الكريمة والحرة من إيران ومن الميليشيات. لماذا يحصل ذلك؟ لأنّ لإيران يداً في وصول كل منهم إلى منصبه، وللحرية والكرامة ثمن لا يريد معظم السياسيين العراقيين دفعه!
وقد عاد الرئيس الجزائري إلى بلده من المستشفى السويسري. فتخلّى عن الترشيح للعهدة الخامسة، وشكّل حكومة جديدة، وأنشأ لجنة للحوار الوطني كلّف بها الدبلوماسي المعروف الأخضر الإبراهيمي. ومع أنّ ذلك ما أرضى المتظاهرين، إنما هذه بداية واعدة يستطيع المتظاهرون الشباب الإسهام في إنجاحها ولو من طريق استمرار الضغوط في الشارع.
بيد أنّ ما حصل في الجزائر، ما حدث مثله في السودان الذي يحكمه الجنرال البشير منذ العام 1989، حيث يقول الرئيس للناس الذين في الشارع: لا وصول للسلطة من دون انتخاباتٍ بعد سنة أو أكثر، وإنه لن يترشح. إنما ما الفرق بين اليوم والغد، لماذا لا يفعل كما فعل سِوار الذهب، الذي أسقط النميري، وأجرى انتخابات وغادر السلطة. كل الوقت، ومنذ التسعينات يُجري الجنرال البشير كل الانتخابات الممكنة وغير الممكنة، وينجح فيها كلها بالطبع. فكيف سيصدق الشباب أنّ الانتخابات ستجري، وستكون حرة. إنّ الذي أخشاه مع طول مدة التوتر والتظاهر أن تقيم بعض الأقاليم النائية والثائرة أصلاً سلطاتها الخاصة بها، وتستعر الانفصاليات مثلما حدث مع جنوب السودان. وإذا استبعد أحدٌ ذلك؛ فإنّ انفصال الجنوب كان غير متصوَّر، لولا البشير والترابي وأمثالهما!
وفي لبنان قصة أُخرى. فـ«حزب الله» مسيطرٌ على القرار العسكري والسياسي والإداري. وهو متحالفٌ مع رئيس الجمهورية. وإدارة الدولة مفككة وفاسدة. ورئيس الحكومة الذي فقد معظم سلطاته بين نصر الله وعون، يأمل في استنهاض الأوضاع الاقتصادية والمعيشية من طريق القروض التي وعدت بها الدول في مؤتمر «سيدر» الباريسي. لكنّ الحزب يقول إنه ضد مؤتمر باريس، وإنّ أولويته هو وعون مكافحة الفساد. وهو وعون يذهبان إلى أنّ مكافحة الفساد ينبغي أن تبدأ من العام 1993 تاريخ تولِّي رفيق الحريري والد سعد الحريري لرئاسة الحكومة. وقد شنّ الجميع حملة على «فساد» الرئيس السنيورة الذي تولى رئاسة الحكومة بين العامين 2005 و2009؛ بينما المعروف أنّ الفساد الهائل إنما وصل إلى ذروته في العهد الحالي. ولكي يؤكدوا أنّ الفاسدين هم السنة فقط ومنذ أيام رفيق الحريري؛ فقد شنوا حملات على ستة أو سبعة وزراء وموظفين كبار كلهم من المسلمين السُّنة. ما عاد هناك طرفٌ معارض قوي لسلطة الحزب وعون غير الطرف السني. ولكي لا تتطور المعارضة، وتكتسب أبعاداً وطنية؛ فإنهم يريدون إشغال السنة بأنفسهم والدفاع عن سمعتهم، بدلاً من الالتفات إلى شرور الدويلة التي أقامتها الميليشيات، والفساد والإفساد للدستور وللحياة السياسية والاقتصادية، والذي يمارسه سياسيو الحزبيات والطائفيات المسيطرة.
وبالطبع، ليس ما ذكرته هو كل ما في العالم العربي من مشكلات. فهناك اليمن وهناك ليبيا وهناك الصومال. ولكل أزمة أو حربٍ في أي بلد أسبابها الخاصة. لكنْ: ما هو الجامعُ المشترك في كل الأزمات؟ الجامع هو الميليشيات وثقافتها المعادية للدولة والاستقرار وانتظام الحياتين الخاصة والعامة. وفي العراق وسوريا ولبنان واليمن هي الميليشيات ذات التوجه الإيراني . وهي أيضاً الميليشيات «المتأخونة» في ليبيا. ورجالات الدول وسياسيوها في هذه الأصقاع إما يعملون عند الميليشيات، وإما يخطبون ودَّها من أجل الوصول للمنصب بالتنسيق معهم. فمن أين يأتي الفَرَج ما دام حاميها حراميها، ويرضى القتيل وليس يرضى القاتل!

 

نقلًا عن الشرق الاوسط

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع 

 

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

استرحام الذين لا يرحمون استرحام الذين لا يرحمون



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon