توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

التسوية المقبولة والتسوية التي لا تُرضي أحداً!

  مصر اليوم -

التسوية المقبولة والتسوية التي لا تُرضي أحداً

بقلم - رضوان السيد

بعد زيارة الرئيس السوداني للأسد في سوريا، كثرت التخمينات حول لماذا جاء، ومن أرسله، وما الرسالة التي يحملها، وهل تكون الزيارة بداية لاستعادة الأسد إلى الجامعة العربية... الخ. بينما سعى فريقٌ آخر من المراقبين إلى التقليل من شأن الزيارة، باعتبار أن الرئيس السوداني لا يصلح رسولاً لجهة عربية أو دولية. إنما الطريف أنّ حديث الزيارة وبيانها الختامي كان عن العرب والعروبة، والنهج العربي الصميم الذي اتبعه الأسد، إنما بواسطة الروس والإيرانيين والميليشيات العراقية واللبنانية والأفغانية والباكستانية، وهل هناك عروبة أعظم من هذا؟!
ولنذهب إلى المسار العملي. إشارة الرئيس السوداني ليست الأولى، فقد سبقتها علناً ملاحظاتٌ للذين يطالبون العودة إلى سوريا ويحمّلون «الابتعاد» العربي المسؤولية عن وقوع سوريا في القبضة الإيرانية والقبضات الأُخرى. ولو عادت بنا الذاكرة إلى ما قبل العام 2011 لوجدنا أنّ ذلك غير دقيق. فقد تنافس العرب على إرضاء الأسد للابتعاد قليلاً عن طهران. وإذا أراد البعض التذكر فإنّ الأميركيين كانوا أيضاً يسابقون العرب لإقناع الأسد بعدم العمل لمصلحة طهران في العراق ولبنان. والذين كانوا يعودون من سوريا من الأميركيين والإنجليز والفرنسيين والعرب كانوا يحملون أحد انطباعين: إمّا أن الأسد لا يريد التخلي عن التحالف مع طهران، وإما أنه ما عاد مستطيعاً ذلك. وأذكر أنه في العام 2007 أو 2008، وكنت مستشاراً للرئيس السنيورة؛ أنّ مبعوث الرئيس السوداني الحالي الوزير مصطفى عثمان إسماعيل، الذي كان يحاول التوسط بيننا وبين سوريا؛ قال لي: عليكم إذا أردتم أنتم وأراد العرب الآخرون أن تصلوا إلى علاقات مقبولة مع الأسد، أن تكفّوا عن تعيير الأسد بالعلاقة مع طهران، إذ هو يعتبر العلاقة ميزة وضمانة له حتى مع الأميركيين! وقلت له: لكن ما مصلحتكم أنتم في الوساطة التي تعرفون أنها لن تنجح؟ قال: نحن نريد وقايتكم من الأذى فلا يجتمع عليكم الحزب والأسد معاً!
ولنعد إلى ما بدأنا به. في العام 2010 وعندما كان الأسد أقوى بكثير من الآن، كان الطهرانيون على كتفه، فكيف الآن؟ فلا ينبغي من خبراء في السياسات العربية والدولية توقع أنّ الأسد سيرعى للعرب الذمام إذا ساعدوه في إعادة الإعمار فيعيد المهجَّرين، ويكفّ عن استخدام الإمكانيات المتاحة ضد المصالح العربية. لكنهم يستطيعون أو من يريد منهم فعل ذلك من دون شروط، كما يفعلون الآن مع العراق. ولأوضّح: في حالة العراق، كان بوسع العرب أن يفعلوا أكثر قبل الغزو الأميركي وبعده، ولم يفعلوا. أما في حالة سوريا فإنهم فعلوا أكثر ما بوسعهم قبل الثورة على الأسد بزمنٍ طويل. منذ أكثر من خمس سنوات، تعيد معظم الدول العربية علاقاتها مع العراق، وتتعهد دول الخليج بالمعاونة في إعادة الإعمار. ومع ذلك، فما من اجتماع بالجامعة شارك فيه العراق بشخص وزير خارجيته السابق إبراهيم الجعفري إلا وأنشب فيه نزاعاً بشأن إيران وحقها بالتدخل في العراق وسوريا ولبنان ما دامت إدارات تلك الدول ذات السيادة راضية! والعودة إلى العلاقات بالأسد وآله من دون شروطٍ، يعني أول ما يعني تجاهُل مقتل زهاء الأربعمائة ألف فرد على أيدي قوات الأسد، وتهجير عشرة ملايين سوري، وسجن مليونين، وتوطين عشرات الألوف من الشيعة الباكستانيين والأفغان والإيرانيين، والإقرار بآلاف اتفاقيات البيع والشراء والاستثمار والتخصيص والرهن للإيرانيين والروس. وهذا ثمنٌ باهظٌ يُدفعُ من العرب الخليجيين على وجه الخصوص، ففي مقابل ماذا؟ وسيساعد العرب الخليجيون أيضاً في عمليات الإعمار وهي باهظة التكلفة، ولن يستفيد من معظمها الجمهور السوري المنكوب، بل النظام وحلفاؤه؛ ففي مقابل ماذا أيضاً وأيضاً؟
الأميركيون حلولهم غامضة، ولا يبدون ثابتين في أي شيء. أما الأوروبيون فكانوا يطرحون مقارباتٍ عقلانية مثل: الوقف الشامل للنار، والعودة الآمنة للمهجرين، والدخول في الحلّ السياسي بحسب القرار 2254، ومن بنوده إقامة حكومة مؤقتة تكتب الدستور، وتجري الانتخابات البرلمانية والرئاسية، وتعيد هيكلة أجهزة الأمن. لكن كل مندرجات القرار 2254 (عام 2012) سقطت كما هو معروف تحت وطأة التدخلين الروسي والإيراني والتدخل التركي. وقد أخرج الثلاثة المجتمع الدولي والعربي من سوريا، وصاروا هم ضمانة الحل، وأخذوا الجميع إلى مساري آستانة وسوتشي. وما بقي من معالم القرار 2254 غير إعادة المهجرين، وهي عودة غير آمنة، والمقصود بها إقناع الأوروبيين والعرب بدفع تكاليف العودة حتى لا يتسرب هؤلاء إلى أوروبا والنواحي الأُخرى!
الرئيس السوداني الجنرال عمر البشير ما كلفته زيارته للأسد شيئاً. أما المواقف العربية الأُخرى فهي ذات دلالة أكبر، مثل موقف مصر وغيرها، حتى لو لم يكن ضمن بنودها المساعدة في إعادة الإعمار. وبالطبع فإنّ الشعب السوري شعبٌ عربي، ونكبته تشبه النكبة التي وقعت بالشعب الفلسطيني. والتضحية من أجل استعادة بعض السوية إلى وضعه مستحسنة بل واجبة. والحدّ المقبول الذي يمكن للعرب جميعاً أن يعودوا لسوريا رجاء استعادتها بعد أمدٍ طويل هو ما طرحه الملك سلمان بن عبد العزيز في مؤتمر القمة الخليجي: حل سياسي بحسب القرار الدولي، وتشكيل الحكومة المؤقتة لإنفاذه. وفي مقابل ذلك يمكن للعرب والأوروبيين التعهد بما يريده الروس من مساعدة لإعادة المهجرين، وإنفاذ بقية أجزاء الحل السياسي. وإلاّ فكيف يمكن لأي اجتماعٍ عربي أو دولي أن يقر حلاً يتيح لبشار الأسد أن يبقى رئيساً لسوريا إلى أجل غير مسمى، ويُبقي على القوات الأجنبية في سوريا إلى أجلٍ غير مسمى أيضاً؟!
وهناك رأي ثالثٌ غير التوجه الإيراني، والتوجه العربي - الدولي. وفي الحقيقة هذا هو الرأي الروسي: الوضع شديد التعاسة الآن، والأرض السورية منقسمة، وكذلك السلطات. فلنُعد الوحدة إلى الأرض ولو في ظل الأسد؛ بما في ذلك عودة المهجرين. وبعد ذلك لكل حادثٍ حديث. ويبدو أنّ ذلك هو الذي يحصل الآن. إنما إذا حصل الهدوء بوجود الروس والإيرانيين، فلماذا يخرجون؟ وإذا ظهر كأنما انتهت «المؤامرة الكونية» على الأسد بسبب إصراره وشجاعته؛ فكيف يجوز للسوريين الذين لم يموتوا بعد البحث عن رئيسٍ غيره؟ وإذا حصل هذا وذاك، فما هو التعويض عن الآلام الهائلة وغير الإنسانية التي وقعت وتقع للشعب السوري؟!
إنّ ما حصل على سوريا بشراً وحجراً وثقافةً وديناً، لا يقلُّ عمّا حصل على أرض فلسطين. وهناك حصل خلال ثمانين عاماً، وهنا حصل خلال سبعة أعوام!

نقلًا عن الشرق الاوسط

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التسوية المقبولة والتسوية التي لا تُرضي أحداً التسوية المقبولة والتسوية التي لا تُرضي أحداً



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon