وقعت فى غرام «صباح الخير» منذ رأيتها لأول مرة فى بيت «والد» أحد أصدقائى، وكنا زملاء فصل واحد فى مدرسة النيل الثانوية ببنى سويف.. لم أكن أستطيع شراءها، بل كنت أدفع قرشا لبائع الصحف نظير تصفح كل المجلات.
كل شيء فى مجلة «صباح الخير» - وقعت فى غرامه، وشيئا فشيئا ركبنى عفريت الصحافة وأن أكون أحد العاملين بها!! ولم يخطر ببالى أبدا أن أتولى رئاسة تحريرها لفترة طالت وامتدت لستة أعوام إلا بضعة شهور من يونيو 3002 حتى مارس 9002.
وعندى عشرات الحكايات الممتعة والرائعة عن تلك المرحلة وما قبلها مع زملاء وأصدقاء عُمر طوقونى بحبهم واحترامهم حتى لو اختلفنا ذات يوم!! ذكريات وحكايات تستحق كتابا كاملا!!
لم أرتد ثياب البطولة - فلست بطلا - ولا أدعى أننى كسًّرت الدنيا، فقد كان هدفى أن تظل «صباح الخير» مجلة القلوب الشابة والعقول المتحررة!!
كان فى بالى دائما كلمات خالدة لمايسترو الصحافة المصرية الأستاذ «صلاح حافظ» ومؤداها: «قل ببساطة ما تشعر به، لا يهم مستوى القضية التى أنت مشغول بها، لا يهم أن تكون زعيما، أو رئيس تحرير، أو أديبا، أو مجرد ريشة تصحح أخطاء الآخرين، يكفى أن تؤدى مهمتك بإخلاص وحماس وأن تعبر فيها عما فى ضميرك دون زيف لكى يكون لك دور فى صياغة المستقبل، ولا تشغل نفسك بالتاريخ، قل ما تؤمن به وعبَّر عما فى داخلك تشارك دون أن تدرى فى صنع التاريخ».
وهذه الكلمات ببساطة هى سر «صباح الخير» أمس واليوم وغدا، وهى أيضا سر السيدة العظيمة الرائعة «روزاليوسف» التى أصرت على إصدار «روزاليوسف» وتحملت مضايقات ورزالات حكومات ما قبل ثورة 23 يوليو 2591 من ظلم واضطهاد ومحاكمات ومصادرة وإغلاق مجلتها، وكلما أغلقت الحكومة مجلتها أصدرت بدلا من مجلة أخرى لعل أشهرها «الصرخة».
لقد كانت السيدة «روزاليوسف» امرأة بمائة رجل، لكنها استشاطت غضبا عندما وصفها الشاعر الكبير «كامل الشناوي» بالسيدة الرجل، وردت عليه معترضة:
- «إن صديقى كامل الشناوى يقول إنى رجل!!
لا يا «كامل» لست رجلا ولا أحب أن أكونه، إنى سيدة فخور بأنى سيدة وعيب صحافتنا هو كثرة رجالها وقلة سيداتها، وقد غفرت لك ويوم أرضى عنك وأرضى عن جهادك سأقول إنك سيدة»!!
وكما كانت «روزاليوسف» المجلة انعكاسا لشخصية السيدة روزاليوسف جاءت «صباح الخير» لتكمل نفس الدور: تهاجم فى عنف وتؤيد عن حق، ولا تقول إلا ما تعتقد «فى معظم الأوقات»!
كان المفروض أن تصدر «صباح الخير» سنة 1591 كما يقول الأستاذ «إحسان عبدالقدوس»، وطال الانتظار حتى صدرت صباح 21 يناير 6591، وحملت الأعداد الأربعة الأولى منها أربعة مقالات بقلمها تحت عنوان ثابت هو «صباح الخير» وبعد مرور عامين نشرت آخر مقال لها فى 9 يناير 8591 وترحل بعده بثلاثة أشهر فى 01 أبريل، وتحت عنوان «صباح الخير تتم عامين، كتبت تقول:
- «فوجئت هذا الأسبوع بأن «صباح الخير» أتمت عامين من عمرها، ووجه المفاجأة أننى أحيانا أحس وكان عمرها أكبر من ذلك بكثير، ذلك أن «صباح الخير» قد تجاوزت مرحلة الطفولة فى أسابيع قليلة وأصبحت منذ الشهر الأول لولادتها شابة مرحة ذكية مثقفة تتفجر بالحياة، وبالرغم من أن هذا هو شعورى العام نحوها، إلا أننى أحيانا أحب أن أعاملها كطفلة صغيرة، وهو شعور تعرفه كل أم، فالأم قد يكبر ابنها وينضج ويصبح رجلا مسئولا ولكنها تحب أن تعامله من حين لآخر كأنه طفلها الصغير القديم!
وكل سنة تمر من عمر «صباح الخير» تشعرنى بأننى قد فقدت شيئا وكسبت شيئا آخر، فقدت سنة ذهبت من العمر، وكسبت البناء الذى أقامته «صباح الخير» فى هاتين السنتين، وهو البناء الذى آراه أمامى فى صورة (401 أعداد) والذى آراه بإحساسى كالخلايا الحية فى نفوس الآلاف من القراء!
وعندما أمر الآن فى الحجرات المخصصة لصباح الخير من دار روزاليوسف أجدها غاصة بوجوه لا أعرفها شبان وشابات يملأون الحجرات كالكتاكيت وقد تزايدوا حتى أصبحت عاجزة عن حفظ أسمائهم جميعا، ولكننى سعيدة بهم، لأنهم دليل حى على أن شباب دار روزاليوسف مازال يتجدد، ومادامت دار روزاليوسف جذابة على هذا النحو للشبان فمعنى ذلك أنها تعيش مع المستقبل وأنها تفيض بالأمل».
وترحل السيدة «روزاليوسف» بعد شهرين وتستمر «صباح الخير» فى رحلتها من العدد 401 حتى تصل إلى عددها الذى بين يديك، العدد (6323).. تحية لصباح الخير أمس واليوم وغدا، تحية الامتنان والشكر لكل أبنائها على مر هذه السنوات، تحية لآلاف الأسماء التى أسست وكتبت وأبدعت بالكلمة والريشة وملأت صفحاتها بالنور والحب والإبداع.
.. و«صباح الخير» يا «صباح الخير»
شكرا لك.•
نقلا عن مجله صباح الخير القاهريه