توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مصرُ تبحثُ عن أطفالها

  مصر اليوم -

مصرُ تبحثُ عن أطفالها

بقلم - فاطمة ناعوت

«بأمر رئيس الجمهورية، لو وجدتَ مواطنًا بلا مأوى، أو إنسانًا نائمًا فى الطريق، اتصلْ فورًا على الخط الساخن 16439، أو برقم 01095368111». تلك هى الرسالة التى تسرى الآن فى جنبات مواقع التواصل الاجتماعى ودروبها، ليس كما تقول الأدبياتُ العربية: (سريانَ النار فى الهشيم)، بل سأقول: إنها تسرى (سريانَ الدمِ فى الوريد). وكيف لا؛ وتلك الحملةُ الإنسانية المحترمة، تُعيدُ الدمَ إلى سريانه الحيويّ فى شرايين جسد مصرَ، الأمِّ الطيبة؛ حتى تطمئنَ تلك الأمُّ حين تستعيدُ أبناءها إلى حضنها، بعدما انتثروا فى شتات الفقد؟! وأما تلك الأرقام، فهى هواتفُ «فريق التدخّل السريع» فى وزارة التضامن الاجتماعى، التى تبذلُ وزيرتُها الجميلةُ مع فريق عملها النشط، جهودًا جليلة، فى هدوء وصمت، منذ تولّيها الوزارة عام ٢٠١٤، من أجل الوصول إلى حالٍ مجتمعية أنيقة، اسمُها: «وطنٌ بلا مُشرّدين».

بعد ذيوع خبر «الستّ صفية» العجوز الفقيرة التى افترشت خشونةَ الأرضِ والتحفت عواصفَ السماء فى طقس صقيعيّ، أوصى الرئيسُ عبدالفتاح السيسى بألا تكتفى وزارةُ التضامن بالبلاغات التى تصلها من المواطنين، بل تجوب فِرقُها أرجاء مصرَ؛ بحثًا عن مُشرّدى الشوارع من الأطفال والمُسنّين، لكى تُعيدَ المفقودين منهم إلى ذويهم المفجوعين عليهم، وتأوى داخل جدران دور الرعاية مَن لا أهل لهم ولا مأوى، حتى يتذوّقوا الدفءَ الجسديَّ والدفءَ الروحيّ، حين يشعرون أن ثمّة من يعبأ بهم من قيادات هذا الوطن النبيل. وبالفعل تضافرت جهودُ فريق «التدخل السريع» مع فريق مشروع «أطفال بلا مأوى» فى سيمفونية عمل مشترك منضبطة الإيقاع، نجحت فى التقاط أكثر من ألف مواطن مصرى مُشرّد من صقيع الوحدة وخشونة الطرقات وويلات العراء، ليتعرفوا على السَّكن والرحمة داخل الدور الآمنة. حملاتٌ دءوبٌ لا تعرف الكسلَ، تحمل اسمَ تلك العبارة «الحُلم»: «وطن بلا مشرّدين» تجوبُ الآن، على مدار الساعة، محافظاتِ مصرَ شرقًا وغربًا شمالاً وجنوبًا، لتجمع كبار السنّ من الشوارع، فيتم إسعافُهم وعلاجهم وتسكينهم، بالتنسيق بين مديريات التضامن الاجتماعى فى شتى المحافظات، وطلاب نبلاء متطوعين من شباب الجامعات.

مع موجة البرد القارسة الأسبوعَ الماضى، قررتْ وزيرةُ التضامن الاجتماعى د. غادة والى، أن يندمج فريقُ «التدخل السريع» الذى تترأسه الوزيرةُ بنفسها مباشرة، مع مشروع «أطفال بلا مأوى» الذى أنشأته الوزارةُ عام ٢٠١٦، بميزانية تُقدَّرُ بـ ١٦٤ مليون جنيه، وحيازة سبع دور رعاية و١٧ سيارة مجهّزة بمعدّات الإسعاف والتمريض والترفيه، حتى تصبَّ مزايا هذا فى مزايا ذاك، بهدف الوصول إلى رجاء مصرَ الأمّ فى أن تجمع أطفالَها وعجائزَها داخل حضن قلبها، بعيدًا عن أهوال العراء والتشرّد.

الجميلُ فى الأمر هو أن تلك الحملات الرئاسية والوزارية التضامنية تستهدف «المُشرّدين» وليس «المتسوّلين» والفارقُ بينهما عظيم. ليس فقط لأن التسوّلَ صار حِرفةَ الكسالى والمُتنطّعين الذين يرتزقون من كدِّ الجادين، وليس فقط لعدم تشجيع آفة «التسوّل» البغيضة، وليس فقط لأن كثيرًا من المتسوّلين يتبيّنُ فى نهاية الأمر أنهم أثرياءُ يستنزفون عرقَ الشرفاء الكادحين، بل كذلك إكرامًا للآية الكريمة: «للفقراءِ الذين أُحصِروا فِى سبيلِ الله لا يستطيعون ضرْبًا فى الأرضِ يَحسَبُهم الجاهلُ أغنياءَ من التعفّفِ تعرفُهم بسيماهم لا يَسأَلون النَّاسَ إلحافًا». أولئك البؤساءُ الكرماءُ يراهم المرءُ فيحسبهم أغنياءَ لأنهم يتعفّفون عن السؤال ومدّ اليدّ والإلحاف فى السؤال، وهم من وصفهم الرسولُ بقوله: «ليس المسكينُ الذى تردّه التمرةُ والتمرتان، ولا اللقمةُ واللقمتان، إنما المسكينُ الذى يتعفّف ولا يسألُ الناسَ شيئًا». أولئك من يستحقون أن تعولهم الدولة وتكفلهم.

والقصةُ أبعدُ كثيرًا من إيواء مَن لا مأوى له. إنها مسألةُ «أمن قومى». فأطفالُ الشوارع، الذين يتناسلون ليلدوا مزيدًا من أطفال الشوارع، إنما هم هدفٌ خصبٌ لعيون شريرة تراقبهم حتى تحينَ لحظةُ تجنيدهم فى عالم الجريمة أو عالم الإرهاب. ولهذا فإن إيواء طفل مشرّد، هو بمثابة تحويل مجرم مُحتمَل، أو إرهابى مُحتَمَل، إلى طبيب أو مفكر أو موسيقيّ أو مهندس محتمل. شكرًا لكل يدٍ شريفة تسهم فى تلك الحملات النبيلة. و«الدينُ لله، والوطنُ لمن يحبُّ الوطن».

نقلا عن المصري اليوم القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مصرُ تبحثُ عن أطفالها مصرُ تبحثُ عن أطفالها



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon