توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الليبرالية والرأسمالية.. أيهما أسبق؟

  مصر اليوم -

الليبرالية والرأسمالية أيهما أسبق

بقلم - حسن حنفي

هو سؤال يطرحه المفكر السياسى والمشاهد لتجارب دول عدة فى العلاقة بين الليبرالية والرأسمالية، أيهما أسبق تاريخيا، وأيهما ينبنى على الآخر عقليا؟ وللإجابة عن هذا السؤال يلاحظ أنه لا توجد إجابة واحدة قاطعة بنعم أو لا، ولكن هناك تجارب عدة دول مثل الدول الغربية، أوروبا وأمريكا، ودول شرقية، روسيا والصين، ودول عربية إسلامية مثل مصر وتركيا. تتشابه أكثرها وتختلف أحيانا. وتختلف أكثر مما تتشابه. وأحيانا أخرى لا يقلد بعضها بعضا. فالبنية واحدة بالرغم من اختلاف الزمان والمكان والظروف الاجتماعية والسياسية.

فيثبت تاريخ الغرب الأوروبى والأمريكى أن الليبرالية قد سبقت الرأسمالية. بل إن الليبرالية هى الأساس النظرى الفكرى للرأسمالية كنظام عملى اقتصادى. الليبرالية هى السياسة، والرأسمالية هى الاقتصاد. وبدأت الليبرالية فكرا منذ الإصلاح الدينى فى القرن الخامس عشر أو النزعة الإنسانية فى القرن السادس عشر، وحرية الفكر فى السابع عشر، والثورة الفرنسية فى الثامن عشر حتى بلغت الرأسمالية أوجها فى القرن التاسع عشر، قبل أن تبدأ أزمتها فى القرن العشرين. وبالرغم من مآثرها فى حرية الفكر ورفض سلطة الكنيسة والإقطاع، والبداية بحرية الفرد وديمقراطية المجتمع إلا أنها وقعت فى الرغبة فى جمع رأس المال. فاستبدت الدول الغنية بالمواد الأولية والأيادى العاملة الرخيصة لدرجة استجلابها كعبيد من أفريقيا. لذلك كُتب «الاستعمار أعلى مرحلة من مراحل الرأسمالية». وأصبحت وسيلة لتراكم الثروات بلا حدود. يرمز إليها تمثال الحرية فى ميدان الباستيل الذى عُرف باسم معتقل الأحرار، وتمثال الحرية فى نيويورك. فالليبرالية فى السياسة والاقتصاد تبدأ بحرية الفرد وعدم تدخل الدولة فى الاقتصاد الحر للأفراد والجماعات والشركات الخاصة. كل حسب عمله. ولا حدود للرأسمالية لدرجة العدوان على الآخرين بحثا عن المواد الأولية والأسواق. واشتهرت بمركزها فى «التجمع الحربى الصناعى» فى الولايات المتحدة الأمريكية وبالشركات الصناعية الكبرى فى ألمانيا وإنجلترا والتى تعادل ميزانية كل منها ميزانية دولة نامية بأكملها. وقد كان اكتشاف أمريكا بحثا عن الحرية من الاضطهاد الأوروبى وعن الثروة للمغامرين والباحثين عن الذهب. واستجلبت الأفارقة كأياد رخيصة وعبيد لبناء المجتمع الأمريكى كما فعلت فرنسا مع الجزائريين.

أما التجربة الأخرى فهى التجربة السوفيتية والصينية والعربية والإسلامية. وهى التجربة التى حاولت تطبيق النظام الاشتراكى دون المرور بالمرحلة الليبرالية أولا. فتحولت الاشتراكية إلى استبداد. أعطت الأولوية للدولة على الفرد، وللعمل على الحرية، وللإنتاج على حقوق الإنسان. وقدمت القطاع العام على القطاع الخاص، وحقوق الجماعة على حقوق الأفراد. وكانت النتيجة هروب الأصوات المعارضة إلى الخارج، وظهور الأدب الرمزى دفاعا عن الحرية وحقوق الإنسان. وتبع ذلك سقوط النظام الاشتراكى كله فى روسيا وفى أوروبا الشرقية التى تبنته عام 1990. فرّقت الأوطان وقسمتها بين ألمانيا الشرقية وألمانيا الغربية ثم تحطيم حائط برلين، دفاعا عن وحدة الأوطان. ومازالت الصين وكوريا الشمالية تتمسكان بالاشتراكية بالرغم من أحداث الميدان السماوى فى بكين وثورة الطلاب منادين بالحرية.

ثم ظهرت الليبرالية الجديدة للتخفيف من غلواء الرأسمالية. وسمحت نسبيا لتدخل الدولة فى النشاط الاقتصادى، وبعمل القطاع الخاص، والدفاع عن حرية الفكر. فكل تطرف مثل الليبرالية يخلق تطرفا مقابلا مثل الاشتراكية. وكل تطرف مثل الاشتراكية يخلق تطرفا جديدا مثل الليبرالية بالرغم من أن التجربة الليبرالية أسبق تاريخيا من التجربة الاشتراكية. ثم تأتى اللحظة الثالثة فى جدل التاريخ وهى الليبرالية الجديدة أو الاشتراكية الجديدة. إذ تسمح الليبرالية الجديدة ببعض عناصر الاشتراكية مثل تدخل الدولة للصالح العام، وحق الجماعة الموازى لحقوق الأفراد. كما تأتى الاشتراكية الجديدة لتسمح ببعض النشاط الفردى الحر، والمنافسة، وتفعيل عامل الربح فى النشاط الاقتصادى. كما تدافع عن حريات الشعوب، وتناهض الاستعمار، وتساعد حركات التحرر الوطنى، وتدعو للسلام حتى لا تستأثر النظم الاشتراكية بمنظمة السلام العالمى، وحركات حقوق الإنسان، وجمعيات الإخاء بين الشعوب.

وتعددت الاشتراكيات. فظهرت الاشتراكية العنصرية فى حركة المستوطنات الإسرائيلية التى تقوم على الاستيطان فى أراضى الغير (الكيبوتس). كما ظهرت الاشتراكية النازية والفاشية التى تقوم أيضا على نقاء الجنس الآرى وتفوقه على الجنس السامى.

وربما أدرك الجميع أن الاشتراكية العربية أو التطبيق العربى للاشتراكية قد انتهت إلى الاستبداد والفساد وخلق طبقات جديدة من كبار ضباط الجيش ومديرى شركات القطاع العام ورجالات الاتحاد الاشتراكى. أنجزت تغيرات اجتماعية يشهد لها مثل الإصلاح الزراعى، والتأميم، والتمصير، وقوانين يوليو الاشتراكية 1961-1962، وقطاع صناعات وطنية، ومدن العمال ولجان تحديد إيجارات المساكن، ومجانية التعليم العالى. ثم انقلب ذلك إلى الضد فى الخصخصة، والتعليم الخاص، والتحالف مع القوى الأجنبية، وتفتيت الوطن العربى، والسلام مع إسرائيل قبل الانسحاب من الأراضى المحتلة فى الضفة الغربية والجولان. وذلك لأنها لم تقم على أسس ليبرالية. فقد ارتبطت الليبرالية بالملكية والإقطاع بالرغم من أنها كانت الحامل للحركة الوطنية. بل تحولت ليبرالية النخبة إلى تيار سلفى معاد لليبرالية. يعتمد على النقل وليس العقل. وفى الخليج قامت رأسمالية نفطية تجد شرعيتها فى الدين وطاعة الحاكم «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِى الْأَمْرِ مِنْكُمْ».

تعددت الاشتراكيات دون أساس ليبرالى مثل تجربة التسيير الذاتى بالجزائر، والاشتراكية الأفريقية، والاشتراكية المسيحية نتيجة لاهوت التحرير فى أمريكا اللاتينية، والاشتراكية الإسلامية فى أحزاب العدالة والتنمية فى المغرب وتركيا، واليسار الإسلامى الذى لم يُقدر له خوض التجربة العملية وظل على مستوى أمانى الشعوب العربية والإسلامية صعبة المنال، لأن الليبرالية كوسيلة لم تستخدم لقراءة الثقافة الشعبية المحافظة وتحقيق الأهداف القومية كغاية ومنها الاشتراكية.

 

نقلا عن المصري اليوم القاهريه

GMT 13:43 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

دولة في غزة كُبرى؟

GMT 11:56 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الوطن والشعب.. وأنا

GMT 08:20 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

درع العرب (1) نواة القوة المشتركة

GMT 09:54 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

مسقط... رؤية مختلفة

GMT 08:32 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

عودة الوحش

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الليبرالية والرأسمالية أيهما أسبق الليبرالية والرأسمالية أيهما أسبق



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon