توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فى نقد التصريحات الفضفاضة

  مصر اليوم -

فى نقد التصريحات الفضفاضة

بقلم - تمارا الرفاعي

يستخدم تعبير «التصريح الغطاء» فى اللغة الإنجليزية لوصف تصريحات فضفاضة يتم فيها التعميم بشكل تضيع فيه المعلومة، إن وجدت أصلا المعلومات. كما يصف التعبير تصريحا فيه من عدم الوضوح وعدم المصداقية ما يجعله غير مؤهل لأن يؤخذ على محمل الجد. إنما قد تبدو هذه التصريحات مريحة لوهلة، فكلما كان المفهوم عاما وقليل الدقة، كلما سهل اصطفاف أشخاص خلفه، إذ أنه يسمح لكثير من التأويل والتفسير.

مناسبة هذه المقدمة هى سهولة استخدامنا فى أوقات كثيرة لجمل توصيفية على شاكلة «السوريون كذا وكذا» أو «الشعب الأمريكى هكذا» أو «بالنسبة للمصريين فالوضع كذا»، وهى كلها جمل قد يشيب منها شعر أى خبير فى مادة الإحصاء، إذ إن أى محاولة لفهم اتجاهات فى الرأى العام هى ليست أكثر من استخلاص لآراء من تم سؤالهم، أى عينة من البشر عبروا عن موقف فى مكان وزمن محددين. ورغم اعتماد بعد التعميمات والصور النمطية على جزء حقيقى، كأن يقال مثلا إن الشعب المصرى دمه خفيف أو أن العراقيين جديون فى سلوكهم، إلا أنها تبقى تعميمات سهلة التداول ومناسبة لبعض الأحاديث السطحية لا غير، لكنها قد تتحول سريعا، بقصد من المصدر أو حتى دون قصد، إلى تصريحات تحريضية على مجموعات كاملة من الناس.

«أثبت السوريون أنهم جديون فى العمل وسويون فى الأخلاق»، يقول لى البعض متغنيين بأولاد بلدى رغم أنهم ربما لم يتعرفوا سوى على حفنة من السوريين لا غير. «السوريون كسالى يرفضون تعلم اللغة الجديدة فى بلد اللجوء ويعتمدون على المساعدات وعلى برامج الحماية الاجتماعية التى تقتطع من مدخول المواطنين عن طريق ضرائب عالية» أقرأ على بعض المواقع المعنية باللاجئين فى بلاد الغرب.

***

حقيقة لا أعرف كيف يمكن التصدى لظاهرة التعميم، خصوصا وهى جميلة حين تظهر الإيجابيات وبشعة حين تزج بشعب بأكمله فى السلبية. أو ربما يجب أن نفرق بين تعميم قد يكون مهينا لكنه لا يتعدى كونه جزءا من حديث، وبين نوع آخر من التعميم يترتب عليه إجراءات من قبل جهات رسمية، كأن يمنع أبناء بلد بعينه من دخول بلد آخر، وهو ما حدث مؤخرا فى أمريكا مثلا حين خرج الرئيس الأمريكى بقرار ثبتته المحكمة العليا يمنع منح تأشيرة دخول إلى الولايات الأمريكية لكل من هم من أصول سورية وصومالية ويمنية وليبية وإيرانية. هذا غطاء يتم رميه على كل من يحمل جنسيات هذه البلاد ويتم بموجبه اعتبارهم عنصرا خطرا على الولايات المتحدة.

أفكر كثيرا بأضرار التعميم، حتى حين يكون مديحا، كأن يظهر الإعلام الدولى وشبكات التواصل الاجتماعى نجاح بعض المهاجرين السوريين فنسمع عن أعلى معدل فى شهادة الثانوية وقد حصل عليها شاب سورى، وبراءة اختراع آلة طبية معقدة انتزعتها طالبة سورية، أو بطلة فى السباحة وصلت إلى المسابقات العالمية، هذا كله جميل لكنه يتغاضى عن أنه، وفى معظم العينات السكانية على اختلافها، سوف نجد الشخص النابغة والشخص المبدع والشخص الفاشل وعدد ممن هم ضمن معدلات التعليم والنجاح المهنى المعقولة بالنسبة لأمثالهم فى بلاد أخرى.

لذا فحين يخرج علينا كاتب صحفى فى بلد مضياف كمصر ليلقى بغطائه الفضفاض على «السوريين فى منطقة 6 أكتوبر» ويقول بأن زواج بعضهم من مصريين قد يؤثر على التعداد السكانى فيزيدون من أعداد المصريين، أستغرب عدم وجود أى بيانات أو حقائق بنى عليه الموقف: هل بحث الكاتب فى أعداد السوريين المتزوجين من مصريات أو العكس؟ هل يعلم أن عدد السوريين كاملا كما نصت عليه مفضوية الأمم المتحدة للاجئين؟ أنا نفسى كسورية تزوجت من مصرى منذ سنوات طويلة سبقت الأزمات، وأنجبت منه ثلاثة أطفال، أعتبر هؤلاء أبناء مصر وأتمنى أن يحققوا نجاحات سوف تنسب لطريقة تربيتنا لهم فى البيت، وإلى استثمارنا فيهم على مدى سنوات. لم أفكر قط بأننى أضفت إلى مشكلة البلد السكانية بإنجابى لأطفال مصريين، لا سيما أن العدد 3 ما زال أدنى من معدل الولادات فى مصر الآن وهو 3.5 طفل لكل أسرة.

***

ما علينا، الموضوع هو مسئولية من يرمى بأحكام معممة وفضفاضة يترتب عليها إجراءات أو ينتج عنها شعور جماعى إزاء من يتم الإشارة إليهم، وقد عانى السوريون فى مصر من ذلك لمدة وجيزة فى صيف 2013 حين تم زجهم جميعا فى خانة سياسية واحدة وهو أمر كان عديم المسئولية وقتها، لا سيما وأنهم كانوا قد دخلوها آمنين، كما تقول الآية الكريمة. على كل، وبما أننا هنا نفند التعميم، أحب أن أعمم أن استقبال المصريين للسوريين لم يماثله استقبال آخر، ودفء مشاعرهم تجاه من رحل عن وطنه قسريا قد خفف من مرارة الغربة، كما أن الشعور بالألفة هو أول ما يذكره السورى حين يسأل عن شعوره فى أم الدنيا. لذا، وجب هنا التعميم وإلقاء غطاء فضفاض على المصريين الذين لم يشعروا السورى سوى بأنه مرحب به. ها أنا ألقى بغطاء فضفاض من الامتنان لكل مصرى ومصرية احتضن سوريًا وسورية فى السنوات الأخيرة وأذاب عنهم شعورهم بالبعد. هو غطاء أتعمد أن أفرشه على عدد هائل من الأصدقاء والغرباء ممن لم يتوانوا عن إظهار تعاطفهم، فلكم منى باسم «السوريين» كل المحبة.

نقلًا عن الشروق القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فى نقد التصريحات الفضفاضة فى نقد التصريحات الفضفاضة



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon