توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

رصيد مصر فى أفريقيا

  مصر اليوم -

رصيد مصر فى أفريقيا

بقلم : أحمد الجمال

فى مصر القديمة، وقبل ظهور علوم الجغرافيا السياسية والاستراتيجية، حدد القادة المصريون أمن وطنهم بأنه يمتد من قرن الأرض «القرن الأفريقي» إلى منابع المياه المعكوسة أى منابع دجلة والفرات اللذين يجريان من الشمال إلى الجنوب عكس جريان النيل من الجنوب للشمال، وكانت علاقات مصر بقارتها الأفريقية ذات أبعاد متعددة اقتصادية وأمنية كما أشرت، وفى العصر الحديث توغلت مصر جنوبًا باتجاه منابع النيل والقرن الأفريقى، وأصبحت تسيطر بحق الغزو أو الفتح على مناطق واسعة معلومة لمن يهتمون بفترة الخديو إسماعيل، وبقى حق الفتح هو الأساس الذى ضمت به مصر تلك المناطق. ولم يعد ممكنا بعد ثورة يوليو 1952 وما أعلنته من مبادئ وسياسات تؤكد إيمان مصر بحق الشعوب فى تقرير مصيرها وانتهاء أى شرعية تعتمد على الاحتلال أو الغزو أو الفتح؛ أن يبقى السودان تابعا لمصر.. وهنا أستأذن فى جملة اعتراضية، هى أن العباقرة الذين يطالبون بتغيير العلم الوطنى المصرى الحالى والعودة لعلم الهلال والثلاث نجوم يتناسون عمدًا، أو بالأحرى يجهلون مؤكدا، أن العلم الأخضر ذا الهلال الأبيض والنجوم الثلاث البيضاء خماسية الأطراف كانت ألوانه تنصرف إلى أن الأخضر يرمز للوادى والدلتا والهلال للإسلام والنجوم الثلاث إلى مصر والنوبة والسودان ومنه دارفور وكردفان! ومن الوارد أن يحتج إخوتنا فى السودان- والعملية لا ينقصها تأجيج أو تلكيك– على عودة ما يرمز إلى تبعية السودان لمصر! وفى هذا تراث طويل من السلبيات، أشك كثيرًا أن أولئك العباقرة يعرفونه أيضًا.

ومع تطور العلاقة، وانطلاق حركات التحرر الوطنى الأفريقية، وسعى الشعوب للحرية والاستقلال، كانت المحروسة بقيادة جمال عبد الناصر هى السند والموئل والداعم لحركات التحرر الأفريقية، وبات الدور المصرى فى القارة دورًا قياديًا رائدًا بقيت آثاره وفاعليته إلى الآن، رغم السنين الكالحة الكئيبة التى تخلت فيها مصر عن دورها، وتركت الميدان خاليا للنفوذ الفرانكفونى والأمريكى والصهيونى.. وما زال فى العديد من عواصم ومدن دول القارة شوارع وميادين تحمل اسم جمال عبدالناصر، ومازال هناك قادة أفارقة يذكرون الرجل ودوره، ولا أنسى أبدًا أن القائد الفذ نيلسون مانديللا عندما زار مصر بعد انتصار شعبه فى نضاله ضد الاستعمار الاستيطانى الأوروبى، سئل عن أول أمر يحب أن يفعله فى مصر، فأجاب من فوره أنه سيزور ضريح جمال عبد الناصر ويلتقى محمد فائق.. وهناك وقف يكلم الثاوى فى تراب مصر، ويتأسف له أن الزيارة جاءت متأخرة عن موعدها عشرين عاما! وما أستهدفه من هذه الإشارات هو أن لمصر رصيدا ذهبيا كبيرا فى قارتها، وفى آسيا وأمريكا اللاتينية، تم إيداعه فى الحقبة الناصرية، ولا يمكن التفريط فيه ولا التقليل من شأن من راكموه بجهود جبارة يعرفها أبناء أفريقيا، وكثير من دول آسيا وأمريكا اللاتينية.. وهو رصيد يتعمد المأفونون الغطرسة عليه وتجاهله والتقليل من شأنه عندما يركزون وبمنهج حسابات البقالة على قراءتهم للتاريخ.

إن تسلم مصر لرئاسة الاتحاد الأفريقى لا ينطلق من فراغ ولا يسير نحو مجهول، فهى كما أسلفت حلقة متممة لما بدأ منذ مطلع الخمسينيات، وهى كما هو واضح من التصريحات الصادرة عن الرئاسة فى مصر ستكون منصة انطلاق أفريقى شامل للتكامل ولتعظيم الموارد ولحل المشكلات المزمنة وغيرها من الأهداف، وللحق فإن الرئيس السيسى وفريق العمل الذى يعاونه فى السياسة الخارجية نجح بامتياز حتى الآن فى ترميم الصدوع التى نتجت عن فترة الإهمال الطويلة لأفريقيا فى عهد مبارك، وفى مد الجسور السياسية والاقتصادية والثقافية مع دول القارة، وأضحت القاهرة ثانية مقصدًا مهمًا لقادة الدول الأفريقية، وهو نجاح تتضافر معه فى ضفيرة واحدة شبكة العلاقات القوية مع دول الشرق، كالهند والصين واليابان وفيتنام وغيرها، ومع دول أوروبا وأمريكا الجنوبية.

ومن البديهى أن النجاح السياسى لا ينفصل عن الأبعاد الاقتصادية والثقافية، ونعرف أن هناك شخصيات مصرية خارج النطاق الحكومى، تلعب دورًا مهمًا فى تأسيس وتنمية علاقات اقتصادية مصرية- أفريقية، وبقى أن يتم التركيز الآن ومستقبلًا على البعدين الثقافى والإعلامى إذا جاز الفصل بين الإعلام والثقافة.. ولا أعلم إذا كانت الإذاعات الموجهة باللغات واللهجات الأفريقية، التى كانت تبث من القاهرة، حتى أواخر الستينيات مستمرة أم لا، وإذا كانت مستمرة فهل تم تطوير مضمون إرسالها بما يتناسب مع التغيير الذى حدث فى دول القارة بعد التحرر ونيل الاستقلال، أم لا، أم أنها أوقفت تمامًا؟!

لقد ظل إخوتنا فى السودان- على سبيل المثال- يشتكون وأحيانًا يسخرون من جهل النخب المصرية بالتكوين السودانى، حضاريًا وثقافيًا وتاريخيًا وجغرافيًا.. ناهيك عن الميراث الثقيل فى هذا المضمار.. ميراث النخاسة وميراث ربط لون البشرة السوداء بمهن وأعمال معينة، معظمها خدمى متدنٍ، بل إن كثيرين من أهل الكتابة يكتبون عن السودان بصيغة المؤنث، وكذلك اليمن ولبنان والعراق، يتعاملون معها مؤنثة، ما يثير سخرية شعوب تلك الدول.

غاية القول إن دور مصر فى قارتها ليس عملية آلية ميكانيكية، ولكنه حركة يجب أن تكون مستمرة وذات مضمون متطور، وإلا فإنه دور ضامر وراكد، ولأن مصر تولت رئاسة الاتحاد فالعبء أضحى مضاعفًا؛ لنواكب حركة الرئيس على كل المستويات.

نقلا عن المصري اليوم

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رصيد مصر فى أفريقيا رصيد مصر فى أفريقيا



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon