توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المستفيدون من تعويم الأزمة الليبية

  مصر اليوم -

المستفيدون من تعويم الأزمة الليبية

بقلم - محمـد أبــوالفضـــل

كلما اقتربت الأزمة الليبية من تصويب مساراتها وتحقيق نجاحات إيجابية، تدخلت بعض القوى لتجعلها أشد غموضا وخلطا للأوراق، وكأن هذا التوجه مطلوب فى حد ذاته، لأن الحل الذى يخدم مصلحة المواطن والدولة ويرمى إلى توفير الأمن والاستقرار لن يعجب من يقبضون على زمام أمور كثيرة فى الداخل.

الحل المقبول لدى هؤلاء أن تظل الدولة مفككة، وتبقى حالة الفوضى عارمة، وتتداخل الخيوط السوداء مع البيضاء، ولا يستطيع أحد التفرقة بينها، كى يهيمن أمراء الحرب على الخزائن والعقول والقلوب، ويتمكن فايز السراج رئيس الحكومة من تهيئة الظروف التى تبقيه فى السلطة لأطول فترة، ويستمر غسان سلامة مبعوث الأمم المتحدة فى وظيفته المرموقة، وتستطيع الجماعات المؤدلجة الحفاظ على مكاسبها المادية والمعنوية. السبيل الوحيد لتركيا وقطر والدول التى لها مآرب كبيرة فى ليبيا أن يتواصل الصراع ولا يتوقف لحظة، وكل هدوء يطرأ على الأوضاع يبعدهم كثيرا عن أهدافهم، التى لم تعد خافية على من يتابعون الملف الليبي، وأدخلت البلاد فى أزمات سياسية عديدة، لأن التصرفات أخذت أشكالا سافرة، وبدلا من التوقف عنها بذلوا جهودا مضنية للتغطية عليها.

عندما تم ضبط أنقرة متلبسة بإشعال المعارك وإرسال سفينة مليئة بالأسلحة فى ميناء الخُمس الشهر الماضي، تجددت المعارك، ثم جرت محاولة اغتيال للضابط المسئول عن التحقيق فيها لطمس المعالم الرئيسية للقضية، والتى جعلت تركيا توفد وزير خارجيتها إلى طرابلس لوأدها سياسيا بالتفاهم مع حكومة السراج من خلال المشاركة فى التحقيقات، ومنع الإعلان رسميا عن أدلة الاتهام ضد أنقرة. الإمعان فى إغراق ليبيا بالسلاح لم يتوقف، وأعلنت سلطات الجمارك فى مصراتة، الإثنين الماضي، ضبط حاوية جديدة تضم آلاف الأسلحة التركية كانت فى طريقها للميليشيات، ما يؤكد أن السبيل للسيطرة على الأوضاع هو بقاء الانفلات.

الأمور تسير على هذا المنوال للتشويش على كل خطوة تستهدف المجرمين وداعميهم، فمنذ صدور القائمة التى قدمها النائب العام الليبي، وشملت شخصيات إسلامية لها علاقة بعمليات إرهابية، بينهم عبدالحكيم بلحاج زعيم الجماعة الليبية المقاتلة، ولم تهدأ وسائل الإعلام التابعة لتركيا وقطر، لأن اتهام هذا الشخص فتح جرحا غائرا، وتحاول كل منهما دفن القضية فى مهدها قبل أن تجرف فى طريقها رؤوسا كبيرة.

بلحاج والإخوانى على الصلابى وبعض القيادات التشادية التى حوتها مذكرة النائب العام، يتنقلون بحرية بين اسطنبول والدوحة، ويعاملون كمسئولين كبار فى الدولة الليبية، وجمعتهم لقاءات رسمية فى أماكن متفرقة، ولا يزال المجتمع الدولى صامتا حيال الاتهامات، مع أن المذكرة تتمتع باستقلال قضائي.

الفرصة القانونية التى أتاحتها هذه الخطوة من الممكن أن تكون ثمينة سياسيا، لو نجح المبعوث الأممى فى توظيفها بحيادية، وقام بالاستفادة منها فى تأكيد معاقبة قيادات الميليشيات على جرائمها فى ليبيا وتوسيع القائمة التى تضم البعض من أسمائهم. السيد غسان يصر على مقابلة الأمر بتجاهل غريب، لا يقل عن آخرين فى الحكومة، كأن المذكرة التى خرجت دون تنسيق سياسى مسبق مع السراج محكوم عليها بالفشل، بصورة تتلاقى مع رغبة أنقرة والدوحة، لأن فتح باب التحقيقات ووصولها لمداها النهائى يؤدى إلى تخريب مخططات يجرى العمل على تنفيذها لمحو ملامح التسوية السياسية الحقيقية.

الأزمة الليبية كانت أقل حدة من نظيرتها فى سوريا واليمن، لكن التدخلات العشوائية والممارسات السياسية العرجاء والإجراءات المتعسفة، وتوجيه بعض قسماتها نحو رؤى خاطئة، وضعها فى نفق مظلم، بات الخروج منه يحتاج إلى سلسلة من العمليات القيصرية لتسريب الهواء النقي، ويستطيع من دخلوه قهرا أو بإرادتهم التفكير بشكل بعيد عن تبنى أحكام مسبقة تخدم أطرافا بعينها. الصورة التى تبدو عليها الأزمة من خلال الإجراءات التى تتبناها الحكومة والمبادرات التى تطرحها جهات خارجية من حين لآخر، جعلتها قاتمة، وبدأت تبتعد مسافات كبيرة عما كانت عليه قبل أن تدخل قوى دولية مختلفة سباقا محموما للقبض على مفاتيح الحل والعقد، وهيأت مجالا للتنظيمات الإرهابية والمؤدلجة لتصبح رقما رئيسيا فى معادلة الحكم والمعارضة.

المشكلة واضحة وطرق الحل يمكن أن تكون قريبة، غير أن المبعوث الأممى يصر على تنفيذ خطته المشوهة بعقد المؤتمر الليبى الجامع فى أجواء ليست مواتية بالمرة، ويرفض الانصياع لحجج وبراهين قطاعات ليبية كثيرة حذرته صراحة من أن التوجه الذى يتبناه محكوم عليه بالفشل، وكل نجاح يراه يصب فى جعبة المتطرفين والكتائب المسلحة ومن يقفون خلفهم.

المؤتمر الجامع بالطريقة التى رسمها غسان سلامة لقريبين وبعيدين منه، لن يقدم حلا للأزمة، وسوف يدخلها فى دوامة تبتعد عما جرى إنجازه من تقدم فى ملفات، مثل توحيد المؤسسة العسكرية، والتى تعتبر جزءا أساسيا للتسوية التى تراعى البيئة والمكونات المجتمعية فى ليبيا.

الضجيج الذى يحرص البعض على إثارته حول المؤتمر والترويج لقدرته على فك الألغاز الأمنية والسياسية، مفتعل ويريد خلق حالة جديدة من خداع ذوى النوايا الحسنة، وجذب الطامعين والمهمشين، والراغبين فى قطع الطريق على وحدة البلاد، أملا فى الحصول على دعم لخطة تبدو للعارفين بدهاليز ليبيا بمثابة فخ منصوب لشرعنة الميليشيات وتكريس حظوظ التيار الإسلامى مستقبلا. السيولة الظاهرة فى مكونات الأزمة ومنع التحامها بالواقع، وضعت ليبيا بين فكى رحى الكتائب والعصابات المسلحة من جهة، والمؤدلجين وأصحاب الميول المتشددة من جهة أخري، وكل طرف يحاول زرع الألغام العسكرية والسياسية فى أماكن متفرقة، ليتمترس داخلها ويمنع القوى الراغبة فى السلام من اقتحامها، ليتم إجبارها على تقديم حلول تتناسب مع من قاموا بتلغيم الأرض تحت أقدام أصحابها.

الوصول إلى هذه النقطة لن يؤدى إلى نجاح أى رؤية جادة للتسوية، ويساعد على تمديد الأزمة، ويمنح من راهنوا على الوقت فرصة لتكريس وجودهم والاعتراف بهم، بدلا من نزع أظفارهم التى حفروا بها خنادق جلسوا فيها طويلا، حتى ارتاحوا لعملية القتال المستمر، وما لم يتم وقف الخطوات التى أفضت إلى تعويم الأزمة وردع المستفيدين منها، سوف يتواصل الدوران فى حلقة عنوانها الظاهر المؤتمرات الوطنية، وعناوينها الخفية القبض على مؤسسات تخدم أجندات أجنبية وضد مصلحة الدولة الليبية.

نقلًا عن الأهرام القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المستفيدون من تعويم الأزمة الليبية المستفيدون من تعويم الأزمة الليبية



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon