بقلم - محمد أمين
رأس المال ليس له جنسية، وليس له دين، ولا يعرف الحدود ولا يعترف بها.. ولا يعرف الأمن القومى ولا أى شىء مما نخاف منه هنا.. الدول الكبرى تعرف كيف تحافظ على أمنها القومى.. ولا أظن أن إنجلترا أو أى دولة أوروبية حين تبيع مطاراتها أو تؤجرها تفرط فى أمنها القومى.. الاستثمارات فى لندن معظمها خليجية.. ولا علاقة لها أبداً بالأمن القومى!.
افتحوا الأبواب للاستثمار.. وافتحوا المجال لرفاهية الشعوب.. فحين كان عميد الصحافة العربية، مصطفى أمين، يناضل فى السبعينيات لفتح المجال أمام الاستثمار، كان البعض يتصور أنه «مجنون».. كان يقول إن أحداً لن يحمل المصنع أو الفيلا على ظهره ويرحل.. ستبقى أرض المصنع والفيلا مصرية، ومرت أعوام حتى تحققت مقولة العميد، وإن تأخرنا كثيراً!.
أمريكا نفسها طالبت بحقها فى الاستثمار الخليجى.. الرئيس ترامب شخصياً جاء يطلب حصة، ويطلب حقه فى تشغيل الأمريكان، ويطلب حقه فى الاستثمارات مقابل الأمن.. هكذا بكل صراحة أو بجاحة.. فلا خاف من سيطرة رأس المال على الحكم، ولا خاف من تأثيره على الأمن القومى.. وعاد بأكبر صفقة فى التاريخ حتى الآن، ومازال يطلب المزيد من الاستثمار!.
تذكرتُ كل ذلك مؤخراً وأنا أتابع كلام نواب البرلمان عن سيطرة رأس المال على الحكم.. واختلاط الثروة بالسلطة، ورَدّ وزير قطاع الأعمال فى هذا الشأن.. القضية هى رخاوة الدولة أو تواطؤها.. إن كانت هناك دولة قادرة فلن يختلط العام بالخاص.. ولن يحدث ضغط على صانع القرار.. القصة أن الدولة كانت فى حالة سيولة فحدث تضارب المصالح بلا حدود!.
وأكاد أقطع أن مصر لو كانت فتحت أبوابها للاستثمار الخليجى مطلع الثمانينيات، لكانت جنة الله على الأرض.. ولكنها أغلقت أبوابها بالضبة والمفتاح فى وجه الاستثمار.. فراح الخليجيون يشترون كل شىء فى نيويورك ولندن وباريس.. وهكذا أصبحت هذه الدول ملاذات آمنة للثروة والأموال المهاجرة.. وخسرنا الفرصة تماماً.. مع أن الخليجيين كانوا يفضلون مصر أولاً!.
فهل لدينا جرأة حكومات أوروبية لبيع أو تأجير مطار القاهرة؟.. هل لدينا جرأة أى منهم لتأجير الأهرامات؟.. فبعد ساعات سنودع عاماً ونحتفل بعام جديد.. هل كان لدينا مشروع للاحتفال برأس السنة تحت سفح الهرم؟.. هل عملنا أكبر احتفال فى معبد الكرنك؟.. هل يمكن أن نطرح تأجير مطارى شرم الشيخ والغردقة، دون أن نخشى من الكلام عن «الأمن القومى»؟!.
وللأسف، الخرافات التى تسيطر علينا عفا عليها الزمن.. المؤسسات المالية فى العالم مملوكة لأجانب.. فلا أحد خاف من تأثيرها على الأمن القومى، ولا ارتعد من نفوذها.. معروف أن سلطة الدولة أكبر من أى سلطة، سواء لفرد أو مؤسسة.. غيِّروا أفكاركم تغيروا أسلوب حياة الناس!.
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع