بقلم - حمدي رزق
لقد فاضت دموع العين مني، بحرفه ورسمه وبفطرته ودون تحسين أو تفصيح أو حتي تصحيح لغوي يحرف المعني، ماسجله ضابط القوات المسلحة » حسين التميمي» علي صفحته بـ»فيس بوك» بالعامية الشعبية مزينة بصورته مع مؤمن ومالك والبنوتة الصغيرة ملك (بنت الشهيد) يستحق التسجيل الأمين.
نصاً يكتب حسين: »النهاردة كنت في الإسماعيلية لزيارة (مؤمن ومالك) ابني الشهيد مصطفي الخياط في أول يوم دراسي في الترم التاني.. ووقفت معاهم في »البريك» في وسط المدرسة، لاقيت بنوتة صغيرة زي القمر جاية تسلم عليا وتقولي أنا بابايا شهيد.. قولتلها اسمك ايه يا حبيتي.. اسمي ملك عمرو وهيب.. خدتها في حضني كأني لاقيت عمرو بنفسه أدامي، وقولتلها بابا كان من أرجل وأجدع ضباط الصاعقة، وكلنا مكانه دلوقتي.. وقفت معاهم شوية في وسط المدرسة مش عاوز أقولكم مدي فرحتهم وسعادتهم.. تخيل شعور البنت أول ماشافت » أڤرول » زي بتاع باباها جريت عليه إزاي عاوزة تترمي في حضنه وتعوض بيه حنانه اللي فقدته.. أرجوكم لا تنسوا أبناء شهدائكم».
البطل يرجوكم لا تنسوا أبناء الشهداء، ومن ينساهم ياحسين، لا ينساهم إلا جاحد، ونحن قوم شهادة، ونتشهد، ونشهد أن هذا الجيل من الأبطال طلب الشهادة فنالها، هنيئا لهم، وتبقي فينا أبناء الشهداء، ذكري عطرة، لن ننساهم أبدًا.
الضابط الراقي حسين في صورة ولا أروع مع أبناء الشهداء، لم يعن إلا المنصفين التوقف عند الرسالة المغلفة بالوفاء لأرواح الشهداء، للمعني الفصيح الذي تحمله هذه الصور الفريدة من معانٍ نفتقدها يومًا بعد يوم، ناس وناس، ناس تمضي حياتها بين تغريد وتتويت، وناس تانية في عالم الشهادة يقدمون ارواحهم فداء.
أعلم »ميحسش بالنار إلا اللي كابشها»، ورجال الجيش والشرطة كابشين نارًا موقدة، وكل منهم »مشروع شهيد»، وليس خافيًا علي من يخالط هؤلاء المقدرين، يعرف جيدًا أن كلًا منهم يودع أهله صباحًا شهيدًا أو يعود إليه منصورًا ليكمل مشروع شهادته مع شروق كل شمس، مروسمين شهداء علي قيد الحياة.
صورة حسين مع » مؤمن ومالك »، ابني الشهيد مصطفي الخياط في أول يوم دراسي في الترم التاني، وحديثه الذي يذوب رقة مع ملك بنوتة الشهيد عمرو وهيب، خليق بالتوقف أمام هذا المشهد الباكي، مشهد صديق الوالد نذر نفسه حبًا أن يذهب إلي ابني صديقه في المدرسة، يعلن أمام الجميع أن ابن الشهيد لم يفقد والده، كلنا آباء له، لم يفقد السند، الله يرعاه، ومصر الوطن في ظهره، لم يفقد العزوة، عزوته في التفاف الأوفياء من حوله، توقفا عند فضيلة الوفاء التي تتجلي عند الأوفياء،
مني عيني أرسم بسمة في عيون أبناء الشهداء جيشا وشرطة ومدنيين، حرب الإرهاب كلفتنا كثيرًا من الأرواح الطيبة، علمتنا معني الشهادة لوجه الوطن من بعد وجه الله سبحانه وتعالي، علمتنا يعني إيه وطن، يعني إيه علم، يعني إيه شهيد يترجي ربه سبحانه وتعالي إما نصرًا أو شهادة، علمتنا أن الوفاء في هذا الشعب ساكن جوه الحشا، والشعب صابر، ومحتسب، حسبنا الله ونعم الوكيل.
نقلا عن الاخبار القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع