بقلم - حمدي رزق
بعيدا بعيدا عن التحليق المنفرد المستحق للمرشح الرئيس عبد الفتاح السيسى، لافت تنامى نسبة الأصوات الباطلة فى الانتخابات الرئاسية واحتلالها المركز الثانى بفارق «مزعج» عن المرشح المنافس موسى مصطفى موسى، واحتلالها المركز الثانى فى انتخابات رئاسية لمرتين متتاليتين.
للذكرى عدد الأصوات الباطلة فى انتخابات 2014 سجلت مليونا و40 ألفا و608 أصوات، بنسبة 4.07 فى المائة، متفوقة على أصوات حمدين صباحى، زعيم «التيار الشعبى»، الذى تحصل على 757 ألفا و511 صوتاً فقط!.
ناهيك عن ضعف حظوظ المرشح المنافس موسى مصطفى موسى، والتى وضعته خلف الأصوات الباطلة، والرجل معترف تماماً ويشكر على التمثيل المشرف، لافت تنامى الظاهرة من انتخابات إلى أخرى، قد يعزوها البعض إلى حسن نية قطاع من المصوتين أبطل صوته دون أن يدرى تزيدا فى حب السيسى، بإضافة ما يبطل الصوت من عبارات الحب والثناء، وهذا يجب أن يكون تحت نظر اللجنة العليا للانتخابات تمييزا فى سلة الأصوات الباطلة، وبعيدا عن تصويت السلفيين المخاتل، وأبعد من ذلك ظاهرة التصويت «الإلزامى» لسبب الخشية من تطبيق الغرامة على المتخلفين تصويتا، وكلها أصوات باطلة فى الصندوق الكبير.
ظاهرة الأصوات الباطلة يقينا تحتاج لتحليل أدق وأعمق من هذه التخمينات، وخلاصته هناك من يحتج تصويتا وفى الصندوق، وهذا جيد وحسن، أفضل كثيرا من دعوات المقاطعة الفاشلة التى دعت إليها منابر الإخوان والتابعين، أقله هذا صوت احتجاجى متفاعل تصويتا ولا يذهب إلى مكايدات سياسية أو عمليات تحتية أو متورط فى لوبيات ضغط محلية أو دولية.
معلوم للكافة دعوة الرئيس المتكررة للتصويت بغض النظر عن ذهاب الصوت إلى من، إذن الصوت الباطل ليس منكورا، هو صوت مصرى إيجابى تماما عبر عن رأيه فى الصندوق بكل أريحية، معلنا احتجاجا ظاهرا وواضحا وجليا، وصاحبه إما يعتوره رفض أو فتور أو احتجاج، ولربما كان يتمنى مرشحا غائبا يصوت لصالحه، أو احتجاجا على ما يراه منافيا لقناعاته، أو رفضا لبعض السياسات القائمة أو رغبة فى لفت الانتباه إلى معاناة ما.
لا تلعنوا الصوت الباطل، الظاهرة خليقة بالتفات مراكز التفكير وصناعة القرار، الصوت الباطل لا يقلق من يعقل ويفهم المغزى ويتوفر على تحليل أسباب تنامى الظاهرة، صوت إيجابى، لم يغب عن المشهد ويتحرك فى إطار شرعية سياسية قائمة يعتقدها، لم يرفض العملية الانتخابية بالكلية، عبر عن رأيه بإبطال صوته لإيصال صوته، احترام هذا الصوت واجب ويستوجب الوقوف أمامه تحليلا، حتى لا نفقده تماما الانتخابات المقبلة.
معلوم الإخوان مقاطعون كراهية، والثوريون لا يكتفون بالرفض، بل يدعون إلى المقاطعة، إذا من ذا الذى أبطل صوته وكان إيجابيا فى توصيل رسالته عبر الصندوق، ولم يركن لمقاطعة معلنة عقورة أو رفضا مستبطنا كريها من أصحابه، صاحب هذا الصوت الباطل يحدوه الأمل فى تغيير نوعى ينقله من خانة الرفض التصويتى مع توفر نيته الكاملة فى التصويت باعتباره حقاً مستحقاً وواجباً وطنياً مستوجباً.
تسفيه الصوت الباطل ونسبه إلى حديث الغرامات يفرغ الرسالة السياسية من مضمونها، كما أن نسبته إلى الجهل بقواعد التصويت المرعية يجب مراعاتها مستقبلا، لا نملك رفاهية إبطال الأصوات مجددا، ولا يجب ترك الظاهرة تستفحل، فإذا كان قد تم حصار المقاطعة فيجب علاج ظاهرة الأصوات الباطلة التى تسجل المركز الثانى فى الانتخابات الرئاسية للمرة الثانية على التوالى.
نقلاً عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع