بقلم : حمدي رزق
حفر مفيد فوزى اسمه ثنائيا وكفى، لا يقف كثيرا عند الألقاب والصفات والنعوت، فقط مفيد فوزى، وشرح تفصيلى يعنى الدقة والرقة والدأب والإلحاح على المعلومة، وما إن يظفر بها يصوغها بحرفية الصائغ الأريب، يحول الكلمات إلى جواهر، ينظمها فى عقد فريد من البلاغة والفصاحة، مدهش فى صوغ عباراته، قصيرة، سهلة، مهضومة، مفطور على صك العبارات التى تدخل القلب سريعا.
لا يميل الأستاذ مفيد إلى الركون المحبب فى فضاءات العمر الفسيحة، أطال الله فى عمره، تعب هى الحياة، فلا تعجب الأستاذ مفيد راغب فى ازدياد، لا يكل ولا يمل ولا يجلس جنب الحائط يمنى نفسه بجملة تسقط فوق رأسه كتفاحة نيوتن، عامل عليها، يشقى ويتعب، لو أخلص شاب إخلاص كبير السن والمقام الأستاذ مفيد فى تقفى المعلومة لتغير وجه الصحافة.
أقول قولى هذا وأستتبعه بما تيسر من مناقبية الأستاذ مفيد استحقاقا لرمز من رموز الصحافة المصرية، لن ننتظر كثيرا حتى نكرم صنيعهم، ونحتفى بإبداعهم، ونتلو على جيل جديد ما تيسر من سيرتهم العطرة فى بلاط صحابة الجلالة، عقد فريد من الصنايعية على حد وصف الصديق عمر طاهر أول من سجل آيات الإتقان فى حياة صنايعية مصر.
وعلى ذكر الصنايعية اللى إيديهم تتلف فى حرير، الأستاذ مفيد أسطى تخرج على يديه فى صباح الخير (الصبوحة) أجيال ارتوت من قصار جمله التى تصيب كسهام الهدف فى القلب منه تماما)، وبالمعنى الأكاديمى هو أستاذ ورئيس قسم الكتابة الرشيقة والجمل الراقصة، ومدرسته معنونة بـ«ما قل ودل»، وفى بلاط صاحبة الجلالة هو صاحب عمود، ومن حوله يتحلق المريدون والأتباع ويجلسون بين يديه يتلقون منه تعاليم آباء المهنة الذين تلقى الأستاذ مفيد على أيديهم البيضاء الحروف كلها.
محبة الأستاذ مفيد ترتسم على صفحات «المصرى اليوم» التى يعطرها كل سبت بأفكاره المدهشة وأحكامه القاطعة، وجمله الراقصة، ترقص جمل الأستاذ جميعا على نغم حبه لمصر، يحبها من كل روحه ودمه، حتى فى حبه معلم، وعنوان من عناوين الكتابة بحبر القلب والتعبير من مأثورات الروائى الكبير الأستاذ يوسف القعيد، صك العبارة المدهشة وكان للأستاذ مفيد منها نصيب الأسد، من قلبه وروحه مصرى والنيل جواه بيسرى.
تعجب من الحملات الممنهجة التى يتعرض لها الأستاذ مفيد بين الفينة والأخرى، وتقول لم لا يهدأ هذا الرجل، لماذا كل هذا الصخب، وكيف يحتمل كل هذا الضجيج، و��يف يغمض عينيه وكل هذه المشاهد تمر أمام عينيه، فلا يجفل ولا يحفل ولا يخشى ولا يتراجع ولا تلين عريكته، يقينا عركته الخطوب، وعذبته المحن، وعانى فقدا، واحتواه حزنا، ولكنه مع طلة الصباح وصوت فيروز فى الخلفية يتأنق ويرتدى ثيابا اختارها على عينه أو اختارتها حبيبة قلبه (حنان) ويخرج للضياء محلقا، يرسم لوحات من كلمات مطعمة بعلامات تعجب كثيرة من صمود هذا الفارس فى وجه طوفان البذاءة.. بوركت معلما وشيخا.
نقلا عن المصري اليوم القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع