توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

قبلة أسترالية على خد نجيب محفوظ

  مصر اليوم -

قبلة أسترالية على خد نجيب محفوظ

بقلم - حمدي رزق

هاتفنى من «سيدنى» صديقى فى المهجر الصحفى اللبنانى أنيس غانم، رئيس تحرير صحيفة «التلغراف» الأسترالية الناطقة بالعربية، وكنت أعمل مراسلا لها فى القاهرة، يخبرنى بقدوم شاعرة أسترالية عظيمة القيمة إلى القاهرة، وتتمنى لقاء الأستاذ نجيب محفوظ وتحمل معها قصيدة كتبتها خصيصا بمناسبة حصوله على جائزة نوبل، وكل أمنيتها لقاء أن تجلس إليه وتلقى قصيدتها بين يديه.

التقيت الشاعرة الأسترالية المعروفة «آن فيربيرن» فى شقتها بشارع حسن صبرى بالزمالك.. امرأة كهلة، مديدة القامة، واسعة العينين، تتدفق حيوية ونشاطا، وتتحدث بلباقة دافقة، ولديها دراية واضحة بتاريخ «الأدب العربى، شعره ونثره» مع عطفة تخصصية فى أدب «وادى الرافدين» قديمه وحديثه، وتعد فى بلادها جسر عبور الأدب العربى إلى المهجر عبر ترجمات لعديد من شعراء العراق والشام ومصر، والتقت أخيرا الشاعرة المصرية فاطمة ناعوت عند زيارتها سيدنى، وتحل «آن فيربيرن» ضيفا عزيزا على المهرجات الثقافية العربية فى المهجر وسافرت إلى العراق والشام وخبرت أدبهما، وظلت لديها أمنية أن تأتى إلى القاهرة للقاء أمير الرواية العربية نجيب محفوظ.

أسرّت «آن فيربيرن» لشخصى أنها حلمت بهذا الأديب الخرافى وحدثها وسمعت منه فى الحلم، وتحمل معها قصيدة وهدية، أما القصيدة فهى «حديقتان بالقاهرة» توفرت عليها بشحنة إعجاب يوم أعلن فوزه بجائزة نوبل، وهى القصيدة التى تغنت بها طويلا، وكانت تلقيها فى كل محفل للأدب العربى فى المهجر باعتبارها أيقونتها الخالدة، ويطلبها منها إلقاء بعربيتها اللطيفة أدباء المهجر وسفراء العرب، وكانت فى كل مرة تناجى طيف هذا العظيم وتحلق بقصيدتها تطلب اللقاء.

القصيدة منشورة فى «أخبار الادب»، سلمتها أمانة إلى الراحل الجميل جمال الغيطانى، لينشرها قاهريا بترجمتها شخصيا، كانت كتبتها بالإنجليزية وترجمتها، وهى جسر الترجمة فى المهجر، إلى العربية، ونشرها أنيس غانم فى «التلغراف» مع إشارة لاحتضان صحيفة «أخبار الأدب» الذائعة الصيت فى العالم العربى لأبياتها، مزينة بصورتها، وللأسف دون إشارة إلى كونها كبيرة المترجمات الأدبيات فى المهجر.

لم أكن أعرف من أين أسلك الطريق إلى مجلس الأستاذ، وكفانى الروائى الرائع يوسف القعيد مؤنة الحيرة، وطلب منى اصطحابها بعد إخبار الغيطانى إلى مجلس الأستاذ (غروب الثلاثاء الأسبوعى) فى الباخرة الشهيرة «فرح بوت»، وأخبرتها فكادت تطير من فرحتها، وتزينت كعروس ليلة زفافها، وارتدت أرق ما حملته من سيدنى، وفى السيارة الصغيرة التى أقلتنا، تسرح طويلا ثم تفاجئنى بسؤال به من العربية والإنجليزية مس شوق، حقيقى هنقابل الأستاذ محفوظ، وأطمئنها على قرب تحقق الحلم، وأنا مبهور بالأستاذ، ورأسى عال يكاد يلامس سقف السيارة التى تكابد الزحام القاهرى فى الطريق إلى لقاء غريب ومثير.

لم يكن قد وصل، على وصول، ومجلسه اكتمل الأساتذة جمال الغيطانى، ويوسف القعيد وآخرون لم ألتقهم قبلا، قبلها كنت من قراء الأستاذ لست من حوارييه، لا أملك من صفات حواريى الأستاذ شيئا، لا معلوما، ولا مقربا، ولا أنا شاعر ولا روائى ولا حتى ملم بالصحافة الأدبية التى تؤهل لولوج هذا المجلس من باب الصحافة، ضيف على مائدة الأدباء والشعراء والمفكرين.

للمجلس المحفوظى طقوس، الاقتراب بحساب، والجلوس بقواعد، والحديث بصوت عال، والأحاديث الجانبية نادرة، الأستاذ نجيب فقد كل بصره وضعف سمعه بعد محاولة اغتياله الآثمة، كان يعانى صحيا، ويتكفل أحدهما القعيد أو الغيطانى بنقل ما يدور إلى أذن الأستاذ نجيب، وكأنهما يصبان الكلام صبا فى أذنيه، فإذا كانت قفشة أو طرفة انبسطت أساريره، واستنار وجهه بابتسامة، وإذا أعجبته ضحك عاليا، أقرب إلى القهقهة حتى تبين أسنانه التى اصفرت من أثر التدخين، وكل حين بحسب تعليمات الطبيب يشعل أقربهم سيجارة للأستاذ، يأخذ نفسا أو نفسين، ويسحبها من أمامه إلى حين، قبل أن يطلبها هى له، آلة الزمن مضبوطة عند الأستاذ، والساعة البيولوجية لم تفسدها مطواة الجهل التى اخترقت رقبته الضعيفة، كان يقظا كامل الحواس، رائعا وهو يعقب بكلمة صغيرة، أو جملة من اسم وخبر، فعل وفاعل، وبالأسماء تعيها ذاكرته الحديدية، ولا الخيال.

جلسنا بعيدا، وسمح لنا بعد تعريف لطيف من الأستاذ يوسف، فيه واحدة جاية من أستراليا عاوزة تسلم عليك، ضحك الأستاذ، وعقب يوسف: سنها قد إيه؟، قالوا يعنى كبيرة شوية، فعقب وماله جبر الخواطر، وحكمت القافية وضحك الجميع وضحك الأستاذ، كانت فين من زمان؟، وقفشة أخرى: طبعا المشوار طويل، والسيدة فى عالم آخر، سرحانة فى حضرة الأستاذ، واقتربت بتؤدة، وأفسح القعيد مكانه لتجلس السيدة التى فاجأت الجميع بطبع قبلة على خد الأستاذ، وقالت هذا هو الحلم، أما القصيدة فقد ألقت أبياتا بصوت واهن، يقينا لم يسمعها الأستاذ على ما بدا منه من إطراق المستمع، ونهضت تفتح هدية، لوحة صغيرة فى حجم المنديل من مقتنياتها النادرة، عمرها يؤشر على أثريتها، تقبلها الأستاذ بكل الرضا، ونال قبلة ثانية، وعقب الأستاذ: «اعزم عليها يا يوسف تقعد معانا، وسهرنا وإياها فى حضرة الأستاذ»، والتقطت صورا تذكارية مع المجلس وبالقرب من الأستاذ، ونشرت الصور حينها فى «المصور» وحملت فى حقيبتها نسخة من الصور، وتركت القصيدة «حديقتان بالقاهرة» أمانة فى حوزتى لنشرها فى «أخبار الأدب» التى عرفتها على رئيس تحريرها الروائى الكبير جمال الغيطانى، ولم تغادر حتى جمعت روايات نجيب محفوظ وشيئا من روايات الغيطانى والقعيد، وأديت الأمانة ونشرت القصيدة التى بحثت عنها طويلا، ولم أعثر على أثر لها على الشبكة العنكبوتية، لم تكن الصحف دخلت العصر الإلكترونى بعد، وأرسلت لها على عنوانها فى سيدنى نسخا من أخبار الأدب، وردت بخطاب رائع كله حب فى الأستاذ نجيب محفوظ.

حاشية 1:

كشفت الشاعرة الأسترالية آن فيربيرن أن قصيدتها المعنونة «حديقتان بالقاهرة» تتناول أعمال الأديب الكبير نجيب محفوظ. وأوضحت الشاعرة الأسترالية أنها قرأت قصيدتها للمرة الأولى فى حضور الأديب الكبير بالقاهرة والذى أبدى إعجابا وتقديرا لها.

حاشية 2:

الأديب فى المهجر شربل بعينى يقول عن «آن فيربيرن»: «أدخلتنا التاريخ العالمى من بابه الواسع، وهمست فى أذنه: إذا لـم تدخل هؤلاء الأدباء العرب إلى جنّتك، فبئس التاريخ أنت. أفلـم يحن الوقت لندخلها نحن إلى قلوبنا وبيوتنا، ونمنحها شرف المواطنة العربيّة، ونقول لها بصوت واحد، من الخليج إلى المحيط: شكراً.. آن فيربيرن. تماماً، كما قالت لها الحاكم العام فى ولاية نيو ساوث ويلز السيدة مارى بشير، ابنة لبنان، فى رسالة حميمة، أطلعتنى عليها آن، لتخبرنى أن الدنيا لا تخلو من الكبار.

نقلا عن المصري اليوم 

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قبلة أسترالية على خد نجيب محفوظ قبلة أسترالية على خد نجيب محفوظ



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon