بقلم - حمدي رزق
لم تكن ٣٠ يونيو حلماً حلم به رجل حالم فى ليلة صيفية مقمرة.. وإذا فجأة تحقق الحلم فطفق يهذى فرحاً مسروراً.
٣٠ يونيو ثمرة عمل وطنى شاق، وعرق رجال مالح، ودموع سالت من عيون لم تنم والوطن سليب، ولم يغمض لها جفن والإرادة مختطفة، وجفاها النوم وأرّقها سهاداً وهى تغالب قلقاً وخشية على وطن كان على شفا جرف هار.
عندما تكالبت أكلة الإخوان والتابعين على قصعتها نهمة شرهة متلمّـظة خشى من خشى عالمياً، وخاف من خاف إقليمياً، وارتعد الجبناء فى قعور بيوتهم المظلمة، ولكن المصريين لم يهابوا أكلة ولم يخشوا إخواناً ولم يبيعوا وطنهم بضاعة فى الفسطاط الكبير.
ثورة ٣٠ يونيو ثورة الفقراء والبسطاء والعاديين.. ثورة العمال والفلاحين.. ثورة الناس الطيبين.. ثورة المتعلمين وأنصاف المتعلمين الذين طالعوا كتاب الوطن فقرأوا حروفاً ثلاثة: ميم وصاد وراء، وتغنوا بها، وتزوّدوا من صبرها، واستبطنوا معنى أن يكون لك وطن، ولك أربعة جدران تسترك، ورب ينصرك، وجيش يحميك، ودعاء فى بيوت يُذكر فيها اسمه بحى على الصلاة فى حب الوطن.. وفيه كل الفلاح.
٣٠ يونيو حكاية لم تُكتب بعد، ولم تسجَّل بعد، ولم تُرو بعد، ٣٠ يونيو لا شبيه لها، ولا شية فيها، بيضاء لونها يسرّ الناظرين، ولولاها لهُدمت صوامع وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ الله كَثِيرًا.
خمس سنوات على ثورة شعب، ثورة نقية مبرأة من الهدف والدنس، ثورة شريفة لم تُشتر ولم تُبع فى سوق النخاسة، ثورة ضحّى فيها ناسها ولا يزالون، ولم يتربّح منها أحد، فقط كسب الوطن نفسه واستعاد روحه.. ٣٠ يونيو عودة الروح.
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع