بقلم - حمدي رزق
لو جمعت زكاة المال في بيت واحد، بنك واحد، تحت إشراف جمع من الثقاة، يديرون بيت الزكاة بأساليب عصرية لإعمار مصر لما بقي فيها فقير واحد، تقديرات غير محققة تقول ان زكاة المال المتوقعة سنويا تربو علي سبعين مليار جنيه، رقم ضخم في بلد تترجي حكومته ديمومة دفعات قرض الصندوق، وتنتظر المعونات الغربية والهبات العربية علي احر من الجمر، وتتقوت بالدين الداخلي حتي بلغ أرقاما فاقت خيال المحللين الاقتصاديين ويخشون منها سلبا علي مقدرات اقتصاد دولة ترعي 104 ملايين مواطن داخل وخارج المحروسة بعناية الله.
سبعون مليارا بغير حساب جامع شامل، موزعة كيفما اتفق، علي طريقة »الحسنة المخفية» علي جمعيات، ومصارف، وشخوص، لكل نصيب، وكل يتلقي لينفق حسب مايعتقد انه مصارف شرعية، دون ان يصب في النهر العام، دون خطة ممنهجة، دون اطلالة مجتمعية حقيقية علي احتياجات الفقراء في بلادي، كل في واد، كل في طريق، دون ان تلتقي الطرق في منتصف طريق التنمية المستدامة.
اعط الفقير ما يصيد به طعامه، لاتلق له بسمكة في عرض الطريق، حرب الفقر علما ومنهجا وبرامج واقتصادا مؤسسا علي نظريات مجربة، ليست معونات شتاء او بنوكا للطعام في كراتين، او تبرعا برسالة لمؤسسة خيرية، بنك الزكاة فكرة، بيت الزكاة فكرة، بنك او بيت تتوجه اليه الزكوات، وفق منظومة مؤسسية، وفق اليات مصرفية، وفق خطط استثمارية، بنك الفقراء ليس بدعة، وان كانت التسمية جارحة لعفاف المصريين، فليسم بنك الزكاة او بيت المال.
اقول قولي هذا متعجبا من سبعين مليار جنيه سنويا تذهب سدي كماء النيل قبل انشاء السد العالي، هذا الفيض الكريم الطيب يستوجب سدا يحجزه اولا عن التسرب، والضياع في فياف متسعة، فلا ينتج اثرا، ولا ينبت زرعا، ما يمكث في الارض.
سبعين مليارا سنويا رقم يقيم اود بنك يقرض الفقراء لاقامة مشروعات صغيرة، قرضا حسن، لوجه الله تعالي، خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم، خذ من أموالهم صدقة ترسم لهم مستقبلا، تحيي الموتي في مدن الموت، سكان القبور، تستر الاسر، تحيل المجتمع المتواكل إلي مجتمع منتج، يأكلون مما تنتج ايديهم بدلا من مد الايدي في عرض الطرق تصورها الكاميرات لتسوقهاعلي الفضائيات في مشهد بائس، يرسم صورة قاتمة لمجتمع يتعيش علي التسول وضربات الحظ، وماكنا ولن نكون بمثل هذا الذي يتري علي الشاشات وتتعرق منه الوجوه خجلا.
زكاة المال لإغناء الفقراء ذل السؤال، لإعمار الارض، لو تأسس هذا البنك ويقينا سيلقي معارضة من العاملين عليها، الذين بنوا قصورا من حرام، وامتطوا العربات الفارهة من سحت، ورسموا انفسهم نجوما للعمل الخيري، هؤلاء يعارضون بالفتيا المزعومة وبأقوال عمائم ما انزل الله بها من سلطان، معلوم المصارف الشرعية تتغير بتغير الزمان والمكان والحاجات، انتهي زمن العبيد فاختفي مصرف » في الرقاب» .
ولوجه الله تعالي اطالب الحكومة بالمضي قدما في تأسيس »بنك الزكاة» بعيدا تماما عن ادواتها المالية وبنوكها العاملة، بنك مستقل تماما، وباشراف مستقل من ثقاة محترفين مؤتمنين علي زكاة المصريين وبأهداف واضحة، وخطط معلنة لإقالة الفقراء من عثرتهم، وتدوير الزكوات فيما ينفع الناس ويمكث في الأرض.
نقلا عن الاخبار القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع