توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تداعيات ما بعد العدوان على سوريا

  مصر اليوم -

تداعيات ما بعد العدوان على سوريا

بقلم - محمد السعيد إدريس

 كل التوقعات كانت تشير إلى أن إصرار الرئيس الأمريكى وحلفائه الفرنسيين والبريطانيين، وتعجلهم فى شن عدوان عسكرى على سوريا بحجة تورط الجيش السورى فى الاعتداء بأسلحة كيماوية على مدينة دوما بالغوطة الشرقية لدمشق، يخفى وراءه قراراً أهم يتعلق بمستقبل المسارات العسكرية والسياسية للأزمة السورية، وأن واشنطن التى كانت قد أبدت رغبتها فى الانسحاب من سوريا على لسان رئيسها دونالد ترامب وعادت وتراجعت عن هذا القرار بعد اجتماع طارئ وشديد الأهمية لمجلس الأمن القومى الأمريكي، قد حسمت أمرها نهائياً بعد قيامها بالعدوان على سوريا وقررت ليس فقط الإبقاء على وجودها العسكرى فى سوريا بل وتوسيع هذا الوجود أفقياً (التمدد الجغرافى على الأرض السورية) ورأسياً (تكثيف هذا الوجود بالمزيد من القوات والأسلحة المتطورة) لإنهاء معادلة توازن القوى التى كانت روسيا وحلفاؤها قد نجحت فى فرضها بسوريا ولقطع الطريق على مقررات القمة الثلاثية التى كانت قد عقدت فى أنقرة قبيل أيام قلائل من ذلك العدوان بين الرئيس الروسى فلاديمير بوتين ورئيسى إيران وتركيا، وبالذات إفشال أى جهود روسية لتشكيل تحالف إقليمى بالمنطقة يجمعها بكل من إيران وتركيا وتكون سوريا هى ميدان اختبار القوة لهذا التحالف على حساب مصالح واشنطن ومصالح حلفائها.

الأمر الغريب أن الذى حدث كان العكس تماماً، إذ بادر الرئيس ترامب بالعودة ثانية للحديث عن سحب القوات الأمريكية من سوريا، وأكد فى تغريدة له على «تويتر» أن «المهمة انتهت بنجاح» فى سوريا. وعندما انبرى الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون لنفى هذا التوجه الأمريكى ردت عليه المتحدثة باسم البيت الأبيض سارة ساندرز بحسم قائلة: «لم تتغير المهمة الأمريكية. كان الرئيس واضحاً أنه يريد أن تعود القوات الأمريكية إلى الوطن بأسرع ما يمكن». وكان الرئيس الفرنسى قد أوضح فى مقابلة تليفزيونية أنه أقنع ترامب بعدم سحب القوات الأمريكية من الأراضى السورية وقال «قبل عشرة أيام قال الرئيس ترامب إن الولايات المتحدة تريد الانسحاب من سوريا (...) أؤكد لكم أننا أقنعناه بضرورة البقاء لمدة طويلة». لم يكتف ماكرون بذلك، لكنه زاد بالقول أن «الهدف (بعد العدوان) هو بناء ما يسمى بالحل السياسى الشامل، لوقف النزاع المستمر»، ملمحاً إلى أنه «لا يرغب فى رحيل فورى للرئيس الأسد عن السلطة، وأنه من أجل التوصل إلى هذا الحل السياسى الدائم» يجب أن نتحدث مع إيران وروسيا وتركيا».

ربما يكون كلام ماكرون هو التفكير المنطقى بعد شن العدوان، أى لتوظيف العدوان من أجل فرض مسار سياسى يرضى العواصم الغربية والحلفاء الإقليميين والوكلاء السوريين (فصائل المعارضة)، بغض النظر عن الفرص والتحديات التى يمكن أن تواجه هذا التوجه، لكن إعلان ترامب مجدداً عزم الانسحاب من سوريا كان هو الأمر المثير للشك إن لم يكن للريبة، حتى جاء إعلان صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية ليفضح حقيقية نوايا ترامب «الانسحابية» من سوريا وليؤكد وجود خطة أمريكية وراء نية الانسحاب من سوريا قد تكون أشد خطورة ربما من البقاء الأمريكى نفسه فى سوريا.

فقد نشرت الصحيفة أن الولايات المتحدة «تطلب دعماً عسكرياً من دول عربية لإحلال الاستقرار فى سوريا»، وحددت هذا الدعم بأن ترسل السعودية وقطر والإمارات ومصر قوات إلى شمال شرقى سوريا لتحل محل القوات الأمريكية هناك». وأفادت الصحيفة بأن جون بولتون مستشار الأمن القومى الأمريكى (الجديد) تواصل مع الدول الأربع بهذا الخصوص.

هذا الطلب الأمريكى كانت سارة ساندرز المتحدثة باسم الرئاسة الأمريكى قد ألمحت إليه فى معرض تأكيدها لعزم الرئيس الأمريكى سحب قواته من سوريا، ونفى ما جاء على لسان الرئيس الفرنسى من وجود تراجع عن هذا الأمر وقالت «إننا نتوقع من حلفائنا وشركائنا الإقليميين أن يتحملوا مسئولية أكبر عسكرياً ومالياً لضمان أمن المنطقة».

هذا التوجه الأمريكى الجديد بالانسحاب من سوريا يثير مجدداً التشكك فى النوايا الأمريكية: هل يريدون حقاً الانسحاب أم يناورون من أجل المزيد من ابتزاز الممولين العرب «الحريصين أشد الحرص على إبقاء القوات الأمريكية فى سوريا» بهدف قطع الطريق على النفوذ الإيرانى فى سوريا؟.

واضح أن الرئيس الأمريكى يريد أن يفرض خيار «الفوضى العامة» وأن يكون الاقتتال العربى المباشر بين الجيوش العربية هو البديل للحرب بالوكالة التى فُرضت على الأرض السورية على مدى سبع سنوات مضت، وواضح أنه يريد أيضاً «توريث الاحتلال» بعزمه على استبدال القوات الأمريكية التى تحتل أراضى فى شمال شرق سوريا وجنوبها، دون وجه حق، بقوات عربية تؤدى وظيفة الاحتلال، لكن تحت رايات عربية لتفاقم من مخاطر فرض الانقسام ليس على سوريا وحدها بل على كل الأرض العربية، وأنه يريد أن يصل بالأزمة السورية إلى ذروتها فى مسارين، الأول، مسار الاقتتال العربي- العربي، والثانى مسار التعاون والتنسيق الذى يقود إلى التحالف الإسرائيلى العربي، المباشر عسكرياً وليس فقط سياسياً.

كان الوجود العسكرى الأمريكى فى سوريا يخدم وظائف محددة أبرزها: الحفاظ على ديمومة الصراع فى سوريا على قاعدة «لا غالب ولا مغلوب»، والحفاظ على جيوب تنظيم «داعش» فى مناطق سورية خاصة فى محافظة «دير الزور» لاستخدامها، وقت الضرورة، كمبرر لإبقاء الوجود العسكرى الأمريكى فى سوريا تحت غطاء الحرص على منع أى ظهور جديد لـ «داعش»، إضافة إلى منع إيران من تنفيذ مشروع طريقها البرى نحو لبنان مروراً بالأراضى العراقية والسورية، ومنع الجيش السورى من بسط سيطرته على كامل الأراضى السورية، والتحالف مع المعارضة الكردية لفرض كيان كردى مستقل فى شمال سوريا يؤسس لخيار تقسيم سوريا، جنباً إلى جنب مع العمل على المحافظة على أمن ومصالح إسرائيل.

هل تقبل الدول العربية المدعوة للمشاركة فى هذه القوات القيام بهذه الوظائف وبإملاءات وشروط أمريكية وتحت إشراف أمريكي؟ وهل تستطيع القيام بذلك إن أرادت؟ ولخدمة أى مصالح عربية؟

أسئلة كثيرة مازالت تبحث عن إجابات خصوصاً إذا أخذنا فى اعتبارنا الدور الإسرائيلى المريب فى كل هذه التطورات.

نقلا عن الاهرام القاهرية

 

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

GMT 13:43 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

دولة في غزة كُبرى؟

GMT 11:56 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الوطن والشعب.. وأنا

GMT 08:20 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

درع العرب (1) نواة القوة المشتركة

GMT 09:54 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

مسقط... رؤية مختلفة

GMT 08:32 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

عودة الوحش

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تداعيات ما بعد العدوان على سوريا تداعيات ما بعد العدوان على سوريا



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon