توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حروب لا تنتهى فى الشمال السورى

  مصر اليوم -

حروب لا تنتهى فى الشمال السورى

بقلم : د. حسن أبوطالب

قد تدخل قوات عراقية إلى عمق الأراضى السورية، لملء فراغ القوات الأمريكية، التى أعلن الرئيس ترامب سحبها فى غضون 60 إلى مائة يوم، وقد تنتقل هذه القوات إلى مرافقها الموجودة فى العراق، حسب الاتفاقات مع الحكومة العراقية. فى الوقت ذاته سوف تترك مهمة القضاء على بقايا «داعش» للجيش التركى، الذى يستعد لدخول شمال شرق سوريا بعد تنسيق الانسحاب الأمريكى ليتم ببطء وبدقة، حسب تغريدات الرئيس ترامب، الذى أكد فيها قوله إن سوريا باتت لأردوغان، فى حين أن هدف تركيا المعلن رئاسياً ليس مواجهة بقايا «داعش»، وإنما سحق والقضاء على قوات سوريا الديمقراطية باعتبارها مجموعة إرهابية وذات صلات مع حزب العمال الكردستانى التركى، فى حين أن قوات «قسد» تتشكل من غالبية كردية، وبعض العرب، وكان لها، وما زال، دور كبير فى مواجهة داعش طوال السنوات الأربع الماضية، بدعم أمريكى تسليحاً وتدريباً، وتعتبر نفسها قوة أساسية لحماية الأكراد فى الشمال السورى، وليس مواجهة تركيا أو تصدير الإرهاب لها، كما يزعم الرئيس أردوغان.

الموقف السورى الرسمى يتراوح بين ثلاثة متغيرات، الأول إعلامى يعتبر قرار الرئيس ترامب بمثابة انتصار لسوريا، دون أن يقدم الدليل المناسب، مع شماتة فى الأكراد السوريين الذين استكانوا للدعم الأمريكى والعمالة له، حسب بعض التعليقات، فكان أن لفظهم «ترامب» بدون رحمة، ووضعهم أمام مواجهة الجيش التركى مباشرة، وبدون أدنى ضمانات، فى الوقت ذاته يتم استبعاد التنسيق مع «قسد» لمواجهة المد التركى، لأنهم عملاء أمريكيون. وثانياً: موقف رسمى يتسم بالترقب والانتظار، ترقب نتائج الانسحاب الأمريكى على الأرض، وانتظار ما الذى سيفعله الآخرون، لا سيما تركيا وجيشها المستعد للاستيلاء على مزيد من الأراضى السورية، ووراءه خطط جاهزة لتتريك ما يقع تحت يديه من مدن وأراضٍ وسكان. وثالثاً: سحب بعض القوات من الجنوب السورى وتوجيهها إلى الشمال الشرقى، ولكن بدون ضجة أو إعلانات صريحة، وغالباً هناك تحركات للقوات الحليفة الإيرانية أو اللبنانية تستعد للتوجه إلى مناطق قريبة من تلك التى تنسحب منها القوات الأمريكية.

والمصادفة الزمنية فقط هى التى تجعل الحكومة السورية تشعر بقدر من انتشاء المنتصرين، رغم وجود ما يقرب من ثلث الأراضى السورية خارجة عن السيادة الفعلية لها، وذلك بسبب التقارب مع بعض عواصم عربية قررت إعادة فتح سفاراتها فى دمشق، ولكن لم يتحدد الموعد بعد، وبصفة خاصة الأردن حيث الاتصالات آخذة فى التطور لتعيد العلاقات بين البلدين إلى ما كانت عليه قبل سبع سنوات، حسب تصريحات العاهل الأردنى عبدالله، فضلاً عن تقارير صحفية عربية تحدثت عن جهد تونسى جزائرى مشترك يسعى إلى عودة سوريا إلى الجامعة العربية تفتتحها مشاركة للرئيس الأسد فى القمة العربية المقبلة، وهو ما نفته أمانة الجامعة العربية رسمياً، لكن يظل للموقف التونسى الجزائرى دلالة إيجابية بالنسبة لدمشق تغطى جزئياً على ما يجرى فى الشمال السورى.

روسيا بدورها صاحبة الوجود العسكرى القوى فى سوريا تنظر إلى قرار الانسحاب باعتباره خطوة إيجابية من حيث المبدأ، على الأقل لأنه سيترك الساحة السورية مقسمة بين اثنين من حلفائها، إيران من جانب، وتركيا من جانب آخر. وتتفق موسكو مع ما قاله «ترامب» من أنه تم هزيمة «داعش»، فى حين أن هناك العديد من الجيوب التى يسيطر عليها التنظيم فى الأراضى السورية، كما أن مسلحيه ما زالوا قادرين على توجيه ضربات قاسية لكل من الجيش السورى وقوات «قسد»، التى فقدت 600 عنصر فى مواجهات جرت خلال الأسبوعين الماضيين فقط، وما زالت عناصر التنظيم، التى توصف بالذئاب المنفردة والخلايا النائمة تنتظر إشارة للقيام بهجمات هناك. ومن غير المستبعد أن تجهز نفسها للامتداد فى بعض مناطق الشمال السورى.

القرار الأمريكى وجد تقييمات سلبية من عدد من عواصم البلدان الأساسية فى التحالف الدولى الذى فقد أهميته بقرار الانسحاب المنفرد، وأبرزها بريطانيا وألمانيا وفرنسا. ورغم ما أعلنته واشنطن من أنها سوف تستمر فى ضرب بقايا التنظيم جواً إذا استدعى الأمر ذلك، فإن فاعلية تلك الضربات ستظل مشكوكاً فيها. ومن غير المستبعد أن تنسحب دول أخرى من هذا التحالف ككندا وأستراليا وغيرهما، وبما سينهى تماماً هذا التحالف ويجعله أثراً بعد عين. ولذا تجد فرنسا نفسها فى مأزق حقيقى، والسؤال الذى يتردد على ألسنة المعلقين الفرنسيين: هل يمكن لفرنسا أن تكون بديلاً للقوات الأمريكية، وهل لديها القدرة على الوقوف أمام الجيش التركى إذا قرر «أردوغان» أن يسيطر تماماً على كامل الشمال السورى، وهل لها أن تقدم حماية مناسبة ودعماً معقولاً لقوات سوريا الديمقراطية، وكثير من الأسئلة الشائكة والتى تجد جميعها إجابات تصب فى محدودية القدرة الفرنسية، وربما أقصى ما يمكن أن تقوم به باريس أن تحاول وساطة بين أكراد سوريا وبين أنقرة، وغالباً ستكون وساطة فاشلة حتى قبل أن تبدأ.

فى ظل هذه البيئة التى تشهد تغييرات درامية بين لحظة وأخرى، يبدو الأكراد بمثابة الخاسر الأكبر، وليست لديهم بدائل كبرى سوى الاتصال بوساطة روسية مع الحكومة السورية، وهو ما قد تقبله دمشق، ولكن بشروط قاسية، وإما التحول إلى حرب عصابات مع الجيش التركى وعملائه من مسلحى ما يعرف بالجيش السورى الحر والمنظمات العميلة لأنقرة، وهو ما سيحول الشمال السورى إلى ساحة حرب مفتوحة لا نهاية لها، وسيدفع الأكراد سواء كانوا مسلحين أو مواطنين عاديين ثمناً كبيراً لها. وسيؤدى انشغال «قسد» لتأمين حركتها المستقبلية إلى إفساح مجال أكبر لنشاط عناصر داعش. ومعروف أن لدى «قسد» ما يقرب من 500 عنصر من «داعش» أسرى، ولن يكون مستبعداً أن تفرج عن بعضهم، أو تسمح لهم بالهروب، أو أن تفكر قيادة «داعش الخفية» بعملية عسكرية تستغل فيها حالة الاضطراب واللايقين لدى «قسد» لتحرير قسم من أسراها، وبما يحقق لها نصراً معنوياً وعسكرياً مشهوداً.

تطورات الشمال السورى على هذا النحو تشكل بيئة مناسبة لمزيد من المواجهات العسكرية التى لا سقف لها. هناك العديد من المشاهد المتصوّرة حول مواجهات عسكرية بين كل الأطراف تقريباً، ولكن الشىء المؤكد أن شمال سوريا سيكون كالمائدة التى يتداعى عليها اللئام، كل منهم ينال حصته، حسب قدرته، وحسب حجم تنسيقه مع الولايات المتحدة، والخاسر الأكبر هو وحدة التراب السورى، وغياب السيادة عن ثلث البلاد لأجل غير معروف.

نقلا عن الوطن

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حروب لا تنتهى فى الشمال السورى حروب لا تنتهى فى الشمال السورى



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon