توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
الأربعاء 19 شباط / فبراير 2025
  مصر اليوم -
أخبار عاجلة

ترامب.. بين الخوف والمقاومة السرية

  مصر اليوم -

ترامب بين الخوف والمقاومة السرية

بقلم : د. حسن أبوطالب

فى إحدى الدورات التدريبية لخريجى عدد من الجامعات سألتنى خريجة أحد أقسام العلوم السياسية عن كيفية إعداد نفسها لكى تكون متخصصة فى الشئون الأمريكية، وكانت إجابتى ذات طابع تقليدى إلى حد كبير، مثل اقتراح قراءة عدد من الكتب الأساسية حول نشأة النظام السياسى الأمريكى ومراجعة الدستور الأمريكى وتعديلاته المختلفة والظروف التى تم فيها كل تعديل، ثم مراجعة مذكرات بعض أهم السياسيين والرؤساء الأمريكيين، مع متابعة بعض الدوريات السياسية الرئيسية لمعرفة الحوار الداخلى وكيف يؤثر على صنع القرار ودور اللوبيات الرئيسية الكبرى ووسائل الإعلام، وبشكل عام أعتقد أن هذه المصادر كفيلة بأن تؤهل أى باحث أن يكون متخصصاً فى الشأن الأمريكى بعد قراءتها بتمعن شديد، ولكن يبدو أن الأمور فى الداخل الأمريكى لم تعد ترتبط فقط بمعرفة المصادر الرصينة والكتابات الفكرية، بل هناك مصادر أخرى تفرض نفسها فى معرفة أهم شىء فى عملية صنع القرار الأمريكى وهو دور الرئيس نفسه باعتباره منتخباً ومفوضاً من الشعب لكى يحافظ على المصالح العليا للبلاد، ويؤمن للأمريكيين جميعاً فرصة العيش الكريم والمتطور.

هذه المصادر الجديدة تتعلق أساساً بكتب الصحافة الاستقصائية، أى التى يحررها صحفيون متمرسون فى الغوص فى دقائق الأمور ولديهم الكثير من المصادر الموثوقة، وتتوافر لديهم بشكل أو بآخر وثائق أصلية ليست متاحة للعامة أو على الأقل صور منها لا يمكن التشكيك فيها، وقادرون على إجراء حوارات مع أى شخصية مسئولة فى الوزارات المهمة والبيت الأبيض نفسه والحصول منه على معلومات وأسرار غير شائعة، هذه الكتب تقدم الكثير من التفاصيل التى أحياناً توصف بأنها مملة، ولكنها من حيث أسلوب الكتابة والتقصى تقدم روايات عن أشياء عدة كلها ذات صلة بآليات صنع القرار وشخصية صانع القرار ذاته. ومن ثم تقدم لنا هذه الكتب تحليلاً غير مباشر عن العلاقة بين طبيعة الشخصية وطريقة القيادة ومن ثم مخرجات هذه القيادة، ومن بينها ردود فعل المسئولين المقربين من هذه القيادة العليا، ومن ثم تتوافر لدينا نحن الراغبين فى معرفة بعض خبايا الأمور تفاصيل كثيرة تؤهلنا للحكم على التطورات بدرجة أعلى من الدقة، كما تساعدنا على التوقع والترجيح لما قد يحدث فى الغد القريب.

خصائص ما يعرف بكتب الصحافة الاستقصائية تنطبق على كتاب الصحفى بوب ودورد المعنون بـ«الخوف.. ترامب فى البيت الأبيض» المقرر صدوره هذه الأيام، الذى سربت منه بعض المقاطع حول عدد من المواقف التى جمعت ترامب بعدد من مساعديه وتعلقت بإصدار قرارات معينة أو حوارات حول قضايا معينة تخص علاقة أمريكا بالعالم، ومجمل التسريبات تدور حول ثلاثة عناصر رئيسية، أولها أن الرئيس ترامب غير مُلم بالمصالح الأمنية الكبرى للولايات المتحدة، وثانياً أن اهتمامه الأول هو لجمع الأموال ولو على حساب حلفاء أمريكا المقربين، وثالثاً أنه عصبى المزاج ولا يقبل رأياً مخالفاً، إضافة إلى أنه مندفع بطبعه ويتصور أن وعوده الانتخابية لها الأولوية على أى شىء آخر بما فى ذلك نصائح واقتراحات المؤسسات الرئيسية كالاستخبارات والبنتاجون ووزارة المالية والبنك الفيدرالى.

هذه العناصر الثلاثة لشخصية الرئيس ترامب هى السبب وراء حالة الخوف التى عنون بها الكاتب كتابه، والعنوان يحمل معنيين متضاربين ومتكاملين فى الآن نفسه؛ الأول معنى يتعلق بخوف ترامب نفسه ممن يحيطون به، والثانى خوف المحيطين به ويعملون معه من القرارات والمواقف التى يُصر عليها ترامب وقد تؤدى إلى كوارث كبرى بالنسبة للأمن القومى الأمريكى، وإذا ساد هذا الشعور بين القائد وكبار العاملين معه فمن الطبيعى أن تكون حالة التوجس والشك سائدة بما يحول دون شفافية العلاقة المطلوبة بين الرئيس والمرؤوسين، ومن ثم تصبح الفوضى بالمعنى المادى الملموس هى النتيجة الطبيعية، وهى النتيجة التى أبرزها المقال الذى نشرته الـ«نيويورك تايمز» لكاتب مجهول، يعتقد أنه أحد كبار العاملين فى البيت الأبيض، أكد فيه أن هناك مجموعة داخل البيت الأبيض تعتبر نفسها جبهة مقاومة سلمية وخفية فى داخل البيت الأبيض، مهمتها كبح جماح الرئيس وما قد ينتج عنها من كوارث كبرى.

ما جاء فى كتاب الخوف ومقال الكاتب المجهول يطرح فى الحقيقة الكثير من القضايا النظرية والعملية المتعلقة بصنع القرار فى البيت الأبيض، ودور شخصية الرئيس فى إدارة شئون القوة العظمى الأكبر فى العالم، وما يمكن أن تجلبه من متاعب وكوارث للعالم كله، هذه نقطة معروفة من قبل كعامل كلى فى التحليل وفى البحث، ولكنها فى حالة توافر تفاصيل كتلك التى تخرج بين الحين والآخر حول ما الذى يجرى بين الرئيس ترامب ومعاونيه فى إطار صراعى وليس تعاونياً كما هو مفترض ضمناً، يصبح الأمر أكثر إثارة وأكثر قلقاً فى الوقت ذاته، فهذه أول مرة نسمع فيها عن مقاومة سرية تكاد تكون منظمة داخل أروقة البيت الأبيض، وأن هناك من يعتبر نفسه فى مهمة إنقاذ بلاده من رئيس كثير الأخطاء وكثير النزوات ومندفع ومتسع الخصومات مع مؤسسات مهمة ومع الصحافة ككل، هذا شىء غريب وغير معتاد، ما يحدث عادة يتمثل فى أن بعض كبار المسئولين المحيطين بالرئيس قد تكون لديهم رؤى مختلفة عن قضية أو تحرك معين، ويتم النقاش ثم ينتهى بقرار ملزم للجميع،

فكرة أن تكون هناك مقاومة سرية ويعلن عنها من بعض كبار الموظفين سواء بصورة متفق عليها أو بصورة ضمنية، هى أقرب أن تكون انقلاب قصر ولكن بشروط أمريكية بحتة، المقاومة هنا تأخذ طابع الامتناع عن تنفيذ أوامر الرئيس وإخفاء أوراق وقرارات مهمة حتى لا يتم توقيعها رئاسياً، وما خفى كان أعظم. وفى حال صدق هذا المشهد فلا يمكن تصور حدوثه إلا بالتوافق الضمنى أو المخطط مع كبار رموز الإدارة ككل، وبمشاركة وزراء مهمين، إنه تطور جديد بكل المقاييس ويعكس تشرذم سلطة ترامب، والجائز هنا أن تلك المقاومة السرية من قبل كبار الموظفين ليست إلا فكرة متخيلة، ولا تحدث بمثل هذا الشكل، غير أن مجرد الإعلان عنها قد أدى غرضه وحقق هدفه، على الأقل زيادة حدة الشكوك بين الرئيس وكبار معاونيه، إلى جانب الدلالات الأخرى كقلة خبرة الرئيس واندفاعه وغيرها من الصفات الكفيلة بأن تجعل فكرة التخلص من الرئيس أمراً مُسيطراً على من بيدهم القرار.

نقلًا عن الوطن

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ترامب بين الخوف والمقاومة السرية ترامب بين الخوف والمقاومة السرية



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon