بقلم - عمرو هاشم ربيع
هل نحن مقبلون على أزمة مياه؟ كافة الدلائل والإحصاءات تقول إننا بالفعل على وشك الدخول فى أزمة جفاف كبيرة، فموارد المياه فى مصر مقصورة تقريبا على المورد الخارجى وهو مياه النيل الذى يأتى من خارج مصر، فالنيل يمد مصر بنحو 55.5 مليار متر مكعب سنويا، وهى ذات الكمية التى اتفق عليها منذ منتصف القرن الماضى، ورغم تضاعف عدد السكان مرتين تقريبا ببلوغه نهاية هذا العام 105 ملايين نسمة تقريبا، فلا زالت تلك الكمية ثابتة دون تغيير.
تستهلك مصر سنويا 80.3 مليار متر مكعب تقريبا، فإضافة لمياه النيل تأتى الكمية الباقية من المياه الجوفية (2.5 مليار م3 تقريبا) ومياه الأمطار والسيول (1.3 مليار م3)، كل ما سبق يسمى موارد مباشرة ويبلغ 59.3 مليار م3 تقريبا. إضافة إلى ذلك هناك المياه الجوفية (7.2 مليار م3) وإعادة استخدام مياه الصرف الزراعى والصحى (13.5 مليار م3)، وتحلية مياه البحر (0.4 مليار م3).
مقارنة تلك الكميات بطبيعة الاستخدامات نجد أن 61.7 مليارم3 يستخدم فى الزراعة، 11 مليار م3 فى مياه الشرب، و5.4 مليار م3 فى الصناعة، ونحو 3 مليارات م3 تضيع فى البخر.
كل ما سبق يشير إلى أن مياه النيل تشكل نحو 94% من حجم الموارد المائية، وأن الفجوة بين تلك الموارد المباشرة والاستخدامات يقدر بنحو 21 مليارم3. وتتسع تلك الفجوة إذا عرف أن احتياجات مصر الحالية من المياه تقدر بـ114 مليار م3. حد الفقر المائى يبلغ وفقا للمؤشرات العالمية 1000 م3 للفرد فى العام، وهو المعدل الذى وصلت إليه مصر عام 1995، لكنها اليوم تجاوزته بكثير، فأصبح الآن مع الزيادة السكانية التى بلغت فى العام المذكور 63 مليون نسمة، أقل من 570 م3 اليوم، ما يجعل مصر داخل حزام الفقر المائى.
واحد من أسباب الشعور بشح المياه، إفراط المزارع فى زراعة محاصيل مائية وأهمها الأرز، وإسراف المواطن المصرى فى استهلاك مياه الشرب الذى يبلغ ضعف نظيره الأوروبى، فالمواطن يستهلك اليوم 300 لتر من المياه يوميا، وهو كم كبير للغاية. سبب آخر لشح المياه ورفع تكلفتها، تلوثها بالقمامة وغيرها من المخلفات المنزلية والصناعية والمبيدات والصرف الصحى.
أحد أهم سبل تنمية وترشيد الموارد المائية يكمن فى منع زراعة المحاصيل المستهلكة للمياه، ففدان الأرز يستهلك ما يستهلكه 4 أفدنة من القمح. التوسع فى شبكات الرى بالتنقيط، واحدة من أهم سبل الترشيد، خاصة بالنسبة لحدائق الفاكهة. أيضا من أهم سبل الترشيد منع الإسراف ومنع التسرب المائى لكافة الأغراض سواء الزراعة أو الصناعة أو الشرب. التوسع فى إعادة تدوير المياه والذى بلغ حد المرات الثلاث هو واحد أيضا من سبل الترشيد. أما تنمية المياه المائية فهو يعتمد ضمن أمور كثيرة على التوسع فى تحلية مياه البحر، بحيث لا تقتصر الاستفادة من تلك المياه على مناطق كجنوب سيناء والعالمين، وكذلك حتمية التوسع فى معالجة مياه الصرف، وكذلك الاستفادة الأكبر من مياه السيول والأمطار خاصة فى المناطق الصحراوية من خلال نشأة بحيرات صناعية وخزانات كتلك التى توجد فى سيناء ومطروح. وفى جميع الأحوال، تبقى التوعية الإعلامية واحدة من أهم سبل معرفة المواطن بمخاطر الإسراف فى استهلاك المياه.
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع