بقلم-عبلة الرويني
هو فيلم مختلف كما يقدمونه.. ربما لأنه يقف علي الحدود الفاصلة بين الفيلم التسجيلي والفيلم الروائي.. أو لأنه امتداد للفيلم التسجيلي (جلد حي) الذي سبق أن قدمه المخرج أحمد فوزي صالح عن عالم المدابغ.. نفس المكان الذي أعاد تقديمه من جديد في فيلمه الروائي الأول (ورد مسموم).. نفس الحارات الضيقة وقنوات المياه المختلطة بالأصباغ والصرف والصحي، نفس العمل الشاق والواقع القاسي الذي نجح المخرج أحمد فوزي (وهو أيضا كاتب السيناريو) في تقديمه بجماليات تصويرية هي إبداع الفيلم الحقيقي.. يكاد الفيلم أن يقتصر علي تصوير المكان، وتصوير خطوات عمل الدباغة.. بينما لا حكاية مترابطة، ولا شخصيات واضحة، ولا حوار، ولا رؤية متكاملة.. مساحات الصمت أكثر من مساحات الحوار وهو ما ساهم في بطء الإيقاع... وعلي حين تطرح الكاميرا قيمة العمل، وتمجد اليد العاملة وقوي الإنتاج، من خلال تركيز الفيلم علي عمل الدباغة بجماليات تصويرية مبدعة.. وتمنح الصورة طاقة حياة متدفقة عبر أصوات آلات الدباغة، وتدفق المياه من ماسورة الصرف وجريانها في الجدول الضيق... فإن السيناريو الضعيف المفتقد تماسك الحدث والموضوع، والشخصيات غير الواضحة وغير المكتملة، تسير في الإتجاه المعاكس لحركة وجماليات الكاميرا.. حيث صقر عامل المدابغ (المنتج) و(السيد) في المجتمع الذكوري، يسعي دائما للخروج من سطوة العمل، والهروب من المكان ومن مصر كلها.. وتسعي أخته ( تحية) لإبقائه دائما إلي جوارها، في علاقة ملتبسة لا يوضحها الفيلم، ولا دلالة وراءها.. كذلك شخصية الأم بوجودها الهامشي، لو تم حذفها كاملة لن يحدث شيء.. أيضا لو حذفت شخصية محمود حميدة (الساحر أو الدرويش) الجالس في الطرقات الضيقة يراقب ويتأمل.. ربما لو حذفت الشخصيات جميعا لا يهم... فالبطل هو (المكان) وهو (العمل) ولا شيء آخر.
نقلا عن الاخبارالقاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع