توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

السودان وتكرار سيناريو الفوضى

  مصر اليوم -

السودان وتكرار سيناريو الفوضى

بقلم - د. جبريل العبيدي

السودان الذي لم يُشفَ من مؤامرة التقسيم بعد، يواجه تكرار سيناريو الفوضى بنكهة ما يُسمى «الربيع العربي»، من خلال مظاهرات عمّت عموم برّ السودان وحتى بحره ونيليه الأزرق والأبيض، وتزامنت مع عودة زعيم المعارضة الصادق المهدي، ودعوته لانتقال ديمقراطي في ما تبقى من السودان بعد التقسيم، في تقاطع مع مطالبة حزب المؤتمر السوداني برحيل النظام.
الأزمة قد تكون لها جذور اقتصادية، بعد أن وصل سعر الرغيف إلى ثلاثة أضعاف، مع ندرة دقيق الخبز والسيولة النقدية، ظروف تكررت حتى في ليبيا، التي تطفو على بحيرة نفط، فما بالك ببلد فقير بالنفط والغاز مثل السودان بعد التقسيم، ما أدى إلى فقدانه ثلاثة أرباع إنتاجه النفطي، وإن كان غنياً بالماء والتربة الخصبة للزراعة، وفي الوقت نفسه يعاني من الفقر؟!
الرئيس البشير وقف خطيباً وسط رجال شرطته، مطالباً إياهم بضرب المتظاهرين بيد من حديد، ما تسبب بأزمة أخرى تضاف لأزمات السودان التي يعاني منها، وذلك رغم الوعود بالقيام بإصلاحات اقتصادية، وبتشكيل لجنة لتقصي الحقائق حول استخدام الشرطة للقوة المفرطة، الأمر الذي تسبب بمقتل العشرات، واتساع رقعة الاحتجاجات في أنحاء السودان، حتى بلغت مطالبة الشعب بإسقاط النظام، وتقدمت أحزاب كثيرة ببيانات ومطالب بتنحية البشير، إذ وقّع 22 حزباً سودانياً عريضة تطالب بحل الحكومة.
البشير الذي لم يجفَّ عرقه من سفرته إلى دمشق، يجد نفسه مطالباً بسداد فاتورة الزيارة، حتى اجتاحت البلاد احتجاجات، ظاهرها اقتصادية، وإن كانت الأزمة الاقتصادية ليست بالجديدة على السودان الغارق في الفقر، إذ إن 46 في المائة من الشعب السوداني تحت خط الفقر، وفق تقارير الأمم المتحدة، ولكن خلفية الاحتجاجات ومن يقف وراءها مختلفة، فالبشير، الصديق المقرّب من تنظيم جماعة «الإخوان»، تسببت زيارته لدمشق بخلاف غير معلن مع التنظيم، وإن كان ظاهراً في إعلان قيادات إخوانية دعمها لاحتجاجات السودان، بعد أن أكدت جماعة «الإخوان» في السودان أنها تقف صفاً واحداً مع المتظاهرين، ودعتهم ليعبروا عن غضبهم «بصورة حضارية»، على لسان مراقبها العام علي جاويش، والملاحظ أنه ليس للجماعة سوى مرشد واحد ومراقبين في بلدان شتى، ما يؤكد ارتباط فروع الجماعة بعضها بعضاً، وأنها تنظيم سياسي بشعار ديني عابر للحدود، ولا يؤمن بالدولة الوطنية ولا بجغرافيا الوطن.
الدعوة للتظاهر والتعبير بالصورة «الحضارية» التي دعا إليها جاويش هي بالتأكيد كتلك التي عبرت بها باقي فروع التنظيم في بلدان «الربيع العربي»، عبر إحراق مراكز الشرطة، وسجلات النفوس، والسجلات العقارية، ونهب الممتلكات العامة وتدميرها، فلا يمكن تجاهل استغلال الجماعة للأزمة الاقتصادية المحلية في السودان لمعاقبة البشير، الذي غرَّد خارج سرب التنظيم، بعد أن كان متساهلاً معهم، في زمن انتهت المصلحة منه.
الأزمة السودانية لها جذور ومسببات محلية بالدرجة الأولى، وإن تكالب الأكلة على قصعة السودان، فهذا وزير الصحة المنتمي إلى حزب الأمة المشارك في الحكومة أعلن استقالته «تضامناً مع المد الشعبي المطالب بالإصلاح السياسي والاقتصادي»، هذا الوزير الذي قال إن قراره يتناغم مع قرار حزبه، بسبب انفراد البشير بالسلطة وأنه لم يفِ بالتعهدات الإصلاحية، والحال هذه فلن يفيد اتهام الموساد الإسرائيلي بتجنيد عناصر لإثارة الفوضى في السودان، فالمظاهرات التي انطلقت هي مظاهرات ونيران شعبية مشتعلة أياً كانت حجارة الفحم التي تتلقفها لتزداد اشتعالاً، و«شماعة» المؤامرة لن تعالج الأزمة، وإن كنت لا أنفيها بالمطلق، خصوصاً أن «الربيع العربي» في عمومه بدأ بمؤامرة تسببت بشلل العقل العربي الجمعي، فمكّن ذلك أنصار الفوضى من استكمال مشروعهم التخريبي لصالح دولة «الخلافة» المزعومة، كيف لا، والفكر الإخواني مبني على العصيان المدني والاحتجاج والتظاهر، كما قال مرشدهم السابق محمد عاكف: «إن الجماعة لن تتوانى عن إعلان إضراب عام وعصيان مدني ما دام سيحقق المصلحة»؟!

 

نقلا عن الشرق الاوسط اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السودان وتكرار سيناريو الفوضى السودان وتكرار سيناريو الفوضى



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon