توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لماذا تخلفنا؟ للمرة الثانية

  مصر اليوم -

لماذا تخلفنا للمرة الثانية

بقلم - مأمون فندي

عرضت في المقال السابق نظريات كل من هشام شرابي ومايكل هدسون وهرناندو دوستو وطه حسين، ومن قبله شكيب أرسلان عن أسباب تخلفنا عن بقية الأمم، والتخلف ليس عيباً، فالتخلف عن الركب يعني إمكانية اللحاق به، ومن هذا المنطلق أناقش سؤال لماذا تخلفنا، وأدعو إلى جهد جماعي لمناقشة أسباب هذا التخلف، ورصد تجلياته، بهدف الخروج من براثن مأزق التخلف.

كانت فكرة طه حسين، الذي كان وزيراً للمعارف المصرية، أن أسباب التخلف تكمن في طبيعة التعليم ومناهجه وطرق التدريس، ورأى في كتابه «مستقبل الثقافة في مصر» أن على المصريين أن يعلموا أبناءهم وبناتهم كما يعلم الأوروبيون والأميركان أبناءهم وبناتهم، إذا كانوا يريدون الانعتاق من ذهنية التخلف والعبودية، وقال: «لا يستقيم للعقل أن ننشد الحرية ونسير إليها سير العبيد»، وطبيعة التعليم والتلقين كانت بالنسبة له العلة الأكبر. ولم يدم طه حسين طويلاً على رأس منظومة التعليم، وكان سكرتيره أيامها سيد قطب الذي أُرسل لأميركا في بعثة لتحديث مناهج الدراسة، وعاد سيد قطب من أميركا بصدمة حضارية، وكتب ما كتب ضد الرأسمالية والغرب، كما ألف كتابه الذي يعتبر كتاباً مقدساً عند المتطرفين وهو «معالم في الطريق»، وقد ذكرت قبل فترة أن الدولة انحازت لكتاب سيد قطب، دون أن تَعْلَم، على حساب طه حسين. الآن تعاني الدولة من تبعات انحيازها للتطرف، ومع ذلك وحتى الآن لم تنتصر لطه حسين مقابل سيد قطب، رغم كل ما يقال من تجديد الخطاب الديني ومحاربة التطرّف.

هرناندو درسوتو لم يتعامل مع الجانب الثقافي لأسباب التخلف بقدر ما تعامل مع علاقة القانون بالاقتصاد، وفِي كتابه «لماذا نجحت الرأسمالية في الغرب وفشلت في غيره»، خصص دوستو فصلاً كاملاً عن مصر. وكان لُب أطروحته هو أن مصر بلد غنية لولا أن رأس المال فيها ميت. ولا يمكن إحياء رأس المال الميت إلا بربط الاقتصاد بالقانون. ووضح أن مجمل العقارات في مصر، التي قدرها بمليارات الدولارات هي رأسمال ميت، لأنها غير مسجلة بشكل قانوني، وبالتالي لا يمكن الاقتراض من بنك مقابل قيمة العقار، فالبنك لا يعترف بعقار غير مسجل، وهنا في رؤية دوسوتو تتوقف دورة رأس المال في المجتمع نتيجة لتلك الحلقة المفقودة بين القانون والاقتصاد. وقد حاول الاقتصادي المصري يوسف بطرس غالي في فترة حكم مبارك أن يضغط باتجاه تشريعات، ومن ثم قوانين لإحياء دورة رأس المال في المجتمع، ولكن القدر لم يمهله نتيجة لانهيار نظام مبارك. 

لست اقتصادياً بالتخصص، ولكن الذي يبدو واضحاً حتى للهواة أن دورة رأس المال لا تنتعش، إلا في بيئة قانونية تحفز على حركة الأموال في المجتمع. وحتى الآن ورغم كل ما سمعنا منذ عقود تبقى بيئة الاستثمار في بلد كمصر في جانبها القانوني من أكثر بلدان العالم تخلُفاً. ومصر بالنسبة للعالم العربي نموذجاً أو متوسطاً حسابياً لمؤشرات التخلف والتقدم. ولكن كثيراً من تصرفاتنا في العالم العربي لا تشجع على جذب الاستثمارات الأجنبية، أو حتى منح الأمان للاستثمارات الداخلية. وهذا محور حديث دوستو عن مصر وتخلفها.

حديث شكيب أرسلان عن التشدد وإساءة قراءة النص المقدس منذ ثلاثينات القرن الماضي، كواحدة من أسباب التخلف، ما زالت معنا حتى اليوم، ومازلنا نجتر حوارات تجديد الخطاب الديني وكثير من محاولات العلاقات العامة بالدفع بالدِين بعيداً عن تهمة التطرّف. ولا شك أن هناك محاولات ناجحة في بعض البلدان العربية، ومع ذلك يبقى الاشتباك مع التشدد الفكري اشتباكاً خجولاً في أحسن حالاته.

لا تقارن أنفسنا بردات فعل الديانات الأخرى، فيما يعرف بالإساءة إلى المقدس الذي اتخذ منه المتطرفون وسيلة للحشد. فإذا ما نظرنا إلى ردة فعل البوذيين في العالم، وهم أكثر من المسلمين، على تحطيم التماثيل البوذية في أفغانستان في 2011، نجد أنها ردة فعل عادية. 
لم يخرج البوذيون في الشوارع، ولم يهددوا المسلمين بعمليات انتحارية. فلماذا ردات فعلنا مختلفة عن بقية العالم، ولماذا لا تقول صراحة وبوضوح أن ردات فعل المسلمين مبالغ فيها، وعلينا أن نشجبها عندما تزيد عن حدها؟ إن هذا الخوف وهذا الخجل من مواجهة التطرّف هو أحد أسباب التخلف، لأننا غير قادرين على الأخذ بالحداثة وأسباب التقدم خوفاً من ردّة فعل المتطرفين جماعات ودوّلاً.

أسباب تخلفنا، أو الإجابة على سؤال لماذا تخلفنا، تحتاج إلى تضافر جهود كبيرة وجماعية في الأساس، إذا أردنا بالفعل أن نخرج من مستنقع التخلف، وللحديث بقية.

نقلا عن الشرق الاوسط اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا تخلفنا للمرة الثانية لماذا تخلفنا للمرة الثانية



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon