توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

التحرش في بر مصر

  مصر اليوم -

التحرش في بر مصر

بقلم - مأمون فندي

التحرش الجنسي هو ذلك الجسر الرابط ما بين انحطاط الأخلاق في مجتمع ما (incivility)، وبين العنف بشكل عام بمعناه الواسع، بداية من العنف اللفظي إلى العنف المباشر وأذى الحسد. أكتب عن التحرش اليوم، لأن التحرش الجنسي كان العنوان الرئيس للصحف و«السوشيال ميديا» خلال الأسبوع الفائت في بر مصر، والسؤال اليوم كما طرحه سابقاً الدكتور جلال أمين «ماذا حدث للمصريين؟»، الذي يحاول فيه التنظير للتغيرات في حياة المصريين خلال الفترة من 1945 إلى 1995، التي أدت إلى تغيرات بنيوية في الشخصية المصرية. ومن هنا يكون السؤال المصاحب: هل التحرش عرض لمرض أعمق كما سرطان يسري في جسد المجتمع يجب استئصاله؟ أم أنه أمر عارض سيختفي بسرعة؟ أم أنه ذلك الجسر الرابط ما بين العنف اللفظي الذي ساد ثقافة المصريين، والعنف الجسدي الذي يمارسه الأفراد والدولة معاً ضد الخصوم؟

ظاهرة التحرش خلال الأسابيع الفائتة لم تكن مصرية فقط، بل شاهدنا أمثلة عليها في تونس، ونقلت لنا الأخبار قصة التحرش الجماعي بفتاة قاصر في المغرب شوه جسدها بوشوم بذيئة. إذن الظاهرة ليست مقتصرة على مصر، بل ربما تعكس حالة من العنف بدأت تصبح ظاهرة في بلاد العرب تحتاج إلى نقاش يليق بحجم المشكلة. ومع ذلك يبقى السؤال في رأسي، هل نرى زيادة لافتة في نسب التحرش، أم أن الأمر كان موجوداً دائماً، والجديد هو زيادة في الكشف الصحافي المتمثّل في الإعلام الموازي على صفحات التواصل الاجتماعي؟
لا أدعي إلماماً بالحالة المغربية أو التونسية، ولكن استخلاص بعض الملاحظات على الحالة المصرية قد يلقي الضوء على ملامح الظاهرة ودوافعها في بلدان أخرى.

خلال الستين عاماً الماضية حدثت تغيرات كبرى في المجتمع المصري؛ أولها تغيير بنية النظام السياسي وانعكاساته على طبيعة المجتمع.

ظني أن المجتمعات المغلقة سياسياً واجتماعياً تجعل من الحديث أمراً محرماً، أو فاضحاً، ففي الأنظمة الديكتاتورية يمارس الإنسان نوعين من الحياة، واحدة على المسرح الاجتماعي الذي يمثل فيها المواطن، وكأنه على خشبة مسرح، دور المواطن الصالح الكامل، والخالي من كل الأمراض السياسية والاجتماعية، ومتى ما عاد إلى خلوته لعن المجتمع والظروف التي وضعته على هذا الحال، وهذه الملاحظة لا تخص العالم العربي وحده، بل هي ظاهرة أوسع نظر لها الأستاذ بجامعة «ييل» الأميركية جيمس سي سكوت في كتابه الموسوم «أسلحة الضعفاء» (weapons of the weak).

في المجتمعات التسلطية، كما يرى المؤلف، يكون العنف أفقياً، بمعنى أنه، ونتيجة عدم القدرة على الاحتجاج ضد النظام، يمارس الناس العنف تجاه بعضهم البعض بصور مختلفة، والتحرش الجنسي بالمرأة بصفتها الضلع الأضعف هو واحدة من تجليات عدم القدرة على مواجهة النظام.

هناك علاقة بين ذكورة الرجل وبقائه تحت نظام تسلطي، إذ يحس برؤية فرويد على أنه فاقد لتلك الذكورة، لذلك يمارسها على المرأة بشكل عنيف لاستعادة ذكورة اجتماعية مفقودة سياسياً.

فكلما زاد عنف النظام ضد الرجل، يزداد بالتبعية عنف الرجل ضد المرأة للتأكيد على ذكورة تبدو محل شك.

منذ الخمسينات والنظام السياسي يبني عمراناً سياسياً تتاح فيه الذكورة الاجتماعية، وإلغاؤها سياسياً، وإن كان مسموحاً بقدر ما من الذكورة السياسية، فهي موجهة إلى خارج الحدود في الحديث الذكوري عن الاستعمار، والمواجهة مع عدو بعيد، ويتجلى ذلك بوضوح في الأفلام السينمائية المصرية، وبهذا يمكننا القول: إن ظاهرة التحرش الجنسي ليست جديدة، ولا العنف ضد المرأة بجديد، ولكن الرغبة في السرد، ووجود وسائل للنشر غير تلك التي يتحكم فيها النظام المغلق هو الجديد في الأمر. وللحديث بقية.

نقلا عن الشرق الاوسط اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التحرش في بر مصر التحرش في بر مصر



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon