توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المأزق العربي والخروج من براثن السلطوية

  مصر اليوم -

المأزق العربي والخروج من براثن السلطوية

بقلم - مأمون فندي

في الدورة الأربعين لمنتدى أصيلة بالمغرب ناقشت نخبة من المفكرين العرب موضوع الاستبداد في العالم العربي، وكيفية الخروج من مأزق السلطوية إلى انفراجة ولو شبه ديمقراطية. وكانت ولا تزال ملاحظتان منهجيتان على أي حوار عربي حول السياسة والمجتمع.

الملاحظة الأولى تخص غياب المعلومات الأولية التي تجعل قراءة المجتمع والدولة ممكنة. في الغرب مثلاً تُفرج الدولة عن وثائقها كل عشرين سنة لتجعلها متاحة للباحثين للقيام بقراءة أكاديمية جادة لما جرى. وهذا غير متاح في العالم العربي. فقد مرت خمسون عاماً على هزيمة 1967 ولم تفرج أي دولة عربية عن وثائقها لنعرف طبيعة النقاش حول ما جرى، وكيفية اتخاذ القرار. في المقابل أفرجت إسرائيل عن وثائقها أكثر من مرة. ومن هنا يمكن القول: إننا نعرف عن المناقشات الإسرائيلية التي دارت في تلك الفترة أكثر مما نعرف عن النقاشات العربية.

المعلومات المجردة وتحليلها هي التي تساعد المجتمعات على التطور أو الانتقال من حال إلى حال.

أتذكر في ثمانينات القرن الماضي عندما كنت متابعاً نهماً للجنة استماع الكونغرس الأميركي حول ما عُرف أيامها بفضيحة «إيران – كونترا» والتي كانت تدور حول البيع غير القانوني للسلاح لإيران عن طريق إسرائيل، واستخدام الأموال الناتجة عن هذا البيع لدعم حركة الكونتر المتمردة على حكم حزب السنداتيستا اليساري في نيكاراغوا. القصة طويلة،

ولكن المهم فيها لسياقنا كانت شهادة روبرت غيتس الذي كان نائباً لوكالة المخابرات تحت وليم كيسي. قال يومها غيتس إن الرئيس رونالد ريغان كان يتلقى معلومات «ملونة أو مسيّسة» أو معلومات ملوثة وليست مجردة وهذا ما جعله يتخذ قرارات خاطئة. ومن يومها وهذه الجملة ترنّ في رأسي وتشكّل فهمي لكثير من الأمور. الأساس في فهم أي شيء هي المعلومات والحقائق المجردة لا الملونة أو الملوثة.

في عالمنا العربي كثير من الآراء وقليل من المعلومات، حتى ما كتبه بعض من شاركوا في صناعة القرار من مذكرات شخصية كان منمقاً والمعلومات فيه إما ملوّنة وإما مسيّسة، فكيف لنا أن نحلل تلك المعلومات لنصل إلى تشخيص أو نتائج؟

الملاحظة الثانية تخص النشر في العالم العربي. ففي الغرب حتى الصحف السيارة تخضع لمعايير صارمة لما يُنشر على العامة. أما نشر الكتب فلكل دار نشر لجنة تحكيم داخلية ومحكِّم خارجي يقرِّظ الكتاب قبل النشر بناءً على معايير صارمة للتمييز بين ما هو معلومة أو رأي أو تخمين. أما عندنا فلا معايير هناك. إذ يمكن للشخص أن ينشر آراءه سواء كانت سديدة أو غير ذلك على نفقته الخاصة، وللأسف يوضع هذا النوع من الكتب في المكتبات لتقرأه الأجيال كأنه معلومات.

إذن كيف لنا أن نتحدث عن استبداد أو عن تحول ديمقراطي لا نعرف عنه شيئاً إلا بالتخمين وضرب الودع وقراءة الفنجان؟ إذا ما قارنّا بين الخروج من مأزق السلطوية بين إسبانيا ومصر، وبين الجنرال فرانكو الذي حكم لمدة ستة وثلاثين عاماً وبين الجنرال مبارك الذي حكم لما يقرب من ثلاثين عاماً إلا أياماً، نجد أننا نعرف الكثير عن حكم فرانكو، والقليل عن حكم مبارك من حيث المعلومات المجردة. ولذلك كان لدى الإسبان المادة التي يحللونها ويفهمون أخطاءهم لينتقلوا إلى الديمقراطية، بينما لا يعرف المصريون إلا النَّذر اليسير عن حكم بلادهم. الإسبان يقولون إنهم لا يعرفون عندما لا تكون لديهم الوثائق، بينما يدّعي المصريون المعرفة من خلال التخمين وحكاوي القهاوي. فكيف لمن لا يعرف أسباب العلة أن يتحدث عن العلاج؟ وكيف لمن ليس لديه معلومات مؤكدة عما حدث خلال ثلاثين عاماً أن يتحدث عن الانتقال إلى نظام جديد أو عن انفراجة؟ الحديث عن الانتقال من السلطوية إلى الديمقراطية يحتاج إلى دراسات مقارنة بين تجمعات إنسانية متباينة، فنحن لسنا وحدنا في هذا الكون، كما أننا لسنا الاستثناء البشري، إذ يجري علينا ما يجري على البشر كافة.

يدّعي كثير من العرب أن أسباب تخلفهم عن بقية الأمم هو آفات مثل الاستعمار والاستبداد والعسكر. ولكن إذا ما نظرنا إلى دول انتقلت إلى الديمقراطية في بقية العالم نجد أنها قد عانت من تلك الآفات أضعاف ما عانى منه العالم العربي.

بالنسبة إلى الاستعمار مثلاً، فمقارنةً بالهند ومدة الاستعمار يمكننا القول بأن التاريخ كان كريماً مع العرب، أما أفريقيا التي سيق أهلُها في الأغلال إلى العالم الجديد كعبيد، فلا مقارنة بينها وبين العرب. إذ لم يُستعبد العرب تاريخياً ولم يمروا بمحنة الأفارقة، ومع ذلك انتقل الأفارقة إلى الديمقراطية ولم ينتقل العرب.

أما عند مقارنة عسكرنا بعسكر أميركا اللاتينية وأفريقيا نجدهم أقل دموية من عسكر أفريقيا وأميركا اللاتينية، ومع ذلك انتقلت البرازيل وتشيلي وغانا ونيجيريا إلى حالة شبه ديمقراطية.

إذن ما أسباب الأزمة: هل هي الثقافة العربية بتنويعاتها المحلية أم أنظمة إدارة التنوع في المجتمعات أم ماذا؟ الأسئلة كثيرة، ولكن في غياب المعلومات يبقى أكثر التحليل مجرد تخمين.

ومع ذلك لا بد من تحية لمنتدى أصيلة على استمراره لأربعين عاماً يناقش تلك القضايا الشائكة.

نقلا عن الشرق الاوسط اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المأزق العربي والخروج من براثن السلطوية المأزق العربي والخروج من براثن السلطوية



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon