توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تآكل صدقية التهديدات الإيرانية بإغلاق مضيق هرمز

  مصر اليوم -

تآكل صدقية التهديدات الإيرانية بإغلاق مضيق هرمز

بقلم - بشير عبدالفتاح

في تصعيد لم يكن الأول من نوعه، عاود مسؤولون إيرانيون التهديد بإغلاق مضيق هرمز حال اندلاع حرب ضد بلادهم، أو فرض عقوبات أشد صرامة على صادراتها النفطية، أو استجابة شركاء واشنطن لتحريضها إياهم على التوقف الكلي عن شراء النفط الإيراني. وعلى رغم أن التهديدات الإيرانية، التي تحظى هذه المرة بتأييد الحرس الثوري ومباركة أكثر من نصف أعضاء البرلمان الإيراني، تتزامن مع حرب كلامية تدور رحاها هذه الأيام بين نظام الملالي وإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، كما تتخللها تهديدات الرئيس الإيراني حسن روحاني لنظيره الأميركي، إلا أنه لا يخفى الجانب الاستعراضي في هذا الصدد، خصوصاً لجهة محاولة ابتزاز المجتمع الدولي بغية تخفيف الضغوط المتنامية على نظام الولي الفقيه.

تؤكد سوابق التاريخ أن إيران لا يمكن أن تنفذ تهديداتها بإغلاق مضيق هرمز، إن بسبب ضعف قدراتها الاستراتيجية على القيام بذلك لمدى زمني معقول، أو بجريرة التحسب لردود الفعل الإقليمية والعالمية. فإيران تعي أن مجرد التلويح بإغلاق المضيق، الذي يعبره يومياً 17 مليون برميل من النفط تمثل نحو 20 في المئة من الإنتاج العالمي، ونحو 40 في المئة من تجارة النفط العالمية، ونحو نصف حجم تجارة المنطقة مع العالم، كفيل بأن يشعل نيران الحرب، كما سيرفع أسعار الطاقة، ما قد يؤدي إلى انهيار في اقتصادات بعض الدول التي تعتمد في جزء مهم من إيراداتها على المضاربات المالية. ولن تقتصر التداعيات السلبية لإغلاق مضيق هرمز على الدول المستهلكة للطاقة حول العالم، والتي تتصدرها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول آسيوية، أهمها الصين والهند وباكستان واليابان وكوريا الجنوبية، وإنما سيمتد الضرر ليصيب الدول المنتجة لها، بما فيها إيران نفسها بسبب أوضاعهما الصعبة اقتصادياً؛ واعتمادها في توفير معظم احتياجاتها، ما عدا النفط، على المضيق ذاته. كما أن المضيق يعد المدخل الوحيد لـ13 مرفأ تجارياً وعسكرياً يمرّ من خلالها أكثر من 55 في المئة من واردات دول الخليج.

ويتزامن تهديد طهران هذه المرة مع تنامي وتيرة التصعيد الأميركي حيالها، ليس فقط بغرض تحجيم نفوذها الإقليمي في سورية واليمن والعراق ولبنان، وإنما بقصد استهداف النظام الإيراني نفسه ضمن سياق التحول في استراتيجية واشنطن حيال ذلك النظام من الضغط عليه لحمله على تغيير سياساته إلى العمل على إسقاطه. وبناء عليه، ستستأنف إدارة ترامب عقوبات تم تعليقها عقب توقيع الاتفاق النووي عام 2015، بعد انسحابها منه في أيار (مايو) الماضي مع فرض حزمة جديدة تكفل تقليص الإيرادات النفطية الإيرانية إلى الصفر، من خلال عدم السماح لطهران بتصدير النفط، ودعوة الحلفاء إلى التوقف عن استيراده بحلول الرابع من تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل. وعسكرياً، عززت واشنطن قدرة أسطولها الخامس عبر إرسال أربع كاسحات ألغام إلى الخليج العربي استعداداً لإعادة فتح مضيق هرمز حال نجاح إيران في إغلاقه. وفي السياق ذاته، أعلن موقع «ديبكا» الاستخباراتي الإسرائيلي، الشهر الماضي، أن ترامب، وعلى خلاف سلفه أوباما، قرر تعزيز القدرات العسكرية لإسرائيل استعداداً لمواجهة حاسمة محتملة مع إيران، عبر تزويد تل أبيب بطائرات «بوينغ كي سي46» لتزويد مقاتلاتها بالوقود في الجو أثناء القيام بمهمات قتالية بعيدة. وفي مسعى منها لاحتواء أي مقامرة إيرانية بإغلاق مضيق هرمز، شرعت دول العالم في اتخاذ الإجراءات الاحترازية الكفيلة بتحييد أي آثار محتملة لتلك الخطوة. فعلاوة على ما بحوزتها من فوائض مالية بمقدورها تعويضها عن تراجع الصادرات النفطية لبعض الوقت، عمدت بعض دول مجلس التعاون إلى تنويع خياراتها في هذا الصدد، إذ بدأت سلطنة عمان دراسة مشروع بناء أكبر منشأة على مستوى العالم لتخزين 200 مليون برميل من النفط الخام خارج مضيق هرمز، ما يمكنها من تجنب تداعيات إغلاق المضيق. بدورها، أعلنت الإمارات عن البدء بتصدير أول شحنة نفط إلى باكستان بواقع 500 ألف برميل عبر ميناء الفجيرة.

أما الصين، فلجأت إلى تنويع مصادر وارداتها النفطية والعمل على إنشاء برنامج تخزين استراتيجي للنفط، يكفيها شهراً من استهلاكها العام، وثلاثة أشهر للاستهلاك العسكري. وبينما تعارض الصين أي عمل عسكري ضد إيران، إلا أنها حال حدوث ذلك ستقف في شكل حازم ضد أي محاولة إيرانية لإغلاق المضيق.

وبينما يعكف الإيرانيون على تأكيد قدرة جيشهم على إغلاق المضيق الذي يسيطر عليه كلية، بعدما طوّر ترسانته البحرية لا سيما في المجال الصاروخي بالاعتماد على روسيا والصين، تؤكد مؤشرات موضوعية تواضع قدرات إيران على اتخاذ قرار بهذه الخطورة، أو تحمل تبعاته الاستراتيجية. فعلى رغم امتلاك الإيرانيين صواريخ بالستية بعيدة المدى، لن يكون بإمكانهم توجيهها نحو إسرائيل، أو القواعد الأميركية في البحرين وقطر والإمارات، نظراً إلى عدم امتلاكهم نظاماً دفاعياً متطوراً للتعاطي مع الهجمات الصاروخية المضادة، في وقت لم يشهد سلاح الجو تطويراً منذ حقبة الشاه، إذ لا تملك إيران نظاماً متقدماً للإنذار المبكر وليس بوسع مقاتلاتها إعادة التزود بالوقود، أو الاعتماد على نظام توجيه صاروخي ليزري للوصول إلى أهدافها. وفيما يظن الإيرانيون أنهم قادرون على إغلاق المضيق من خلال تلغيمه أو استهداف القطع البحرية الأميركية وبواخر الدول الحليفة وناقلات النفط والموانئ المطلة على الخليج عبر تفجيرات وهجمات إرهابية، أو تعطيل الملاحة في المضيق عبر توجيه ناقلة نفط لتصطدم بالصخور في المضيق لوقف حركة الشحن موقتاً، يبقى تلغيم مسار الدخول والخروج في المضيق لمسافة 8 كيلومترات ولمدى زمني طويل أمراً مستعصياً مع وجود الأسطول الأميركي الخامس المسؤول عن حماية القوات البحرية الأميركية في الخليج العربي، علاوة على الانتشار الدائم لقوات بحرية من دول شتى.

ولسنا في حاجة إلى التذكير بمرارات إيران خلال الحروب التي خاضتها ولم تحقق انتصاراً حاسماً في أي منها، كما لم تجرؤ خلالها أو في أعقابها على إغلاق مضيق هرمز. ولذلك عمدت طهران إلى المضي في مسارين متوازيين: أولهما، استهداف الملاحة في مضيق باب المندب من خلال الوكيل الحوثي والذي شرع في عمليات إرهابية محدودة القيمة عسكرياً، لكنها يمكن أن تخلف آثاراً جيواستراتيجية معتبرة وفق ما حصل مع المحاولة الفاشلة لاستهداف ناقلة نفط سعودية. وثانيهما، هرولة الرئيس الإيراني حسن روحاني لاستجداء التهدئة مع واشنطن عبر الاستعانة بالشريك التجاري الأوروبي، الذي تزوده إيران بأكثر من 2.28 مليون برميل من النفط يومياً، بغية تأمين شروط أقل صرامة للعقوبات القاسية التي تسعى الولايات المتحدة إلى استئنافها واستحداثها في الرابع من تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل لتقويض صادرات النفط الإيرانية تماماً.

نقلا عن الحياه اللندنيه

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تآكل صدقية التهديدات الإيرانية بإغلاق مضيق هرمز تآكل صدقية التهديدات الإيرانية بإغلاق مضيق هرمز



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon