توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الحلقة المفقودة

  مصر اليوم -

الحلقة المفقودة

بقلم - أحمد جلال

عند مناقشة الإصلاح الاقتصادى مع صندوق النقد الدولى عادة ما يدور النقاش حول السبل المختلفة لتقليل عجزى الموازنة وميزان المدفوعات، ومؤخرا برامج الحماية الاجتماعية لتخفيف حدة آلام الإصلاح. وإذا كان الحوار مع البنك الدولى أو بنوك التنمية الإقليمية، مثل بنك التنمية الأفريقى، يتسع النقاش ليشمل موضوعات أخرى، مثل مناخ الاستثمار، والبنية الأساسية، والتعليم، والصحة، والصناعة، والزراعة، والبيئة. القاسم المشترك فى كل الأحوال أن الحوار يتم على مستوى رفيع بين ممثلى المؤسسات الدولية والحكومة المركزية، على افتراض أن الأخيرة قادرة وحدها على حل مشاكل الناس. والحقيقة أن هذه الفرضية مشكوك فى صحتها، بدليل أنه من الممكن أن تقوم الحكومة المركزية بكافة الإصلاحات، ولا يرى المواطن ثمارا لها فى الواقع بسبب فشل المحليات.

هذه المفارقة تثير عددا من الأسئلة: هل يكمن العيب فى برامج الإصلاح نفسها، أم فى كفاءة منظومة المحليات، أم كلتيهما؟ وإذا كانت المحليات تتحمل جزءا من المسؤولية، ما هو المطلوب لإصلاح هذه المنظومة؟

لن أخوض كثيرا فى تقييم برنامج الإصلاح الاقتصادى، وقد فعلت ذلك فى مقال سابق تحت عنوان «إصلاح برنامج الإصلاح»، وتم نشره فى «المصرى اليوم» بتاريخ 10 ديسمبر 2017. يكفى هنا إعادة القول بأننا نحتاج، بالإضافة لبرنامج الإصلاح الكلى فى إطار الاتفاق مع صندوق النقد الدولى، برنامجين آخرين. البرنامج الأول مرتبط بتحقيق الاستغلال الأمثل للموارد المتاحة فى قطاعات الاقتصاد المختلفة (من صناعة، وزراعة وخدمات)، وزيادة إنتاجيتها..

البرنامج الثانى مرتبط بتوفير قدر أكبر من تكافؤ الفرص عن طريق إعادة النظر فى سياسات المالية العامة (من ضرائب وإنفاق) وإصلاح قطاعات التعليم والصحة والمرافق الأساسية. طبعا هناك مبادرات من جانب الحكومة على هذين المحورين، لكنها لا تتسم بالتكامل ودقة التوقيت والتنفيذ التى يتمتع بها برنامج الإصلاح الكلى. ورغم قناعتى بأننا فى حاجة لإصلاح برنامج الإصلاح، فضلا عن تنشيط الحياة السياسية، أعتقد أن أحد أسباب الفجوة بين ما يتم من إصلاح وإحساس المواطن بالإنجاز على أرض الواقع هو فشل المحليات. نعلم جميعا أن المواطن يذهب للمدرسة للحصول على تعليم لأبنائه فى الحى الذى يقطنه، ويذهب المريض إلى أقرب مستشفى طلبا للعلاج، ويذهب أصحاب المحلات والورش والمصانع إلى مسؤولى الإدارة المحلية للحصول على التراخيص اللازمة، كما يذهب المواطن إلى أقسام البوليس القريبة منه فى حالة نشوب خلافات. أى أن تلبية معظم احتياجات المواطن تعتمد على مسؤولين وموظفين فى المحليات، وهؤلاء لديهم من السلطات وغياب المساءلة ما يمكنهم من تعطيل أى آثار إيجابية للإصلاح، الذى يقوم به من يجلسون على قمة الهرم الحكومى. أكثر من ذلك، تتسم المحليات بآفات أخرى، مثل الرشوة والمحسوبية والتقاعس عن تطبيق القانون. ببساطة شديدة، دون إصلاح المحليات، من الممكن أن تتلاشى عوائد الإصلاح على المستوى المركزى، أو أن تضمحل فى أحسن الأحوال. إذا كان الأمر كذلك، فماذا نحن فاعلون؟ فى كثير من الدول التى تحقق توازنا معقولا بين الحكومة المركزية والولايات (أو المحافظات)، مثل أمريكا، يتم اقتسام السلطة بشكل يسمح للمحليات بحرية الحركة وتحمل تبعات النتائج. صحيح أن الولايات تلتزم بدستور البلاد ويخضع سكانها للقوانين المركزية، إلا أنها تتمتع فى نفس الوقت بسمات الحكم الرشيد، من محافظ منتخب، ومجالس محلية منتخبة، ومحكمة دستورية، وقوى أمنية، وولاية على تقديم الخدمات المختلفة. وتستطيع الولايات أن تفرض ضرائب محلية، وأن توجه الإنفاق بالشكل الذى يرضى ناخبيها. بحكم قرب هؤلاء المسؤولين من الواقع، وبحكم أنهم معرضون للمساءلة أمام ناخبيهم، وبحكم المنافسة بين الولايات على جذب الموارد، ليس من المستغرب أن يؤدى كل هذا لتحسن الأداء.

ماذا يعنيه كل هذا بالنسبة لنا، خاصة ونحن على أعتاب إصدار قانون جديد للمحليات؟ أظن أننا أمام فرصة حقيقية لإرساء مبادئ الاستقلالية والمساءلة على المستوى المحلى، دون الإخلال بوحدة الوطن. عدم اغتنام هذه الفرصة يفقدنا إحدى الحلقات الهامة فى تحسين حياة المواطن اليومية. وبالمناسبة، لمن درسوا علم الاقتصاد، ليس من قبيل الصدفة أن النظرية الاقتصادية لها شقان: الاقتصاد الكلى والاقتصاد الجزئى. المقابل لهذه الثنائية أن الحكم الرشيد على مستوى المحليات لا يقل أهمية عن رشادة الحكم على مستوى الدولة.

نقلا عن المصري اليوم القاهرية

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحلقة المفقودة الحلقة المفقودة



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon