توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الفقراء والقطط السمان

  مصر اليوم -

الفقراء والقطط السمان

بقلم - أحمد جلال

فى أول زيارة لى لمدينة «ريو دى جانيرو» البرازيلية، منذ أكثر من ربع قرن، كنت شديد الانبهار بحيوية هذه المدينة، ومبانيها الشاهقة، وكورنيش «كوبا كابانا»، وتمثال المسيح المطل على الساحل من قمة جبل عالية فى البحر. فى نهاية اليوم الأول للزيارة قررت، مع صديقين آخرين، التريض على الشاطئ. وما إن عرف «كونسيرج» الفندق خطتنا حتى تطوع بنصيحة صادمة، فحواها أنه من الأفضل أن نترك محافظنا فى الفندق، وأن نحمل معنا 20 دولارا، لأنه من الوارد أن نتعرض لمحاولة سرقة بالإكراه. خياراتنا إذا ما حدث ذلك كانت إما إعطاء ما لدينا لنمر بسلام، أو الرفض وتحمّل ما يمكن أن يصيبنا من أذى على يد أحد ممن يعيشون على أطراف المدينة. علمت بعد ذلك أن المدينة محاطة بما يسمى «الفافيلاز» أو العشوائيات، وأن «ريو» المبهرة كان لها وجه آخر.

هذه القصة ليست حكراً على «ريو»، ولكنها سمة مشتركة لكثير من المدن الكبرى فى العالم، من القاهرة إلى نيويورك. إذا أرجأنا مناقشة قضية العدالة الاجتماعية، لا شك أن ظاهرة الفقر فى حد ذاتها تثير العديد من الأسئلة، منها: هل هذه الظاهرة حتمية؟ وهل يمكن التعايش معها مؤقتاً حتى يأتى الفرج؟ وما هى مسؤولية الدولة فى الحد منها؟

بداية، تؤكد البيانات أن ظاهرة الفقر ليست حتمية. الدول الإسكندنافية ليس بها فقراء، ولا يرجع ذلك فقط لثرائها، وإنما لأنها قررت أن توفر شبكة حماية شاملة ضد مخاطر فقر الدخل، والبطالة، وكبر السن، والمرض، والإعاقة. فى المقابل، يظهر الفقر بوجهه القبيح فى دول بثراء أمريكا، ربما لقناعة بما قاله «رونالد ريجان» فى ثمانينيات القرن الماضى من أن الفقراء هم أنفسهم من اختاروا ذلك.

مقولة عدم حتمية الفقر تنطبق أيضا على الدول ذات الدخول المتوسطة، وهى المجموعة التى تنتمى إليها مصر، حيث تشير بيانات البنك الدولى إلى تواضع نسبة من يعيشون على أقل من 1.9 دولار فى اليوم (مقاساً بالقوة الشرائية للأسعار فى 2011) فى الأردن (0.1%) وماليزيا (0.3%) والأرجنتين (1.7%)، مقارنة بالبرازيل (4.3%) وإندونيسيا (6.8%) والفلبين (8.3%).

إذا كانت ظاهرة الفقر ليست حتمية، هل يمكن القبول بها مؤقتاً حتى تتحسن الأمور؟ لا أظن ذلك لأسباب عديدة، منها ما هو أخلاقى، ومنها ما هو اجتماعى، ومنها ما هو فردى. من الناحية الأخلاقية، لن أخوض فيما قاله الفلاسفة، ويكفى الإشارة هنا إلى أن جميع الأديان تحض على التكافل الاجتماعى، وقد وصل الحد بعلى بن أبى طالب أن قال: لو كان الفقر رجلاً لقتلته. من ناحية السلام الاجتماعى، من المعروف أن المجتمعات التى يستشرى فيها الفقر تتزايد فيها معدلات الجريمة وعدم الاستقرار، وما علينا هنا إلا أن نتذكر مقولة أبى ذر الغفارى: عجبت لرجل بات جائعاً ولم يخرج على الناس شاهراً سيفه. من الناحية الأنانية البحتة، من الصعب على الأغنياء أن ينعموا بثرواتهم فى مجتمع من الحاقدين، وخير مثال على ذلك ما ذكرته عن مدينة «ريو».

إذا كانت هذه الحجج فى محلها، ظنى أن مواجهة الفقر يجب أن تحتل مرتبة عالية فى سلم أولويات أى حكومة، بحكم أنها تحتكر استخدام القوة، وسن القوانين، وصنع السياسات، وتخصيص الموارد. وإذا كان ذلك كذلك، فلدى حكومتنا من تجارب الدول الأخرى ما يمكنها الاستعانة به. أولاً، يمكنها تبنى سياسات تدفع بالنمو الاحتوائى إلى آفاق عالية، كما فعلت الصين. كما أنها تستطيع إعادة النظر فى منظومة المعاشات، والتأمين الصحى، والتأمين ضد البطالة، وتحفيز القطاع غير الرسمى على الاندماج فى الاقتصاد. وتستطيع أن تتبنى من الحوافز ما يشجع الأغنياء على العمل الخيرى، والتأكد من أنهم يدفعون نصيبهم العادل من الضرائب. لدينا بعض المحاولات الجادة على هذه المحاور، لكنها لا ترقى لطموحات الفقراء، وقد وصل عددهم لما يقرب من ثلث السكان طبقاً لآخر إحصاء للجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء.

خلاصة القول: الفقر ليس قدراً لا مفر منه، وليس هناك ما يبرر قبوله على المستوى الأخلاقى، أو الاجتماعى، أو الفردى. صحيح أن القضاء عليه ليس ممكناً بين يوم وليلة، لكن إرادة التغيير والعمل الدؤوب لا يجب أن يغيبا عن الأفق.

نقلا عن المصري اليوم

GMT 13:43 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

دولة في غزة كُبرى؟

GMT 11:56 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الوطن والشعب.. وأنا

GMT 08:20 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

درع العرب (1) نواة القوة المشتركة

GMT 09:54 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

مسقط... رؤية مختلفة

GMT 08:32 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

عودة الوحش

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الفقراء والقطط السمان الفقراء والقطط السمان



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon