بقلم - محمد السيد صالح
السينمائيون والصحفيون
عندما توحدت إرادة السينمائيين وراء فيلم «كارما»، عاد تصريح عرضه فى العيد. بل تم العرض الخاص فى نفس اليوم المحدد له من قبل. موقف محترم فى توقيت صعب وملتبس لا نستطيع نحن فى الأسرة الصحفية الآن أن نقلده. لأن دروبنا متباينة، انتشرت الفتن داخل أبناء المهنة لأهداف ومطامع مختلفة. كنت أظن أن قانون الصحافة الجديد فرصة للم الشمل، باعتباره مليئا بالعوار والمخاطر التى تهدد الجميع بلا استثناء سواء فى الصحافة القومية أو الخاصة أو المواقع وصولاً لـ«السوشيال ميديا»، لكن خاب ظنى. لم أعثر على بيان رسمى- حتى الآن- من نقابة الصحفيين حول رأيها فى القانون. على الأقل، كنت أتمنى على نقيبنا الصديق عبدالمحسن سلامة الذى ساندناه طويلاً وساندنا أيضًا، أن ينطلق «وهو رجل دولة» من تجاهل المشروع حقا أصيلا له ولنقابته فى أن يعرض عليهم نص المشروع، وذلك بموجب نص المادة 77 من الدستور، التى تنص على أن «يؤخذ رأى النقابات المهنية فى مشروعات القوانين المتعلقة بها». لم تخصص النقابة اجتماعًا تناقش فيه تداعيات القانون ورأيها الرسمى بشأنه.
لم يكتب أى من رؤساء تحرير الصحف القومية أو رؤساء مجالس الإدارة حول هذا الأمر، رغم أن مواد القانون تدمر الشكل التقليدى للإدارة الصحفية، وتحيل الأمر للهيئة الوطنية للصحافة، التى توسعت سلطاتها والمهام الإدارية والمالية والصحفية الموكلة إليها، وعلى حد علمى فإنها هيئة فقيرة للغاية. معظم المؤسسات القومية فى حاجة إلى إصلاح- ومعها المؤسسات الخاصة بالطبع- وبعض الصحف وكذلك الإصدارات المتخصصة تحتاج إلى دمج وإلى إعادة نظر، ولكن ذلك كان ينبغى أن يتم فوق كل حالة وفى ظروف كل مؤسسة ووفقًا لجماهيرية كل إصدار. كانت وزيرة التخطيط هالة السعيد ومن قبلها الوزير أشرف العربى يقومان بهذا الأمر وفق خطة اقتصادية محكمة. الآن، هناك تخبط وحالة استعجال لإصدار قانون ملىء بالعيوب والثغرات. وأعلم أن الصديق والزميل أسامة هيكل، رئيس لجنة الثقافة والإعلام بمجلس النواب، حاول على قدر استطاعته تحسين صورة القانون وصياغته. ونجح فى أمور كثيرة، ثم خرج القانون هكذا. والآن أنا أخشى أن يصل القانون «المعيب» سريعًا إلى المحكمة الدستورية ويتم إسقاطه، هناك خمس مواد على الأقل تتعارض مع الدستور. أخشى أن نعير به دوليًّا وإقليميًّا. ونحن بلد له إنجاز حضارى فى الصحافة والإعلام. علَّمنا أشقاءنا العرب. أساتذتنا سافروا للعواصم العربية وأصدروا صحفًا هناك، والآن هم تقدموا ونحن نتقهقر بشكل متعمد ومريب. هل هناك إرادة لذلك؟!. كل ما فى الأمر أن لدينا استسهالا واستخفافا من بعض الهيئات التشريعية والتنفيذية التى لا تحترم الدستور ولا تهتم بتاريخ هذا الشعب ولا بسجل تضحياته وإنجازاته.
«الدراما السياسية»
شاهدت مقابلة مع الرئيس التركى يتحدث فيها بكل فخر وتقدير عن مسلسل «أرطغرل»، وكيف أنه يلغى كل مواعيده وارتباطاته فى توقيت عرض المسلسل الذى يحكى التاريخ الأول للدولة العثمانية. هو عمل غنى وضخم، تكلف مئات الملايين. الدولة هناك لم تبخل عليه بشىء، رئيس الدولة يقول ذلك. ورغمًا عن مقاطعة القنوات العربية للمسلسل، فإن قنوات قطرية وتركية حققت نسب مشاهدة عالية له بين المصريين. وحاليًا أتابع مسلسل «هارون الرشيد». هو الوحيد الذى حرصت على مشاهدته يوميًا. فى الثانية صباحًا على قناة «المحور». هو إنتاج إماراتى، أما المؤلف والمخرج والممثلون فهم سوريون وخليجيون. الإنتاج رائع والأداء يفوق كثيراً من أعمالنا التى تعرض حاليًا. وما يشغلنى فى هذا العمل كما شغلنى وأنا اقرأ عن «أرطغرل» الاستخدام السياسى للدراما.
المسلسل التركى يثبت به أردوغان لشعبه وللعرب والمسلمين ما فعله أجداده لنصرة المسلمين. أنا أرى أن الدولة العثمانية كانت ظلامية وأكبر أسباب نكبات المسلمين منذ إنشائها. مسلسل هارون، ورغم أنه دقيق تاريخيًا، يركز على الدور «الخبيث» للبرامكة حول «هارون»، وكيف كانت أفعالهم الشريرة مبرراً للتخلص منهم. لم تفارقنى وأنا أشاهد هذا العمل كثيرٌ من الإسقاطات عن «الفرس» ودورهم، وإسقاط ذلك على الدور الإيرانى فى الخليج والعراق!.
لدينا كنوز تاريخية نستطيع أن نمزج خلالها الدراما بالتاريخ. بالسياسة لماذا لا ننتج أعمالاً عن دورنا فى تحقيق الوحدة العربية، ما قمنا به فى الشام، فتوحات محمد على حين وصل إلى أعتاب أوروبا؟!. أقرأ حاليًا روايتى «كتيبة سوداء» و«عتبات الجنة»، فيهما بطولات مصرية تشبه الأساطير فى مجاهل أفريقيا وأمريكا الجنوبية. استخدمنا الدراما سياسيًا فى أفلام عديدة ارتبطت بثورة يوليو، ثم ما سماه السادات بعد ذلك «ثورة التصحيح»، ومن قبل فى فيلمى «صلاح الدين» و«القادسية»، الآن لدينا ما يزيد على ثلاثين مسلسلاً فى رمضان، وجميعها إنتاج مصرى، لا يوجد عمل تاريخى أو سياسى واحد. ليت شركات الإنتاج، خاصة التابعة لجهات سيادية، تنتبه لذلك.
57357 مجدداً
قرأت ما كتبه الأديب الكبير وحيد حامد فى «المصرى اليوم» عن مستشفى 57357، ولكنى كنت قد قرأت تحقيق الزميل أسامة داوود فى «فيتو» قبل ذلك بأسبوع عن نفس القضية المتعلقة بمخالفات المستشفى ومديريه. وأؤكد أن معظم ما نشره حامد هو تكرار لما نشره داوود، أو أن مصدرهما واحد. ثم إن هناك عدم دقة فى بعض التفاصيل، خاصة ما يقوله عن نسب الشفاء. قرأت بعد ذلك ما كتبه الزميل والصديق عصام كامل، رئيس تحرير «فيتو»، حول اجتماعه برئيس مجلس الأمناء د. شريف أبوالنجا، لمناقشة ما جاء فى تحقيق جريدته. وبعد ذلك نشر الأستاذ محمود التهامى بيانًا، فى صيغة مقال، ينفى فيه كثيراً مما قاله الأستاذ وحيد حامد.
الموضوع ملتبس للغاية. ونحن نريد مزيداً من الشفافية. موضوع التبرعات ملىء بالأشواك والرقابة فيه ضائعة. نشرت الأسبوع الماضى سطوراً باقتراح حول صدقة جارية باسم الصحفيين على روح مجدى مهنا فى مستشفى 500500، فوجدت نفسى وسط رأيين متضاربين للغاية حوله. والغريب أنهما من قامتين إداريتين قريبتين للغاية من المستشفى.
أتمنى الخير لمستشفى 57357، أتمنى تدخلا من وزارة التضامن، بل تدخل الوزيرة شخصيًا، وقبل ذلك المزيد من الشفافية من إدارة المستشفى وعدم التعالى على أحد، مع تقليل الإنفاق الاستعراضى على الإعلانات.
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع