عصر يوم الجمعة الماضى سألتنى محطتان فضائيتان دوليتان هما «بى بى سى» البريطانية و«دويتشه فيله» الألمانية، عن احتمال وجود علاقة بين بدء العملية الشاملة «سيناء 2018» للقضاء على الإرهاب، وبين انتخابات رئاسة الجمهورية التى ستبدأ بعد نحو شهر تقريبا؟
قلت فى الإجابة، اننى لا أرى اطلاقا أى علاقة بين الحدثين، ولا أظن أنه يخطر على بال غالبية المصريين وجود مثل هذه العلاقة.
أولا: هدف القضاء على الإرهاب موجود أمام جميع الحكومات المصرية التى جاءت بعد 30 يونيه 2013، وهو الموعد الذى انفجر فيه الإرهاب بصورة شاملة انتقاما لطرد جماعة الإخوان من السلطة. ورأينا عمليات وحملات قوية مشابهة مثل «النسر» و«حق الشهيد» ووقتها لم يتم ربطها بأى أحداث سياسية.
ثانيا وهذا هو الأهم: ما الذى ستضيفه هذه العملية للمرشح الرئاسى عبدالفتاح السيسى كما يتخيل البعض؟
كان يمكن أن نخمن هذا المعنى لو أن هناك منافسة انتخابية ساخنة أو بها أكثر من مرشح ذى وزن ثقيل، أما وأن الانتخابات شبه محسومة بنسبة 3689٪ لمصلحة السيسى فإن الربط بين العملية والانتخابات أمر كوميدى إلى حد كبير!!
المحطتان BBC و DW سألتانى أيضا عن مغزى التوقيت، ولماذا بدأت الان؟
ردى كان أن العنصر الأساسى فى العملية هو اقتراب نهاية المهلة التى طلبها السيسى من الفريق محمد فريد حجازى رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية فى 29 نوفمبر الماضى، خلال كلمة الرئيس فى الاحتفال بالمولد النبوى الشريف للقضاء على الإرهاب فى هذا الوقت انصدمت مصر ومعها العالم بأكمله بالعملية الإجرامية الأكبر فى التاريخ المصرى، حينما سقط أكثر من 300 شهيد كانوا يؤدون صلاة الجمعة فى مسجد الروضة فى منطقة بئر العبد بوسط سيناء يوم الجمعة الموافق 24 نوفمبر الماضى.
فى 29 نوفمبر خاطب السيسى رئيس الاركان قائلا: «أنت مسئول خلال 3 شهور عن استعادة الأمن والاستقرار فى سيناء بالتعاون مع وزارة الداخلية.. خلال 3 شهور تستعيد مصر بفضل الله سبحانه وتعالى وجهدكم وتضحياتكم أنت والشرطة المدنية الاستقرار فى سيناء وتستخدم كل القوة الغاشمة، كل القوة الغاشمة».
بعد نهاية كلمة الرئيس وقف رئيس الأركان وأدى له التحية العسكرية استجابة للتوجيه للأمر العسكرى.
تعبير «القوة الغاشمة» لم يكن جديدا فى هذا اليوم، بل استخدمه الرئيس فى كلمته المتلفزة عقب وقوع عملية الروضة مباشرة، يومها ظن البعض أن الرئيس ربما لم يكن يقصد الكلمة نصا، لكن تكراره للكلمة فى حديثه لرئيس الأركان، لم يترك أى مجال للشك، ثم عاد واستخدم تعبيرات مماثلة على هامش تصريحاته عقب افتتاح بعض المشروعات التنموية.
نعود إلى سؤال التوقيت وسوف نكتشف أن المهلة ستنتهى اخر فبراير الحالى، وهو ما يجعلنا نخمن بأن العملية قد تستمر طوال هذه الفترة أو قبلها بقليل.
يقول البعض ايضا ان هدف العملية، هو اشغال الشعب واغراقه فى دوامة الحرب على الارهاب، التى لا تنتهى، ليفعل النظام ما يشاء.
سنفترض ان هذا الاستنتاج صحيح، ونسأل: هل معنى ذلك ان يتوقف الجيش والشرطة عن شن عمليات كبرى ضد الارهابيين، ليثبت حسن نواياه؟!، ثم الا توجد حملات كبرى مماثلة تشنها الجيوش فى الدول المجاورة بين الحين والاخر؟!
عموما فى السياسة كل شىءوارد، لكن الفيصل بالنسبة لى هو النتائج المتحققة على الارض، ومحاربة الارهابيين بكل الوسائل وفى مختلف الاوقات. نتمنى كل التوفيق لقوات الجيش والشرطة فى أداء المهمة القومية.
فى المقابل نكرر ما نكتبه دائما وهو ضرورة أن تكون أى عملية، سواء كانت صغيرة أو متوسطة أو كبيرة، فى إطار رؤية شاملة لمستقبل سيناء، وإحباط مخططات تحويلها وطنا بديلا للأشقاء الفلسطينيين، كما تحلم قوى وبلدان كثيرة فى مقدمتها إسرائيل والولايات المتحدة.
زرع سيناء بالمستوطنات البشرية، سيقضى آليا ليس فقط على الإرهاب بل على كل المخططات الجهنمية الخارجية، وبالتالى فإنه مع اليد التى تحارب الإرهاب، مطلوب تسريع اليد الأخرى التى تقيم المشروعات التنموية، خصوصا الاستراتيجية منها، مثل الأنفاق تحت القناة والمساكن والمصانع الجديدة، شرط أن يكون كل ذلك مصحوبا بكسب عقول وقلوب أبناء سيناء، حتى لا يتحول بعضهم لبيئة حاضنة للإرهاب.
نقلا عن الشروق القاهريه