توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المال القطري هو عدوّ قطر

  مصر اليوم -

المال القطري هو عدوّ قطر

بقلم : فهد الدغيثر

منذ انقلاب حمد بن خليفة على والده قبل أكثر من 23 عاماً وسياسة قطر الخارجية آخذة بالشذوذ عن بقية دول الخليج العربي. كأن لسان حال الأمير الجديد يقول أريد أن تتحول قطر إلى دولة مؤثرة وفاعلة في المنطقة بدلاً من كونها تابعة فقط لسياسات الدول الأكبر منها، وعلى رغم أن الفكرة في حد ذاتها جيدة ولا يوجد عيب في تحقيق مثل هذا الطموح إن كان سيساهم في تنمية دول الخليج وشعوبها، إلا أن الهدف الذي رسمته قطر لنفسها كي تنتقل إلى هذه الدولة الجديدة لم يكن مدروساً بعناية. الحال القطرية بالطبع تختلف عن حال كوريا الجنوبية أو سنغافوره أو الإمارات العربية المتحدة التي تشترك جميعها في عناصر مؤثرة ومحفزة على التطور والتغيير، إذ لا يوجد لدى قطر غير المال الذي يأتي من مبيعات الغاز، لذلك فالسؤال إذاً كيف يمكن توظيف هذا المال؟ وما الذي قد يتحقق من ذلك؟

تزامن هذا الانقلاب مع فترة ما بعد تحرير الكويت مطلع التسعينات من القرن الماضي وما صاحب ذلك من اكتشاف فراغ إعلامي هائل في القنوات الإخبارية العربية، تبعه تنافس إعلامي بين عدد من مؤسسات دول الخليج، لسد هذا الفراغ. هنا دخلت قطر في المنافسة، والتقطت بقايا من كان يعمل في BBC العربية بعد إغلاقها في ذلك الوقت، وأسست قناة إخبارية جديدة سمتها «الجزيرة» في الربع الأخير من العام 1996. ظهرت القناة بشكل مبهر في تقديمها وانضباط مذيعيها وتنوع مصادرها، واكتسبت شعبية عربية طاغية. هنا برأيي بدأ الانحراف والنزف المالي والمعنوي الذي تعاني منه قطر حتى اليوم.

نتذكر منتصف التسعينات الميلادية من القرن الماضي، عندما بدأت منظمة «القاعدة» في شن الهجمات داخل السعودية، وكان أولها تفجير السيارة المفخخة بالقرب من مبنى يضم خبراء تدريب أميركيين تابع للحرس الوطني السعودي في شارع الثلاثين بالرياض. وفي تشرين الثاني (نوفمبر) من العام الذي يليه، وقع تفجير أبراج الخبر بتخطيط من «حزب الله» اللبناني، غير أن الحدث الأبرز كان تفجيرات الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) 2001 في الولايات المتحدة. عادت التفجيرات إلى الداخل السعودي في العام 2003 و2004.

ما لفت أنظار المراقبين في منطقة الخليج وأصابهم بالذهول هو الانحياز الإعلامي الذي برز مع التغطية الإعلامية لهذه الأعمال الإجرامية بواسطة قناة «الجزيرة» القطرية، لم تكتف هذه القناة بتوجيه رسائلها المشبوهة التي تحمل تبريرات واهية للإرهاب، بل دأبت على استضافة زعيم «القاعدة» نفسه، وأفرغت له الساعات والدقائق ليتحدث كيف يشاء، تماماً كما تفعل اليوم مع عبدالملك الحوثي، غير أن الفارق بين الأمس واليوم أننا في منطقة الخليج كنا نرى قطر شقيقاً وحليفاً بالأمس، ونملك الكثير من الأمل بأن ما يحدث في القناة هو ربما جهل أو أخطاء أو حتى اختراق، بينما مشهد اليوم يوضح لنا عدواً يقف في الخطوط الأمامية والخلفية لإلحاق الضرر بدول الخليج ومصر ويتعرض للرموز، بل انضم أخيراً إلى الدعم الواضح لجماعة الحوثي في اليمن، ظهر ذلك إلى العلن وانكشف بالطبع بعد المقاطعة، بل ارتفعت وتيرة توظيف المتحدثين والمعلقين بشكل ملفت.

أخيراً وجدنا مؤسسات إعلامية عريقة تم اختراقها بالمال، مثل «واشنطن بوست» و «رويترز» وغيرها، وأثناء كتابة هذه المقالة تطالعنا صحيفة «وول ستريت جورنال» بتقرير يشير إلى استهداف قطر أكثر من 250 شخصية أميركية معتبرة قد تملك بعض التأثير على سياسات الرئيس ترامب، في مقدمتهم المحامي الشهير درشوتز، والمرشح الرئاسي السابق ماكابي. وتشير الصحيفة أيضاً الى مضاعفة إنفاق قطر على توظيف هؤلاء وعلى مؤسسات العلاقات العامة إلى أربع مرات مقارنة بما كان يدفع قبل المقاطعة.

من الناحية الأخرى، فقد سبق ذلك فوز قطر بتنظيم كأس العالم 2022، وما صاحبه من رشاوى بالملايين لشراء الأصوات ورصد البلايين لبناء ملاعب لكرة القدم تفوق حاجة قطر للمئة عام المقبلة، أيضاً وفي قطاع آخر، تم بناء الناقل الجوي الضخم المتمثل في «طيران قطر»، وتم حجز مئات الطائرات العملاقة الحديثة، ثم بناء مطار حمد الدولي الذي يعتبر تحفة جميلة ونادرة بين مطارات العالم. وجود هذه المشاريع الطموحة حتى لو تحقق بعضها من طريق الرشوة، كان كفيلاً بتميز قطر وظهورها لاعباً دولياً مهماً في المنطقة والعالم، لو وجدت الحكومة الراشدة التي تدرك وتستوعب عوامل النجاح وعوامل المخاطرة.

اليوم، وبفضل قصور الرؤية وارتكاب الكثير من الحماقات، لا نرى إلا قطر المعزولة الخالية من الأصدقاء الذين يعتد بصداقاتهم، وبجانب ذلك النزف الهائل المستمر من الأموال القطرية التي تتم بعثرتها في كل اتجاه من دون أي مردود اقتصادي أو سياسي حقيقي أو حتى معنوي.

جغرافياً وسياسياً، ومع شدة وطأة المقاطعة والارتباك وعدم الثقة في النفس، لجأت قطر إلى إيران وتركيا، في محاولة إبراز نوع من القوة. المؤسف لقطر أن من لجأت لهم هم أنفسهم يعانون من مقاطعة أخرى أكبر وأهم. الرئيس ترامب مزق الاتفاق النووي، وأعاد إيران إلى زمن ما قبل التوقيع، واليوم تئن تحت وطأة العقوبات الصارمة بشكل لم يسبق له مثيل. تركيا هي الأخرى تعاني من سياسة أردوغان التنموية المعتمدة على المبالغة في الاقتراض، عندما كانت نسب الفائدة البنكية ضئيلة. ها هي عملة تركيا تهوي إلى مستويات قياسية ومرشحة للمزيد من الهبوط بعد فشل الحكومة في تسديد التزاماتها. ماذا تفعل قطر الآن وإيران وتركيا بحاجة للمال؟ قبل عشرة أيام جرى استدعاء تميم إلى تركيا، وبعد لقاء سريع مع أردوغان أعلن عن دعم قطر لتركيا بمبلغ 15 بليون دولار، ولا نعلم حتى الآن عن متطلبات إيران والاستمرار في دعم الجهات الإعلامية المكلفة بالهجوم على دول المقاطعة.

هكذا نشاهد نهاية الأحلام الوردية التي خطط لها حمد بن خليفة وحمد بن جاسم بعد شعورهما بنوع من الغرور الزائف والتي كان في مقدمها سقوط حكومة السعودية والأمل بضم المنطقة الشرقية السعودية لإمارتهم كما أوضحت التسجيلات. الغريب ليس وجود تلك المؤامرة بل الاستمرار بالتوجه ذاته، على رغم فشلها الفاضح. هل المال كفيل هنا بإزالة مثل هذا العار؟ هل يكفي المال فقط لمواجهة دولة كبرى كالسعودية أو مصر؟

لا أعتقد ولا أظن بأن «الحمدين» لديهما الاستيعاب المطلوب لإدراك هذه الحقيقة. من هنا ستستمر قطر على هذا النهج المعيب الذي يدل بوضوح أن عدو قطر الحقيقي هو في حقيقة الأمر المال. لا شك لدي في أنه لولا هذه «الدراهم» لتوقفت قطر منذ اللحظة الأولى عن تبني هذا السلوك المجنون، ولا أشك اليوم بأنها ستتوقف حتى يتم صرف آخر بليون في خزينتها. المشهد باختصار يمثل حال نفسية تعبر بالحركة البطيئة عن صرع وانهيار وانتحار دولة.

نقلا عن الحياة اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المال القطري هو عدوّ قطر المال القطري هو عدوّ قطر



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon