توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«الهولوكوست» والعودة بحرا وبرا

  مصر اليوم -

«الهولوكوست» والعودة بحرا وبرا

بقلم : د. عبد العليم محمد

 القوة السافرة مهما تكن قدرتها على القتل والتدمير غالبا تقصر عن تحقيق أهدافها، أو على الأقل تتعثر فى تحقيق هذه الأهداف المنوطة بها، فى حين أن تغليف هذه القوة بدعاوى أخلاقية وقيمية وحضارية، يدعم فاعلية هذه القوة وتأثيرها، ويغطى على تداعيات استخدامها الكارثية، ومن ثم فإننا نجد فى التاريخ سواء منه الوسيط أو الحديث أو المعاصر أن استخدام القوة ترافق دوما مع شعارات وقيم تخفى حقيقة المصالح التى تحرك استخدام هذه القوة، فالصليب فى الحروب التى انتسبت إليه، كان براء منها والدفاع عن العالم المسيحى والمسيحية لم يكن سوى شعار يخفى أزمات ومصالح القوى والإمبراطوريات الأوروبية، التى قادت هذه الحملات.

فى الحالة الإسرائيلية كان استخدام القوة فى معظم المراحل وحتى الآن مغلفا «بالاستقلال» تارة وبالدفاع الشرعى عن النفس تارة أخرى ومحاربة «الإرهاب» الفلسطينى تارة ثالثة، ومن خلال الحرب الدعائية والنفسية الصهيونية والإسرائيلية والدوائر التى ترتبط بها فى الغرب يبدو أن إسرائيل حتى الآن تكسب الجولة الأخلاقية وتخفى حقيقة استخدام قوتها تحت شعارات أخلاقية وقيمية، فهى الدولة الديمقراطية وامتداد للحضارة الغربية فى المنطقة العربية وتدعى «نبل السلاح» الذى تستخدمه لمواجهة الإرهاب وتحقيق الأمن.

وفى هذه اللحظات الفارقة فى تاريخ القضية الفلسطينية يبدو أن استراتيجية المواجهة الراهنة لابد أن تأخذ فى اعتبارها ضرورة نزع الغطاء الأخلاقى عن إسرائيل، وكشف طبيعة عنصريتها إزاء العرب والفلسطينيين، وهى المعركة التى يبدو أننا حتى الآن لم نخضها بعد.

وهذا الطريق الطويل الذى علينا شعوبا وحكومات ومنظمات مجتمع مدنى أن نسير فيه، قد يبدأ بخطوة ألا وهى مطالبة المجتمع الدولى ومنظماته وهيئاته بانطباق جريمة «الهولوكست» أو جريمة الإبادة على الشعب الفلسطينى عبر ملف تاريخى موثق حول عمليات التطهير العرقى والطرد والتشريد والتمييز العنصرى الذى مارسته إسرائيل قبل وبعد نشأة الدولة.

طالب الأرمن بذلك فى عام 1987 أى بانطباق جريمة الإبادة على ما تعرض له الأرمن فى تركيا عامى 1915، 1916 وحصلوا على اعتراف البرلمان الأوروبى بانطباق هذا المفهوم عليهم فى وثيقة تاريخية صادرة عنه.

والهدف بالتأكيد فى الحالة الإسرائيلية هو كسر احتكار إسرائيل واليهود «للهولوكست» وإنهاء التفرد والاستثنائية التى يحظى بها اليهود لأن ذلك أفضى إلى استمرار اليهود فى اعتبارهم الضحية الأولى، ووضعهم فى صدارة المعاناة الإنسانية.

مطالبة المجتمع الدولى بذلك يعنى مطالبته بعدم وضع تراتبية للمعاناة، ذلك ان كافة أشكال المعاناة إنسانية وتستحق الإدانة والاستنكار، اليهود، الأرمن الشعب الفلسطينى، العبودية، الهنود الحمر، ويجب إنهاء التمييز فى المعاناة وتفضيل إحداها على الأخرى وحتى بافتراض عدم نجاح العرب حكومات وشعوب ومجتمع مدنى فى تحقيق هذا الهدف، فإنه بلا شك ستفضى هذه المحاولة للفت أنظار قطاعات كبيرة من الرأى العام الغربى نحو ما يجرى فى أرض فلسطين وسيتساءل الكثيرون هل حقا ارتكبت إسرائيل جريمة «الهولوكوست» بحق الشعب الفلسطينى وسيضطرون للاطلاع على الرواية العربية الفلسطينية الغائبة خاصة فى هذه الآونة التى تزداد فيها المقاطعة الرسمية والشعبية لإسرائيل فى العديد من الدوائر الغربية. ربما يجد الإسرائيليون فى ذلك محاولة لسرقة تاريخهم على غرار ما صرح به «إسحق شاهير» لدى إعداد منظمة التحرير الفلسطينية فى عام 1987 سفينة العودة عقب إبعاد إسرائيل لبعض المدنيين الفلسطينيين، وهى العملية التى أدانها مجلس الأمن فى قراره رقم 607، صرح شامير حينئذ قائلا «إنهم يسرقون تاريخنا» فى إشارة إلى السفينة التى كانت تحمل المهاجرين اليهود «إس إس باتريا» عام 1939 ورفضت سلطات الانتداب البريطانى آنذاك السماح لهؤلاء المهاجرين بالنزول إلى شواطئ فلسطين فى مدينة حيفا، نظرا لأنها كانت قد حددت أعداد هؤلاء المهاجرين، ورغم أن الوكالة اليهودية قد حاولت إثناء سلطات الانتداب عن هذا القرار؛ إلا أنها لم تنجح فى ذلك، وحينئذ كلف موسى شاريت وكان مسئول الدائرة السياسية بالوكالة اليهودية عن طريق عصابات «الهاجاناه» بتفجير السفينة وقام عملاء «الهاجاناه» بوضع متفجرات بجوار محركات السفينة وراح ضحية هذه العملية ما يقرب من 260 مهاجرا وأصيب 172 آخرون.

لقد ساهم الفلسطينيون فى إنقاذ ضحايا «إس إس باتريا» وأمدوهم فى ميناء حيفا بالملابس والأغطية والأغذية ومن بين من أنقذوهم بعض من أصبحوا ضباطا فى جيش الدفاع الإسرائيلى وقاموا بالعديد من العمليات الإرهابية ضد الفلسطينيين، وكأنهم فقدوا إنسانيتهم وذاكرتهم.

كذلك فعلت الموساد بسفينة العودة الفلسطينية حينما قام عملاؤه بتفجير السفينة، وتعطلت عن الإبحار إلى فلسطين.

العودة الفلسطينية آتية لا ريب فيها إن عن طريق البحر أو البر، فالشعب الفلسطينى لا يزال وبعد مائة عام من المقاومة قادرا على صنع الدهشة وابتكار الوسائل الجديدة والسلمية وغير المسبوقة لفرض قضيته على مختلف الدوائر، وفى مواجهة من يريدون تصفية قضيته ويعرف الشعب الفلسطينى قواعد الاشتباك المدنى والسلمى فى ظل اختلال موازين القوى.

نقلا عن الآهرام القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 13:43 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

دولة في غزة كُبرى؟

GMT 11:56 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الوطن والشعب.. وأنا

GMT 08:20 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

درع العرب (1) نواة القوة المشتركة

GMT 09:54 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

مسقط... رؤية مختلفة

GMT 08:32 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

عودة الوحش

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الهولوكوست» والعودة بحرا وبرا «الهولوكوست» والعودة بحرا وبرا



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon