بقلم - جلال عارف
ما يحدث الآن هو كارثة تضاف إلي كوارث أخري تلتهم الأرض الزراعية لتقيم المباني المخالفة ربما كانت أشرس هذه الكوارث ما حدث حين غاب الأمن خلال ظروف الثورة، فاستبيحت أخصب أراضينا الزراعية لتقام عليها كتل الأسمنت والطوب الأحمر، كما استبيحت مدن كانت بديعة الحسن مثل الإسكندرية، لتهدم الڤيلات الصغيرة الجميلة وتقام بدلاً منها أبراج.. معظمها الآن مهدد بالانهيار ! !
الآن ينظر مجلس النواب مشروعاً بقانون للتصالح علي مخالفات البناء. ومنذ أن أصبح معروفاً أن هناك ضوءاً أخضر لتمرير مشروع القانون، بدأ سباق جديد علي البناء المخالف، وعلي التهام الأرض الزراعية، وعلي زرع الأبراج الاسمنتية دون انتظار لتراخيص رسمية أو تحقق من سلامة البناء .
رئيس لجنة الإسكان بمجلس النواب قال أخيراً إن لدينا 1.8 مليون مبني مخالف!! إذا كان هذا صحيحاً، فإنها مصيبة تستحق أن نحاكم عليها كل المسئولين عن المحليات لعقود مضت، وكل من وجهوا جهود الإسكان لبناء المنتجعات الفاخرة بدلاً من تدبير المساكن اللائقة للطبقات الفقيرة والمتوسطة.. لتكون النتيجة فسادا يستغل حاجة الناس إلي المأوي، ويحتمي بفساد أكبر »يبرطع» في أراضي الدولة أو يخالف كل القوانين محتميا بثروته، ومنتظراً قوانين التصالح التي تتخذ من »مخالفات» الفقراء لايجاد مأوي، سبيلا لتمرير »جرائم» الكبار الذين أخذوا أراضي الدولة بالمجان تقريباً. ليحولوها إلي مزارع منتجة، فحولوها إلي منتجعات فاخرة، وإلي ثروات حرام ترفض حتي الآن أن تمثل للقانون وأن تعيد للدولة حقوقها ! !
القانون المقترح للتصالح في مخالفات البناء يعطي ثلاثة شهور مهلة لمن خالفوا ليقوموا بتصحيح أوضاعهم بشرط استيفاء شروط السلامة للعقار المخالف ولا أعرف كيف سيتم التحقق من ذلك خلال الشهور الثلاثة ومع حجم المباني المخالفة الذي يصل إلي 1.8 مليون مبني وفقا لما أعلنه رئيس لجنة الإسكان بمجلس النواب!!.. ومع ذلك يبقي أن نستمع لتحذير وزير الإسكان من سباق علي البناء المخالف يحدث الآن.
أوقفوا المأساة.. ثم تعالوا لنتصالح كما تريدون، أو لنتحاسب كما يفرض الدستور والقانون.. ليكون »التصالح» عنوانا للعدالة وتحقيقا للمصلحة العامة، وليس انحيازا للأقوي، أو تقنينا للجريمة ! !
نقلا عن الاخبار القاهريه